رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الهيبة.. والخيبة

القضاء له هيبته ويجب أن نحافظ عليها جميعا، والمحامون أيضاً لهم هيبتهم ويجب أيضاً أن نحافظ عليها.. ولكن ما نراه يحدث الآن في ساحات المحاكم هو خيبة ثقيلة لكل مصر.

واعتراضات المحامين علي قانون القضاء دخلت في مناطق غريبة عجيبة ووجهت اتهامات للقضاء والنظام القضائي في مصر لا يصح أن نسكت عنها أو أن يتغاضي القضاء عن طرحها. وكأن المحامين يقولون إنهم يصمتون علي المخالفات التي يعرفونها بمقابل.. وهذا المقابل هو طلبات المحامين بتعديل القانون وأشياء أخري بالطبع قد لا نعلمها، وهذا هو التفسير الوحيد للاتهامات المتبادلة بين الطرفين وسط الأزمة والتي تم نقلها عبر وسائل الإعلام فهزت صورة القضاء.
لم تخرج جموع المحامين للاعتراض علي قانون السلطة القضائية الذي مازال مجرد مشروع يحتاج لدراسة وتعديل، بل أضافوا إلي اعتراضهم اتهامات كارثية للقضاء والقضاة منها اتهامات بتوريث النيابة ومناصبها والقضاء للأبناء والأقارب وحرمان أبناء الشعب!! وهناك اتهامات أخري في لافتات تطالب بمحاسبة قضاة التزوير والفساد والرشوة.. وهي ثلاثة اتهامات تكفي لانهيار صورة القضاة أمام الرأي العام وهي اتهامات مرفوضة تماما، ولا يجب أن تصدر عن الطرف الثاني في منظومة العدالة لأن لو صح ما يقال فهذا أيضاً اتهام مباشر للمحامين أنفسهم بأنهم يسمحون بالفساد ويدعمون الرشوة. وهذه أيضاً خيبة واضحة لأن الخلاف ليس بين صديقين من الجهلاء ليخرج كل واحد فيهم لمعايرة الآخر بعيوب يعلمها وكان يقبلها طالما استمر الود واستمرت المنفعة. الخلاف بين جناحي العدالة والمتضرر هنا هو الشعب.. والحكاية مش ناقصة اتهامات وفتن وضغائن بين الطرفين.
وإذا كان الطرفان علي دراية بالقانون والتشريع فلا شك انهما علي  علم تام بتسلسل أي مشروع قانون حتي يتم إقراره. وقانون السلطة القضائية يجب أن يكون تالياً لدستور البلاد. والبلاد بلا دستور واضح وبالتالي فإن مناقشة القانون ستتم في أغلب الظن بعد صياغة الدستور الجديد. أي أن الأزمة وحالات التشنج التي أصابت البعض وما تبعها من إغلاق للمحاكم بالجنازير أو بناء سور من الطوب علي أبواب محاكم أخري لمنع القضاة من ممارسة

مهام عملهم، كل ذلك هو جزء من الخيبة وليس له علاقة بالحفاظ علي الهيبة.
ثم ما هذه التصريحات التي يخرج بها البعض في كل أزمة.. مصر دولة مستهدفة وهناك مخططات ومؤامرات وأصابع خارجية تلعب في مصر وأياد داخلية تساعد الأصابع.. كأن العالم أجمع يجتمع كل صباح ليخطط لضرب مصر!! خيبة أخري. مصيبة مصر لا تأتي من الخارج. مصيبتنا محلية الصنع ومليئة بالتراكمات، هل قامت دولة أجنبية مثلا بالتدخل لصياغة المادة 18 التي يعترض عليها المحامون في مشروع القانون!؟ وهل قامت جهة أخري بكتابة اللافتات التي تنال من نزاهة القضاة وعلقتها فوق رأس المحامين!؟ هل بعث نتنياهو بطوب أحمر وعمال من تل أبيب لسد مدخل محكمة المنيا!؟
والدعوة التي خرجت لتأجيل الأزمة حتي يبت فيها البرلمان، أليست محاولة لمد فترة النزاع!؟ وحتي لو كانت محاولة للتهدئة وإعطاء فرصة لتراجع القضاة في مسألة صياغة المادة 18.. ألا يعلم الذين أشعلوا غضب المحامين أن المادة 18 مازالت مقترحة في قانون مقترح يحتاج إلي نقاش ثم عرض ثم صياغة ثم عرض علي البرلمان لإقراره وحتي لو تم إقراره سريعا من قبل المجلس العسكري وهذا لم يكن وارداً أساساً، أليس هناك برلمان قادم لطلب إعادة مناقشة أي قانون..
للأسف الشديد فقدت «هيبة» الطرفين الكثير في الأزمة الأخيرة وهذه هي الخيبة الواضحة عندما نفشل حتي في أسلوب الاختلاف.