عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ذكري الولد الشقي

 

ضحكت كثيراً وأنا أتذكر عم محمود السعدني، وقد لا يجد البعض سبباً للضحك وخاصة أن هذه الأيام تمر ذكري هذا الكاتب العبقري، ولاضحك في ذكري وفاة. ولكن الذي يعرف عم محمود يعرف أيضاً أنه كان يكره أي إنسان كشري وكان يحب الضحك والسخرية من أي مشكلة تواجهه في الدنيا. كانت السخرية سلاحه في وجه أي أزمة. وبالتالي كان ضحكي لأنني تخيلت عم محمود وهو بالجلابية والزعبوط واقف معانا في الثورة التي كان يحلم بها مثل كل العمالقة الذين رحلوا قبل أن يروها.

تخيلت عم محمود وهو يكتب مقاله المعتاد ليصف حال بقايا النظام في سجن طرة. وطبعاً عم محمود كان خبرة سجون ومعتقلات سواء بنفسه أو لأنه تابع ما حدث لأصدقائه. وكان سيسخر من الحال والموقف. تخيلت ذلك العملاق وهو يجلس ليكتب فجراً كعادته عن الثورة المضادة وعن فلول الوطني.

بالتأكيد كان السعدني سيخترع لهم أسماء مختلفة فهو معروف بقدرته علي اختراع الألقاب الساخرة التي تلتصق بصاحبها إلي الأبد لدرجة أن الكثير من المسئولين كانوا يتجنبون إثارته حتي لا يطلق عليهم اسماً يطاردهم مدي الحياة.

وضحكت كثيراً عندما تخيلت مجرد تخيل ما كان سيكتبه عم محمود السعدني عن معمر القذافي وخطبة »زنجة زنجة« الشهيرة، وصدقوني كل ما يمكن ان يقال عن القذافي »كوم« وما يمكن ان يكتبه السعدني »كوم« تاني. ولو بحثنا في المجلات المصرية في أرشيف مقالات السعدني سنكتشف كنوزاً سخر فيها من الحكام العرب وخاصة القذافي وأسلوبه وشعره وطريقة حكمه. والمعروف ان قلم عم محمود السعدني الله يرحمه كان حاداً كالموسي وكان يكتب بسخرية السكين، سخرية تجعلك تتعجب لحال البلد وما يحدث فيه وحوله. وكان السعدني أكثر إنسان يسخر من نفسه وأفعاله... لأن طريقته لم تكن مصطنعة ولكنها كانت طبيعة بداخله استطاع ان يعبر عنها بقلمه. وكان يكتب ليفهمه كل من يقرأ... الغفير أو الوزير.. وربما كانت صراحته هي سبب كل البلاوي التي عاشها والتي عاني منها، ورغم ذلك لم يمتنع أبداً عن تلك الصراحة، وكان يكتب وكأنه

يتعمد أن يقول للجميع إنه سيظل صريحاً حتي لو دخل السجن أو تم نفيه.

وتسبب لسان السعدني وقلمه في أن يعيش الرجل سنوات مطروداً في عدة بلاد عربية وأجنبية. وحتي عندما كان في تلك البلاد لم يكن يقدر علي منع نفسه من الصراحة المعجونة في خفة الدم والسخرية وسرعان ما كان يضطر الي الرحيل من البلد الذي يعيش فيه إلي آخر.. كان محمود السعدني مدرسة متنقلة، إنسان له نظرة مختلفة علي الأمور والأزمات والمشاكل لا يخشي الاشتباك مع أي رئيس أو مسئول في أي بلد ورزقه علي الله. ولو جلست مع أي من أصدقائه أو تلاميذه ستجد عندهم نوادر لعم محمود تجعلك تبكي ضحكاً... لذلك كان يجب أن أضحك وأنا أتخيل ما سيكتبه إذا كان بيننا اليوم.. ويجب أن يضحك كل إنسان يعرفه في ذكراه، لقد علمنا أن نسخر في أحلك الظروف وأن نعيش كل يوم بقلب جديد وعقل جديد وابتسامة من المشاكل.

أتمني أن يقوم الزميل الجميل أكرم السعدني بجمع مقالات عم محمود الخاصة بالزعماء والقيادات في كتيب نضمه الي كتب محمود السعدني الرائعة.. ويا فلول الحزب الوطني.. حظكم حلو أن عم محمود رحل قبل ان يقطعكم بقلمه واسمحوا لي أن أنقل لكم دعوته الشهيرة علي أي مفتري كرسالة لكم ولأسيادكم في ذكراه السنوية »يافلول الوطني.. يشفي الكلاب ويضركم يابعدا«....