رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خــــيار الإخـوان

مخطئ من يظن بأن الاخوان المسلمين يمكن أن يقبلوا بالشراكة مع أي طرف آخر أو القبول بآراء ووجهات نظر من لا ينتمي إليهم .لقد تربي الاخوان على أنهم أصحاب الفكر القويم وغيرهم ناقصون من حيث الإنتماء   والاعتقاد ، عقولهم حشرت بكل المبادئ والأقاويل التى تأخذهم إلى ذلك المسلك ،

ومن مبدأ الاصلاح وإحياء السنة الذى أنطلق به مؤسسو الجماعة تحولوا فى زمن المنظرين  والمتفلسفين اللاحقين إلى مبادئ تقوم على التميز عن الآخرين ، وظهرت أدبيات " الفئة التى على حق " من بين كل فئات الأمة ، وتلاحقت مراحل التطور لدى هذه الجماعة إلى المشهد العام الذى نراه اليوم ماثلاً أمامنا " من كان منهم فقط هو الصالح والمستحق للثقة " !!

وكبرت " الآنا " عند الاخوان بعد أن ركبوا موجات الربيع العربى ، وتضخمت الذات حتى أنفجرت أقوالاً وأفعالا ، وتلاطمت المواقف والتصريحات حتى تكسرت تلك الموجة الكبيرة الشبيهة بتداعيات الأعاصير ، فإذا بالإخوان المسلمين يتلقون " صفعات " من كل إتجاه خلال بضعة أشهر من تسلقهم فوق " الفرصة السانحة " فى لحظة تشتت وذهول أطراف المجتمعات التى وصلوا فيها إلى الحكم ، فهم ظنوا أن الأوطان يمكن أن تختزل فيهم ، وبدقة أكثر ، هم أصبحوا يترجمون تلك النظريات الخادعة التى أمنوا بها ، فوقفوا على أعتاب القصور         لا يرون أحداً فى أوطانهم غير المنتمين إليهم ، وفرزت المجتمعات حسب تقسيماتهم ، وما عاد يسمح بحضور إجتماعاتهم ولقاءاتهم الوطنية لغير حاملى بطاقات الإنتماء إلى تنظيماتهم ، حتى ولو كان ذلك الإجتماع أو اللقاء منعقداً فى ستاد رياضي أو جامع !!

فى تونس ومصر وليبيا ، فى دول الربيع العربى غيب الربيع خلف سياسة الاقصاء الاخوانية ، فإذا بالخريف يحل سريعاً على تلك الجماعة التى لا يمكن أن تكون منزهة ومعصومة فى هذا الزمان ، وتساقطت الأوراق التى كانت تغطيهم ، ورقة تلو الأخرى ، وبدأت مرحلة التعرى الكبرى حتى قال أحدهم بعد ما أحدثوا فى  جمعة  كشف الحساب " أن ما أرتكبناه كان خطيئة كبرى " ، وكان يتحدث عن ضرب المتظاهرين فى ميدان التحرير بقيادته ومجموعة أخرى من رموز الاخوان ، ونزعت الورقة الأخرى بعد يومين عندما سحب قرار إقالة النائب العام نتيجة لوقفة القضاء الحر المستقل المشرفة ومعه كل القوى السياسية والمدنية بمصر ، وأعتقد أن نتيجة إنتخابات رئيس حزب الحرية والعدالة نزعت الورقة الأهم عن تلك الجماعة عندما أسقط رمز من رموز الإندفاع الاخوانى نحو الإنفراد وإقصاء الآخرين ، وكانت الهزيمة ثمناً للخطيئة التى تحدث عنها !!

يوم السابع عشر من أكتوبر كان هو يوم سقوط الورقة التى يتستر خلفها الاخوان فى تونس ، وكان يوماً عظيماً لم يشهد العالم مثله من قبل ، إعلام تونس بكل أطيافه يقف وقفة رجل واحد فى وجه الهيمنة الاخوانية الاقصائية ، وأرتجت الارض تحت أقدام الذين ظنوا أنهم قادرون على صنع دكتاتورية جديدة فى تونس ، ولم ينته اليوم إلا بإصدار مراسيم كانت قابعة فى أدراج المتسلطين منذ الأشهر الأولى للثورة ، القانون الجديد للصحافة

وقانون إستقلال المؤسسات الإعلامية ، وقبلها أسقط " الغنوشى " فى التسجيل المسرب لاجتماع سرى عقده مع جماعة السلف ورقة من أوراق خريف الاخوان ، فقد نبه زعيم حركة " النهضة " الشعب التونسى إلى أن هذه الجماعة سوف تسيطر خلال عام واحد على كل مفاصل الدولة بإبعاد من لا ينتمى اليها ، وأغرب ما يلفت النظر فى حديث " الغنوشى " أن كل من ليس إخوانياً يعتبر علمانياً ، أى خارجاً عن الملة !!

وفى ليبيا سقط خيار الاخوان بحكومته المقترحة مرتين ، فكانت تلك ضربة سريعة ، ورقة الخريف اقتلعت ولم تسقط ، ربما هى أستفادة من ما يحدث على اليمين والشمال ، فى مصر وتونس ، الليبيون رفضوا مبدأ التجربة ، تجربة تفرد الاخوان بالحكم ، فاسقطوا رئيس الوزراء الذى اختاروه لأنه لم يقدم حكومة ليبية ، وسار على درب الاقصاء الذى لا يقود إلى المستقبل المنشود، فالأقلية لا تحكم من أجل تحقيق مصالح الأكثرية ، ولكنها تكدس كل المصالح فى حجرها !!

وبعد كل ما شهدناه فى الخريف العربى اللاحق للربيع الذى كان ، وبعد أن تبين للإخوان المسلمين قبل غيرهم أنهم ليسوا" الفئة التى على حق " وليسوا منزهين أو مميزين عن سائر خلق الله ، وأنهم بشر يصيبون ويخطئون ، و أن الأوطان لا يمكن أن تكون لغير شعوبها بكل فئاتها وطوائفها ومعتقداتها وإنتماءاتها ، بعد كل ذلك ، أقول لكم ، أن الاخوان اليوم ليس أمامهم سوى خيار واحد ، هو مراجعة فكرهم وعقيدتهم ، وليس عيباً أن يراجع من أخطأ نفسه وقادته أيضاً ، فقد سبقتهم الحركات الجهادية من قبل وراجعت أسلوبها وصححت من مسارها فى " مراجعات " كتبها قادتهم من السجن ، و بإمكان الاخوان أن يستفيدوا من ذلك ، ويعودوا إلى أحضان أوطانهم ، فالقمم التى يقفون عليها اليوم رخوة ، وقد تنهار فى أية لحظة ،  والإنهيار سيقودهم إلى مواجهة أوطانهم بكل مكوناتها ، وستسقطهم الأوطان ، وكم ستكون مدوية سقطتهم  !!

------

كاتب إماراتي