عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الدولة الواثقة والأمن الوطني

بعد تفجيرات بوسطن بيومين كان المسئوليون الأمريكان حائرين، خيوط البحث والمتابعة مقطوعة ، والضغط الشعبي يزداد مع كل ساعة تمر عليهم، والأمن مستنفر، والتحقيقات شملت العشرات، والنتيجة صفر، فظهر المحللون المختصون في القضايا الأمنية، ومحللوهم ليسوا مزيفين كما محللينا الذين يأخذون الألقاب المجانية

من قنواتنا الفضائية، قالوا إن أمن بوسطن غير محترف، ويعمل بعشوائية، ولابد من عمل احترافي يكشف حقيقة ما حدث ومن يقف خلف التفجير، ولا يضرنا الاستعانة بتجارب الآخرين، كان الحوار على الهواء مباشرة في قناة اخبارية هي الأشهر عالمياً، وعندما عجزت الخبرة والدراسة عن وضع تصور ناجع لعملية مطاردة الأشباح اقترح أحدهم تطبيق «نظرية دبي»، ولا أخفي عليكم ان ذكر اسم دبي شد انتباهي أكثر لمتابعة ذلك الحوار، واسترسل المتحدث، واستفاض في شرح نظرية تجميع الخيوط من كاميرات التصوير في المباني المحيطة بمكان التفجير، وفي المحلات التجارية، وعند إشارات المرور، وفي محطات المترو، وابحثوا عبر التسلسل الزمني والمكاني عن الذين كانوا يحملون حقيبة مشابهة لتلك التي وضعت بداخلها المتفجرات، فذلك ما حدث عندما اشتبهت شرطة دبي في سبب وفاة محمود المبحوح القيادي بحماس، تلك الوفاة التي تبدو طبيعية للإنسان العادي، ولكنها تحمل علامات شك عندما تتعلق بشخص مطلوب لأجهزة دول كثيرة، وكان الفكر الأمني القائم على العلم والتقنية الحديثة هو الفيصل في تلك القضية ، وهو الذي أسس لنظرية دولية جديدة.
ذلك الحوار كان يدور ظهر الأربعاء بتوقيت شرق الولايات المتحدة، وفي الساعات الأولى من فجر الجمعة كانت الأجهزة الأمنية قد حددت اللذين يقفان خلف التفجير، ونشرت صورهما، الملتقطة من عدة جهات، أوصلتهم «نظرية دبي» إلى المجرمين، ولم يمر يوم الجمعة قبل أن يسدل الستار على مأساة جديدة يصنعها من شتت فكرهم وتلاعبت الأيدي الجاهلة بعقولهم حتى استباحوا دماء الأبرياء .
وما بين الأربعاء والجمعة كان الخميس ، وفي ذلك اليوم أعلنت الجهات المعنية في دولة الإمارات القبض على خلية إرهابية تتبع تنظيم القاعدة، وتضم أشخاصاً من دول عربية، كانت تهدف إلى زعزعة الأمن في الإمارات والدول المجاورة، وتعمل على نشر فكر القاعدة وتمويلها، وهذه الخلية الإرهابية الثانية التي تسقطها أجهزة الأمن الوطني في الإمارات خلال ثلاثة أشهر، بخلاف خلايا التنظيم الإخواني المحلي والدولي، والذي يزعم أنه يهدف إلى نشر الدعوة والإصلاح، وأثبتت الأيام انهم ليسوا سوى «دمى» تحركهم أطراف خفية تهدف إلى نشر الفوضى وشق الصف الوطني لتحقيق أغراض «الجماعة» التي أصبحت دون ملامح منذ أن قفزت على كراسي الحكم في بعض الدول، وقد أثبتت الأدلة التي عرضت في محاكمة التنظيم المحلي بالصوت والصورة أن «الإخوان» قد انتقلوا فعلاً من «الدعوة»

إلى «الطمع في الحكم»، وان أجهزة الأمن بالإمارات لم تقدم على خطوة القبض على ما يقارب 80 شخصاً منهم، والتحقيق معهم، ومن ثم تقديمهم للمحاكمة لو لم تملك من القرائن ما يثبت تورطهم في عمل يخالف القانون، ويهدف إلى إحداث الفوضى لتحقيق مخططاتهم السرية، خاصة أن أجهزة الأمن في الإمارات بعيدة عن ممارسات الأجهزة الأمنية في الدول الأخرى، ولم يعرف عنها انها اعتقلت  أحداً من قبل لمجرد شبهة أو لانتمائه إلى فكر معين، فهذه البلاد يعيش فيها قرابة 200 جنسية، ولكل جنسية ثقافتها وعقيدتها وفكرها، وكان «الإخوان» من الدول العربية وبعض الدول الأسيوية يعيشون فيها بأمن وسلام، وكانت اتجاهاتهم معروفة للعامة وليس للخاصة فقط، وما كان فكر «البنا» أو «سيد قطب»  أو «سعيد حوا» أو غيرهم يخيف الدولة وأجهزتها، وقد عمل «الإخوان» مع كل الملل والأطياف ولما يضاروا في شيء ، لسبب واحد ، وهو التزامهم بالقوانين والأنظمة في الإمارات، وعندما خرجوا على القانون اخذوا بالقانون.
صحيح أن الإمارات دولة صغيرة وحديثة ، ولكنها دولة واثقة ، وقوية بإرادتها ، وضربت مثلاً للعالم كله في مجالات التطور والبناء والتقدم، سارت على درب اختطته لنفسها دون ضجيج، وتركت الآخرين يتحدثون عنها، والتطور كما يكون في تشييد المدن الحديثة والبنى التحتية والصناعات يكون أيضاً في الحفاظ على أمن وسلامة كل من يقيم على تراب الوطن، وعندما استشهد بذلك الحوار الأمني الأمريكي وأربطه بإلقاء القبض على خلية للقاعدة، أقدم شهادة لأولئك الذين يعملون على تفتيت أمنهم الوطني وهم يجلسون على كراسي الحكم، معتقدين بأن الدول يمكن أن تدار بحجم «الزبيبة» التي ترصع الجبين، أو انها ـ أي الدول ـ يمكن أن تكون قوية وصاحبة إرادة عبر الميليشيات وعصابات الترهيب.