هدوء حنغير

أكثر ما تحتاجه مصر الآن هو الهدوء حتي نستطيع التغيير. وهذا ليس معناه ان نتوقف عن المطالبة بالحقوق ولكنها دعوة أن نعطي الفرصة لبداية تنفيذ التغييرات. والحق الذي ضاع علي مدي 50 عاما لن يعود في 50 يوما. وما شهدته مصر خلال شهر واحد من 25 يناير إلي 25 فبراير لم تشهده في تاريخها.

والأمور الآن تهدد بانهيار الدولة تماما وان ندخل في نفق مظلم من الفوضي المطلقة تصبح فيه الغلبة للصوت العالي ولبعض المتسلقين وبالتالي تضيع اي جهود واي ارواح بذلت في سبيل نيل الحرية التي كنا نتوق إليها. ولن يحصل اصحاب المطالب علي أي شيء.

التغيير الذي طلبناه في الثورة هو تغيير شامل كامل، وبالتالي يجب ان نتحرك تجاهه بهدوء لأن السرعة ادت إلي استحالة العمل والمطالب الفرعية غطت تماما علي المطالب الاساسية. والمعروف أن تفرع أي مشكلة معناه ضياعها في دهاليز بعيدة عن الطريق الاساسي.

ولن تستطيع أي حكومة أو حزب أو أي قوي سياسية حل أي مشكلة في يوم وليلة. مصر اصبحت الآن تعاني والمطلوب هو أن نضع اساساً عادلاً للإدارة والحكم نتحرك بعده للنظر في كل المشاكل وكل المظالم المعطلة. ولا يعقل أبدا أن يخرج الناس في مظاهرات فئوية مفيدة فيدمروا مصلحة أو يكسروا أو يخربوا. هذا الأمر يخرجنا من حيز الدولة إلي حيز الفوضي. وكل من يدمر ويخرب بحجة البحث عن الحقوق هو في الواقع يساند عودة النظام القديم ويعطل أي إصلاح.

وأنا أعلم أن هذا الحديث لن

يعجب البعض. ولكن نحن الآن في زمن يحتاج إلي صوت العقل حتي لو لم يعجب أحداً. يا سادة لقد اصبحنا نتهم كل الناس ونهاجم كل الناس وأوقفنا عجلة العمل وعندما يذهب الموظفون الي عملهم يجلسون بلا عمل أو يتظاهرون.

مصر لم تعد مسئولة من الحكومة أو الجيش. مصر اصبحت مسئوليتنا جميعا، مصر أصبحت تحتاج إلي جهودنا جميعا. والذي صبر علي الظلم سنوات يستطيع ان يقنع نفسه ومن حوله ان نصبر علي الحل بضعة اشهر. والحكاية ليست تورتة اخري نتصارع علي قطعة منها، الحكاية هي ان مصر لا تتحمل هذه الضربات المتلاحقة.. صدقوني.. مبدأ أنا ومن بعدي الطوفان لا ينفع الآن وسيدفعنا الي كارثة.

معظم المظاهرات الفئوية تخرج الآن وتصدر علي مطالبها لانها تعتقد ان الثورة لن تغير ولن تعيد الحقوق. هذه أزمة واضحة يجب التعامل معها بشكل مختلف من التوعية ولكن وللأسف لا أحد يصدق ان التغيير قادم وأنه سيكون شاملاً ويحتاج إلي وقت. يا ناس ارجوكم هدوء حنغير.