رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

من الداخل إلى الخارج..!!

أعتقد أنه بعد أن أوشك الرئيس مرسى على الانتهاء من ترتيب البيت من الداخل.. أصبح من الضرورى أن يتحرك خارجيا لإعادة ترتيب الأوضاع مع شركاء مصر الأساسيين.. سياسيا واقتصاديا. وإذا كان الرئيس قد بدأ زياراته الخارجية بزيارة المملكة السعودية.. ثم أعلن عن زياراته لكل من الصين وأمريكا.. فعليه كذلك أن يزور بعض دول الاتحاد الأوروبى.. ثم روسيا.. وأخيرا جولة منظمة فى بعض الدول الكبرى.

والمعنى أنه لابد للرئيس أن يتحرك شرقا وغربا وجنوبا.. ولابد أيضا أن تسفر تلك الزيارات عن نتائج حقيقية.. سياسيا واقتصاديا.. وعدم الاكتفاء بالتوقيع على بعض بروتوكولات التعاون الثنائى أمام شاشات التليفزيون وعدسات المصورين، كما كان يحدث من قبل!
أقول ذلك وأطالب به بعد أن حسم الرئيس ازدواجية السلطة التى كانت بعض مظاهرها واضحة للعيان.. وبعد أن أثبتت القوات المسلحة أنها مؤسسة وطنية وأنها- حقيقة- ملك للشعب المصرى.. وأنه لا ولاء لأبنائها سوى لله والوطن.. مصر.
ومن جهة أخرى.. مازالت الجمعية التأسيسية تسابق الزمن للانتهاء من مشروع الدستور الجديد.. تمهيدا للانتهاء منه مع نهاية سبتمبر القادم.. وطرحه للاستفتاء العام على الشعب للموافقة عليه.. ولكن قبل أن تنتهى الجمعية من مهمتها عليها أن تعيد النظر فيما تسرب حول بعض القضايا التى مازالت محل خلاف بين فئات المجتمع المختلفة ومنها قضايا الرأى والحريات.. والتى وردت من قبل فى جميع الدساتير المصرية السابقة، حيث كانت تحظى بالحماية والإباحة.. ولا يمكن بعد ذلك وبعد ثورة يناير أن نبقى فى المشروع الجديد على الحبس فى قضايا النشر تحت عبارات فضفاضة تحتمل الكثير من التفاسير المختلفة.. ويمكن استخدامها سياسيا فى تكميم الأفواه وحبس المعارضين.. أيا كان من فى السلطة وأيا كان من يعارضه.. فالأيام دول، على أية حال فقد أصدر الرئيس قراراً جمهورياً بإلغاء حبس الصحفيين فى قضايا النشر.
قضية أخرى لابد من حسمها.. وهى نسبة الـ 50% عمالا وفلاحين فى المجالس البرلمانية.. والتى يطالب البعض بإلغائها بحجة المساواة بين المواطنين فى الحقوق والواجبات وهى كلمة حق ولكن يراد بها باطل.. كما يقولون.
فالعبرة فى المساواة بين المواطنين أمام القانون أن يكونوا فى مراكز قانونية واحدة.. بمعنى أنه لا يمكن المساواة بين العمدة والخفير.. أو بين الفراش والمدير، فكل منهما مواطن مصرى.. وهما أمام القانون سواء إذا أخطأوا أو أصابوا.. ولكن حقوقهم وواجباتهم مختلفة طبقا لوظائفهم ومراكزهم القانونية.
والمعنى أنه لا يمكن- إذا كنا نريد تمثيل الشعب تمثيلا حقيقيا فى برلمانه المنتخب.. انتخابا حرا مباشرا وتحت إشراف قضائى كامل- أن نساوى بين العامل وصاحب المصنع أو بين المستأجر وصاحب الأرض.. ولو فعلنا ذلك.. لاستبعدنا فئات كثيرة من المجتمع فى تنظيماته النقابية واتحاداته المهنية.. فمصر كلها عمال وفلاحون إلا من فئة قليلة فتح الله عليها.. أو أثرت بطرق غير مشروعة.. والمحاكم مليئة بقضايا كثيرة من هذه النوعية ولا يمكن أن نكافئ تلك الفئة بفتح الأبواب أمامهم على مصراعيها لدخول البرلمان دون ضوابط أو روابط!
