رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

البلد ليس «أنجر» فتة!

قرأنا أن شركة الغاز الطبيعىالتى تملك خط تصدير الغاز المصرى لكل من الأردن وإسرائيل.. تدفع مبالغ شهرية لبعض القبائل السيناوية لحراسة الخط.. ومع ذلك تم تفجير الخط 15 مرة.. وسمعنا أن شركات الكهرباء تدفع مبالغ باهظة شهرية لبعض الأعراب فى المحافظات النائية لحراسة خطوط الضغط العالى.. ومع ذلك سرقت بعض الخطوط والأبراج ومازالت الكهرباء تنقطع فى فترات متفرقة من اليوم وفى أنحاء متفرقة من الجمهورية.

وفى رأيى أن تلك المظاهر ليست إلا مجرد تعبير عن «شىء» أعمق.. فعندما يرفع الغطاء عن «إناء» موضوع على النار.. يصعد البخار منه بقوة وينتشر فى أركان المكان.. وكل إناء ينضح بما فيه.. سواء كانت روائح ذكية.. أو كريهة.
فالمشكلة أن البعض منا- وبعد ثورة يناير- بدأ يتعامل مع الوطن وكأنه قطعة من «التورتة» لابد أن يحصل على نصيبه منها وإلا سبقه الآخرون إليها!!.
فالغالبية العظمى من الشعب خاصة من الطبقات محدودة الدخل كانت تشعر طوال العهد السابق بالظلم الاجتماعى وبالحرمان السياسىوالاقتصادى.. هذا بخلاف من كان يتم إقصاؤهم عن المشهد عمدا تحت دعاوى سياسية وأخرى أمنية.
فعضوية الحزب الوطنى المنحل كانت مقصورة على «الموالاة» وهم طبقة الأقارب والأصدقاء والمريدين للطبقة الحاكمة.. سواء كانوا من الوزراء أو النواب أو كبار الموظفين فى الدولة.. أو ما يسمى بأعضاء «نادى الإدارة العليا» فى المؤسسات والأجهزة الحكومية.. وتلك العضوية فى الحزب المنحل.. كانت المفتاح السحرى للحصول على المنافع.. قروض.. أراض.. وظائف متميزة.. إلخ.
وبالطبع كان يشوب الحصول على تلك المنافع الكثير من الفساد.. وللأسف الشديد كانت الأجهزة الرقابية «تغمض» عينها عن ذلك.. إما لتورط بعضها فيه، أو لصلة قرابة أو صداقة.. أو لأنها كانت مجبرة على ذلك تحت دعوى «البلد.. بلدنا»!.
وقد تصادف أن دعانى رؤساء إحدى الجمعيات التى كانت تحصل على مساحات شاسعة من الأراضى ثم تقوم بتوزيعها على أعضائها.. لحضور أحد اجتماعاتها بأحد النوادى التابع لوزارة سيادية.. وهالنى ما رأيته.. فكل الأعضاء كانوا من قيادات الأجهزة الرقابية المتعددة.. وسارعت بالهروب من المكان وأكاد أتقيأ بسبب الحساسية الشديدة بجهازىالهضمى، وتساءلت من الذى يكافح الجريمة ويقاوم الفساد.. إذا كان هؤلاء يقسمون الغنيمة فيما بينهم.. ولم أتلق جوابا بالطبع!! ومن ثم أرجو أن تفتح ملفات تلك الجمعيات.. وأن يطبق على أعضائها قاعدة «الغرم.. بالغنم».
وكذلك الحرمان الاقتصادى.. كان وجها آخر للحرمان السياسى ونتيجة له.. فمن كان يستطيع أن يجد لنفسه موضع قدم فى الحزب الحاكم أو لجانه المختلفة أو حتى المنظمات التابعة للطغمة الحاكمـة كــان يضع قدمه أيضا على الطريق السريع للإثراء الفاحش بأقل مجهود وفى أقل وقت، فقد كان يكافأ ليظل تابعا أو منفذا للأوامر والتعليمات، فضلا عن حسابه فى جملة المؤيدين الذين يمكن استخدامه وقت الحاجة.. فكان يعين مستشارا فى وزارة.. أو عضو مجلس إدارة فى إحدى الشركات القابضة أو التابعة.. أو يسند إليه أى منصب وهمى.. المهم أن يحصل على «المكافأة» المادية المرتفعة.. ولا مانع أن تكون بالنقد الأجنبى.. الدولار!.
وهذا الحرمان السياسىوالاقتصادى.. هو الذى كان يخيف «المخلصين» من أبناء هذا الوطن.. والذين رحمهم الله وحفظهم من الانغماس فى الفساد الذى انتشر فى البلاد كانتشار النار فى الهشيم.. فقد كان هؤلاء يتوقعون ما يسمى بثورة «الجياع».. أى الذين حرموا من حصولهم على نصيبهم العادل من ثمار التنمية التى كانت تجرى على أرض بلادهم.. وهؤلاء لو كانوا قاموا بثورتهم على الأوضاع المختلة التى كانت سائدة من قبل.. لحرقوا البلد بمن فيه.. ولكن الله سلم.. وقاد ثورة يناير السلمية زخمة من شباب مصر المتعلم المثقف الواعى.. وهو ما حفظ مصر وثرواتها

