رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

البحث عن »بعبع« جديد

 

اعتادت السياسة الخارجية الأمريكية في النصف الثاني من القرن العشرين علي نظرية العدو الدائم. أمريكا تبحث دائمًا عن عدو خارجي ليعيش الشعب في قصص المواجهة وتتفرغ أجهزة الاعلام الأمريكية لتغطية الحدث. والشعب الأمريكي غلبان وبسيط. كان معظمه وربما لا يزال لا يعلم ماذا يدور خارج حدود أمريكا، وينظر إلي الجانب الآخر من المحيط علي أنه عالم آخر يهدد أمريكا. وكلما استطاعت أمريكا التغلب علي عدو أو »بعبع« سارعت الإدارة الأمريكية لاخراج آخر.. في الحرب العالمية الثانية كان البعبع هو اليابان وهتلر، وبعدها تحول الخوف إلي الاتحاد السوفيتي وقياداته ثم إلي كوبا وفيديل كاسترو وبعدها إلي فيتنام وحصار المد الشيوعي وتلي ذلك استمرار الحرب الباردة بقوة ثم السلام العربي أو المصري الإسرائيلي والذي خرج بعده فورًا أول عدو عام لأمريكا وهو آية الله الخميني الذي انتشرت صور وبوسترات له في انحاء أمريكا تمثله علي أنه الشيطان الذي جاء ليغزو أمريكا وتطور الأمر حتي وصلنا إلي بن لادن.

 

وبن لادن الذي اعلنت أمريكا أنها استطاعت قتله، كان أساسا صناعة أمريكية، والخميني كان صناعة أمريكية فرنسية مشتركة. وكذلك كان صدام حسين ثم بينوشيه في تشيلي... كل هؤلاء تم دفعهم إلي العمل بواسطة المخابرات الأمريكية وطبقا لسياسة اطلقوا عليها »حرب الإنابة« أي أن تختار أمريكا قيادة تبدو بعيدة عنها وتدفعها لخوض حروب أو مواجهات تصب في النهاية لمصلحة أمريكا. ومعظم الذين استخدمتهم أمريكا تحولوا بعد ذلك إلي اعداء للنظام الأمريكي الذي سعي للتخلص منهم. بن لادن جاء في اطار خطة أمريكية بدأت في الثمانينيات لاستخدام الاسلام في محاربة الشيوعية والمد الشيوعي في افغانستان. اخترعت المخابرات الأمريكية فكرة المجاهدين واخذتها من فكرة الجهاد في الاسلام. ودفعت بغلاء لها لاقناع أبناء أسر غنية في العالم الاسلامي بهذه الفكرة، وسهلت وصولهم وتدريبهم

وحصولهم علي الاسلحة.

وكالعادة نجحت المواجهات الأولي ثم انقلب الأمر علي أمريكا. وتحول بن لادن إلي عدو ثم إلي أكبر الاعداء بعد احداث سبتمبر. وعاشت أمريكا في سنوات البحث عن بن لادن لتحوله إلي أشهر بعبع عرفوه وليتم استخدام هذه الحالة في الهجوم علي الاسلام بشكل عام. وبغض النظر عن أي رأي في كل ما فعله بن لادن.. إلا أنه كان العدو الشعبي الأول لأمريكا.. وبموته انتهت أكبر قصة للبحث عن مجرم في التاريخ.. عشر سنوات ومئات المليارات في مواجهات وحروب ولأن أمريكا تريد القضاء علي بن لادن وتنظيم القاعدة وكل من يفكر بأسلوب تنظيم القاعدة. والآن انتهت تلك الحرب المسعورة. ولكن لن تنتهي القصة لأن أمريكا ستبدأ البحث عن بعبع جديد وعن سبب جديد لأي سياسة خارجية لفرض رأيها.

قد يبدأ موسم شهر العسل مع الفكر الاسلامي، وقد يتم تصعيد العداوة. قد يكون القذافي هو العدو الجديد أو بشار الأسد ونظامه. وربما يتم النظر إلي إيران أو كوريا الشمالية أو العودة إلي الصين.. لا أحد يدري نوع القضية أو من الذي سيختار العدو القادم، ولكن أمريكا لن تستطيع الصمت طويلاً بدون وجود »عدو« من صناعتها لتواجهه بعد ذلك.