فالكل يعلم أن الانتخابات العامة.. خاصة البرلمانية- أصبحت مكلفة ماديا جدا.. ومن ثم لن يفوز فيها مستقبلا إلا من كان وراءه تنظيم سياسى قوى أو يمتلك ثروة ضخمة من المال.. ونظرا لأن مصر ليست هى الأحزاب أو التنظيمات وحدها.. كما أن 40% من المواطنين يتأرجحون حول خط الفقر.. منهم من وقع تحته ومنهم مازال يتشعبط فيه.. فلا يمكن أن نترك هؤلاء القلة المنضمة للأحزاب أو «النخبة» التى تمتلك الأموال أن تستحوذ على البرلمان- بغرفتيه- وحدها.. وإلا عدنا إلى مجتمع نصف فى المائة الذى كان قائما قبل ثورة يوليو 1952.. أيام الملكية والإقطاع.. الزراعىوالصناعى.. فكلنا مصريون وهذا بلدنا.. ولابد أن نشارك فى السراء والضراء.. وفى الغرم والغنم..
وإذا كان البعض منا لم يتحرك من موقع محدود الدخل الذى يقبع فيه من عشرات السنوات فلم يكن هذا خطأه أو بسبب تقصير منه، ولكن لأنه لم يكن يحصل على نصيبه العادل من ثمار التنمية التى كانت تجرى على أرض الوطن الذى يعيش فيه!
وقد يقول البعض إن كل «الرأسمالية الوطنية» أبناء عمال وفلاحين.. وهذا أيضا قول باطل.. لأن الرأسمالية الوطنية المدعى بها.. تكونت بالوراثة أو بطرق غير مشروعة.. ولا ثالث لهما.. فالتدرج الوظيفىفى مصر مهنيا أو وظيفيا.. لا يخلق مليونيرا بأية حال من الأحوال.. فغالبية الشعب المصرى تكافح ليلا ونهارا لتحسين أحوال معيشته وأقصى ما تستطيع تحقيقه هو الحد الأدنى من الستر المعيشى.. من مأكل وملبس وعلاج وانتقالات..
ومن ثم ارجو ألا ننخدع بالشعارات البراقة التى تخدع الناظرين وتظلم أبناء الشعب من العمال والفلاحين وتحرمهم من بعض المكاسب التى حققوها بتقدير نسبة الـ50% فى عضوية البرلمان.
وهذه القضية المهمة والتى تتعلق بسواد الشعب المصرى الذى انتخب الرئيس.. أضعها أمامه ليحسمها بحكمته.. قبل ما يفاجئنا البعض بضرر وخطأ يصعب تداركه!
???
ما سبق.. كان نموذجا من القضايا الداخلية التى مازالت تحتاج للحسم.. والتوافق عليها.. والآن أنتقل إلى الزيارات الخارجية للرئيس والتى سوف يبدؤها بزيارة الصين.. هذا العملاق الاقتصادى الصاعد بسرعة الصاروخ والذى غزى جميع دول العالم بمنتجاته المتنوعة والبسيطة والتى تناسب كافة الأزواق وتتماشى مع القدرات المختلفة للمستهلكين.
فهذا العملاق الاقتصادى لا يمكن أن تظل العلاقة معه- تجاريا- فى اتجاه واحد.. بسبب الاستيراد المكثف للبضائع الصينية للسوق المحلى.. فلابد أن نبحث لمنتجاتنا لموضع قدم فى هذا السوق الضخم ذى القوى الشرائية الواسعة بسبب ضخامة عدد سكانه.