من الشرور ولهيب النار المخزونة فى الصدور المحرومة.
***
ولكن الأمر لم يخل أيضا من بعض الشطط والانحراف.. فهناك «قلة» من الناس تريد أن تحصل على حقها المدعى به عنوة وقوة من خلال إرهاب المواطنين بالاستيلاء على سياراتهم ومتعلقاتهمفى عز الظهر، وفى بعض الأماكن المزدحمة بالمواطنين الذين غالبا ما يؤثرون السلامة ولا يتدخلون للدفاع عن المعتدى عليهم!.
كما أن هناك «نفرا» من المتشددين دينيا تحت شعار السلفية الجهادية.. يريدون تحويل جزء عزيز من الوطن سالت من أجل تحريره دماء ذكية.. إلى إمارة إسلامية بحجة إقامة شرع الله.. وارتكبوا فى سبيل تحقيق حلمهم الوهمى المزعوم مجزرة بشرية شنعاء.. باغتيالهم 16 جنديا من أبناء القوات المسلحة المصرية كانوا يحرسون حدود الوطن من كل اعتداء غاشم أو تهريب آثم.
وهناك «مجموعات» أخرى.. رفعت شعار النضال المتواصل من خلال المظاهرات والوقفات الاحتجاجية.. وبعضها قد يكون مشروعا طبقا لكفالة حق التظاهر السلمى لقضايا عامة.. ولكن أغلب تلك الاحتجاجات لأسباب شخصية أو مصالح خاصة.. يشوبها نوع من المبالغة والابتزاز السياسىوالاقتصادى.
ولم يقتصر الأمر على ذلك.. بل طال من يتظاهرون بأنهم يعملون.. وفى الحقيقة هم يكتفون بالتواجد فقط أو ما يسمى بالتمثيل غير المشرف! لأن الأمر ببساطة إذا كان لك حقوق مشروعة تطالب بها.. فعليك أيضا أن تقوم بما هو واجب عليك عمله.. والحقوق لا تقضى إلا بتمام الواجبات.. وإلا من أين وكيف سنحصل على حقوقنا؟.. أى لابد أن نعمل أولا.. ثم نطالب بحقوقنا ثانيا.. هذه سنة الكون.. وهذا ما سار عليه السلف الصالح، فالبلد ليس «أنجر فتة» يلهط منه الأسرع والأقوى.. ولا هو مغارة على بابا يوزع كنوزها البعض على الأقارب والأصدقاء والمريدين.. ولا هو «مال عام سايب» يستولى عليه البلطجية والنهابون.. ومستحلو المال الحرام.
ولكنها.. مصر.. بلدنا جميعا.. كلنا فيها سواء أمام القانون فى الحقوق والواجبات.. وشركاء فى السراء والضراء.. وعلينا أن نتعاون ونتشارك لإعادة بناء مؤسساتها على أسس سليمة من العدالة والديمقراطية، وأن نحرص جميعا على مبدأ تكافؤ الفرص.. وأن تكون الوظائف العامة لأهل الكفاءة والخبرة وليس لـ«الموالاة» وأهل الثقة.
وقد يكون من حظنا أن حزب الأغلبية الذى يحكمنا حاليا يرفع شعار «الحرية والعدالة» وأن رئيسنا رجل متدين يتقى الله فى دينه ووطنه وشعبه. فقد عانينا كثيرا.. ونأمل ألا نعانى مرة أخرى.. وأن يحصل كل منا على حقه الذى يستحقه..
والله شاهد.. وهو خير الشاهدين..