رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

..وحماية القضاء

 

المجتمع الذي لا يتمتع فيه القاضي بحماية تكفل له تطبيق القانون دون أدني خوف أو اعتبار لأي شخص هو مجتمع فوضوي همجي. أولي قواعد سيادة القانون هي تطبيقه بصورة عادلة وتقبل المجتمع للحكم. وهذه القاعدة أصبحت الآن مهددة. أي أننا نري ظواهر خطيرة تهدد بعدم استقلال القضاء. هذه الظواهر ليس لها علاقة بالنظام الذي كان متهمًا بالتأثير أو محاولات السيطرة علي القضاة، بل هي لها علاقة مباشرة بالمجتمع نفسه. الحدث الخطير الذي شهدته إحدي المحاكم عندما اقتحم عشرات المحامين إحدي المحاكم وتهجموا علي القضاة وأطلقوا سراح زميل لهم محكوم عليه بالسجن، هذا الحدث يعيدنا إلي قانون الغابة وعصور الهمجية.. وإذا كان المحامون هم من قاموا بذلك فماذا ننتظر إذن من تطبيق القانون؟! عندما يحمل المحامي سنجة وسيفا ويقتحم محكمة لاطلاق سرح مجرم فهذه دعوة لأي متهم له »عزوة« باقتحام أي محكمة وأي سجن أو قسم شرطة وترويع القضاة أو الضباط لاطلاق سراح مجرم أو بلطجي أو تاجر مخدرات أو قاتل.

 

هذا السيناريو هو قمة الفوضي في أي مجتمع. وعندما يخرج القضاة اليوم للمطالبة بوجود جهاز شرطة قضائية لحمايتهم أثناء تأدية عملهم نصبح أمام الأمر الواقع بأن محاكمنا لم تعد آمنة. وطبقا للمعايير والأعراف في أي دولة في العالم فإن المحاكمات التي تجري في ظل هذه الظروف هي محاكمات غير عادلة للمتهم أو المجتمع.. أي أن الأثنين تم ظلمهما.. الجاني والمجني عليه. وأصبحت الهمجية والبلطجة هي التي تصدر الأحكام وليس ممثل العدالة. والقاضي هنا مجني عليه لأنه رجل يحاول أن يطبق قانونا. وتطبيق القانون أمر غير مستحب عند أي متهم أو أهله.. وعادة يكون تطبيق القانون لمصلحة الطرف الأضعف والأقل

قوة فهو المجني عليه. فإذا كان المجرم قويا وله تأثير يمنع تطبيق العدالة سيضطر أي مجني عليه أن يقوم بتطبيقها بيده لو استطاع، وهنا ندخل في دائرة مغزعة نحمل فيها السلاح ليطبق كل واحد فينا القانون علي مزاجه الشخصي.

الفارق بين أي ثورة حقيقية وبين الفوضي هو تطبيق القانون. وهناك الآن جهات دولية ترصد ما يحدث في محاكم مصر خاصة في قضايا محاكمة الفاسدين والقتلة. هذا الرصد يسجل الرأي العام المصري والضغط الذي يشكله، ثم يسجل قدرة القضاء والنيابة علي العمل في هذا الجو المشحون. ويسجل أيضا مدي تمتع المتهم بحقوقه في الدفاع عن نفسه. ورغم أن الأحداث المتفرقة التي تشهدها بعض المحاكم لا علاقة لها بهذه المحاكمات فإن تسجيلها يعطي مؤشرات عامة لحالة تطبيق العدالة في مصر.. وبالتالي يمكن أن يحتمي أي مجرم من الكبار من تطبيق أي حكم عليه لأن أجواء محاكمته لم تكن عادلة. وتاريخ الشعوب مليء بمثل هذه الحالات والقضايا التي تم حلها بحسم حتي لا تؤثر علي المجتمع.

حماية قضاء مصر الآن هي حماية لمستقبل مصر وثورتها. وهو ليس انجازا ولكنه ضرورة وواجب.