هذا عن التجارة، أما الصناعة فحدث ولا حرج.. فالصين من أول الدول فى الصناعات الثقيلة.. والتى تحتاج مصر لبعضها لتنفيذ مشروع «النهضة» أو أى تنمية اقتصادية يجب أن تتم على أرضها، ناهيك عن الاستثمارات الصينية فى مصر والتى لا تتجاوز عددا من الملايين القليلة، فضلا عن عضوية الصين الدائمة فى مجلس الأمن وانحيازها الدائم- تاريخيا- للقضايا العربية وعلى الرأس منها القضية الفلسطينية.. بل يمكن القول بأنه لولا الموقف الموضوعى لكل من الصين وروسيا- بصرف النظر عن الخلاف حوله- بشأن ما يحدث فى سوريا ومنع التدخلات الخارجية عنها.. لأصبحت سوريا الشقيقة معسكرا دائما لقوات التحالف الدولى.. تماما كما حدث فى ليبيا أو أشد قسوة منه.
ومن بعد الصين تأتى أمريكا.. السوق الواسع والأعلى فى القدرة الشرائية. فضلا عن الاتفاقات المتعددة والمتتاليـــة للتعــــاون الاقتصادى والتبادل التجارى بينها وبين مصر والتى لم تسفر فى السنوات الماضية إلا عن عجز مزمن فى الميزان التجارى بين البلدين لصالح أمريكا بأكثر من 7 مليارات من الدولارات.
هذا بخلاف قضية المساعدات العسكرية والأخرى الاقتصادية.. وأيضا الاستثمارات الأمريكية المباشرة فى مصر.. والتى تتركز أغلبها فى قطاع البترول.
وعلى الرئيس أيضا أن يزور بعض دول الاتحاد الأوروبى وخاصة بريطانيا وألمانيا وايطاليا.. فهذه الدول هى الأكثر استثمارا فى مصر.. والأعلى فى التدفقات السياحية الخارجية للسوق المصرى.. بخلاف العلاقات السياسية الجيدة والعميقة تاريخيا.
ومن بعدهم تأتى أهمية الجولة الأفريقية.. وخاصة الدول الرئيسية فى تلك القارة التى أهملناها فى السنوات الأخيرة.. رغم أن شريان الحياة للمصريين (النيل) ينبع ويجرى فى أرضها حتى تصل لنا مياهه لتروى عطشنا وتسقى زرعنا وتتهادى على أمواجها مراكبنا وسفننا!
والأهم أن أفريقيا متعشطة للمنتجات المصرية التى تتناسب مع الزوق الأفريقى وقدرة شعوبها الشرائية.
???
طبعا.. لم تزل مصر غنية بأبنائها وبمواردها.. ولم تضق أرض مصر بمن عليها.. حتى نبحث عن مخرج لأزماتنا فى الخارج، ولكن الحقائق تقول إنه لم يعد هناك بلد فى العالم يمكنه العيش بمعزل عما يجرى حوله أو دون أن يتبادل المصالح مع جيرانه وشركائه.. فإذا كانت عندنا الموارد فنحن نحتاج للتكنولوجيا الحديثة لاستخدامها أو لتصنيعها، وقد نكون من الدول الرئيسية فى إنتاج بعض عناصر الغذاء، ولكننا نحتاج لاستيراد عناصر غذائية أخرى.
ولسنا بدعة فى ذلك ولن نكون.. فكل دول العالم تفعل ذلك.. فالمصالح تتصالح حتى ولو كانت هناك خلافات سياسية.. فالعبرة دائما بالمصلحة العليا للبلاد والحفاظ على أمنها القومى.. وهذا لا يتم إلا بالتعاون الإيجابى مع كل الشركاء سياسيا واقتصاديا.. المهم أن نحسن ترتيب البيت من الداخل.. وأن نحسن أيضا إدارة علاقتنا الخارجية بما يحقق أهدافنا التى نتوافق عليها جميعا.