عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

فى قضيتَىْ.. الاستفتــــاء والنائب العام

لا أعتقد أن الرأى العام مقتنع بموقف المعارضة من الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد للبلاد، وقد تجلى عدم هذا التأييد لما يسمى بجبهة الإنقاذ تحديدا فى الطوابير الطويلة التى تراصت أمام اللجان فى جميع القرى والنجوع والمراكز والمدن فى محافظات المرحلة الأولى من الاستفتاء.

فالكل يعلم أن أعضاء الجبهة «قلوبهم شتى»، ولكن جمعتهم المنافسة على الحكم ومعارضتهم لانفراد الإخوان بالسلطة.. وقد ساعدهم على ذلك الأخطاء التى ارتكبها الإخوان.. وعدم قوة ووضوح خطابهم الإعلامى فى إقناع فئات عديدة من المواطنين بسلامة قصدهم وحسن نيتهم.. ناهيك عن موقف الإعلام الخاص المعارض لهم.. على طول الخط!
والمشكلة أن نسبة كبيرة ممن صوتوا على الدستور فى المرحلة الأولى لم يقرأوا مواده.. وأن من صوتوا بـ «نعم» دفعهم إلى ذلك الرغبة فى الاستقرار وسرعة خروج البلاد من أزمتها الحالية.. بينما من صوتوا بـ «لا» كان دافعهم أيضا.. عاطفيا حيث اعتبروا مشروع الدستور «منتج» إخوانيا.. وهم معارضون لهم ولن يقبلوا أى شىء يقدمونه.. وبصرف النظر عن مدى صوابه أو خطئه.
أقول ذلك لأننى قرأت مشروع الدستور أكثر من مرة، كما أننى شاركت فى إحدى جلسات الجمعية التأسيسية لمناقشة النصوص الخاصة بالصحافة فى الدستور والتى لم تأت كلها كما كنا نبغى.. ومازالنا نحاول بجدية تغييرها من خلال الوعد الرئاسى بإعادة النظر فى بعض المواد المختلف حولها وتعديلها من خلال مجلس الشعب الجديد.
والإنصاف يقتضى أن نشهد بأن باب الحريات العامة والخاصة فى الدستور الجديد أفضل كثيرا مما ورد فى الدساتير المصرية السابقة، وكذلك المواد الخاصة بالمؤسسات الثلاث الأساسية فى الدولة وهى السلطة التنفيذية.. والقضائية.. والتشريعية باستثناء بعض المواد الخاصة بالمحكمة الدستورية أو بالهيئات المستقلة.. أو بالمواد الخاصة بالعزل السياسى وطريقة الانتخابات البرلمانية.
والمعنى أن المعارضة لم تكن للدستور كمشروع لا خلاف على نسبة 95% من مواده، وإنما هى معارضة سياسية.. دافعها الأساسى المنافسة على الحكم واستعداد مبكر للانتخابات البرلمانية القادمة.
نعم.. كنت أتمنى أن يتمتع مشروع الدستور بالتوافق العام قبل الاستفتاء عليه.. ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.. فكثيرا ما يفرض الواقع أحكامه.. وعلى الإنسان أن يتعامل معه إلى حين.. وحتى يستطيع أن يغيره بذات الطريقة التى فرضته من قبل.. هذه هى الديمقراطية وتلك هى أحكامها.
***
هذا عن مشروع الدستور.. أما قضية النائب العام والذى تراجع عن استقالته، فالرأى عندى قد يغضب الجميع.. ولكن لا بأس فالحق أولى بأن يتبع..
ففى رأيى أن البداية كانت خاطئة.. حيث عين النائب العام بموجب إعلان دستورى قوبل بالرفض من الجميع وهو ما اضطر رئيس الجمهورية لإلغائه وإصدار إعلان جديد.. كان من ضمن مواده تحصين التعيين للنائب العام، وفى رأيى أن من حق الرئيس قانونا أن يفعل ذلك باعتباره رئيس الدولة أولا.. وباعتباره مسئولا عن التشريع ثانيا.. وفى ظل غياب البرلمان.
والمعنى أن وجود النائب العام الجديد فى منصبه أصبح مشروعا وقانونيا.. ومن هنا لم يكن مستساغا أن يحاول شباب النيابة العامة إرهاب رئيسهم وحصار مكتبه واقتحامه وإجباره على الاستقالة.. التى ذكرتنا بما قام به أعضاء مجلس قيادة الثورة مع الملك فاروق، حيث أجبروه

على كتابة تنازل عن الحكم لولى عهده والذى كان طفلا رضيعا فى ذلك التوقيت.. يوليو 1952.
وقد كنت أعتقد أن أعضاء النيابة العامة هم أول من يحترم القانون ويطبقه.. وهم أعلم أن القانون ذاته رسم خطوات وإجراءات معينة للطعن على كل ما يخالفه.. بل كان أمامهم أن يمتنعوا عن العمل.. كما علق القضاء أعمال المحاكم، أو يحرروا مذكرة بطلبهم ويرفعونها إلى رئيس الجمهورية أو مجلس القضاء الأعلى لا أن يحاصروا رئيسهم وممثلهم.. وهو النائب العام.. ويجبروه على كتابة استقالة متسرعة.. ومن بعدها مغادرة مكتبه تحت ضغط هتافاتهم ضده!
ومن ناحية أخرى.. فقد يكون النائب العام معه حق فى العدول عن استقالته التى أجبر عليها حتى لا يكون ذلك سابقة قضائية.. يمكن تكرارها مرات أخرى.
ولكن المشكلة أنه كيف سيعمل مع مروءسين رافضين لاستمراره؟.. فأعضاء النيابة العامة هم وكلاء للنائب العام.. ويمثلونه أمام المحاكم بمختلف أرجائها.. فكيف يتمكن الوكيل من تمثيل الموكل وهو رافض له.. بل يعتقد أن وجوده غير شرعى؟.
والمعنى أن الثقة فقدت بين النائب العام ووكلائه ومن ثم لا يمكن استمرار العلاقة الإنسانية أو القانونية بين الطرفين.. وبالطبع لا يمكن التضحية بكل الوكلاء المعترضين.. خاصة أنهم غير قابلين للعزل.. بينما يمكن البحث عن مخرج جديد لتصحيح العلاقة.. وفى رأيى أن هذا المخرج يمكن أن يكون من خلال عدة بدائل.. أولها: أن يرشح المجلس الأعلى للقضاء ثلاثة مستشارين جدد لرئيس الجمهورية ليختار من بينهم النائب العام الجديد.. على أن يكون منهم النائب العام الحالى.. وحتى يستوفى التغيير فى منصب النائب العام شكله الأدبى والقانونى.
وثانيها: أن يستمر النائب العام الحالى فى عمله لمدة يتفق عليها (شهرا أو شهرين) ثم يتقدم باستقالته طواعية.
وفى رأيى أن الحل الثانى هو الأفضل.. لأنه يحفظ ماء الوجه للجميع.. فنحن مطالبون بالحفاظ على كرامة النائب العام ووقار منصبه.. تماما مثل حرصنا على حسن العلاقة الإنسانية وسلامتها القانونية بين النائب العام ووكلائه..
والمعنى.. أنه لا جبرعلى الاستقالة.. ولا استسلام للواقع.
وقانا الله جميعا شر «فتنة القضاء» وحمى مصر من شرورها.