رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من أين ستأتي ثورة الجياع ؟

كان ميدان التحرير في ثورة يناير يعج بالملاين، ولم نر فيه سكينًا أو سلاحًا في يد المتظاهرين، كان يتعاقبون الليل والنهار لحراسة المتحف المصري، ولم نر حالة تحرش واحدة. كانت اللجان الشعبية في مداخل ميدان التحرير تأخذ من أحدنا قلمه المعدني خشية أن يستخدم في جرح مصري. وكان الهتاف " يد واحدة " شعارًا وقانونًا يحكم الميدان !

ولكن حينما أطلق " أمن الدولة سيء السمعة " بلطجيته ورجاله لينهشوا في الشعب المصري، قرابة عشرة آلاف بلطجي أطلقهم في فترة الانفلات الأمني وجميعهم على علاقة برجال أمن الدولة ورجال أعمال الحزب الوطني ، كان من الطبيعي جدا أن المجمع العلمي يحترق، وهو رمز علمي، وأن ترى الشيخ عماد عفت مقتولا، وهو رمز علمي، والأخير كان مناهضًا لجبروت أمن الدولة، مفتيًا بحرمة دعم الفلول، أنموذجًا عمليًا للعالم العامل الرباني .
يا قارئي، إن المعادلة واضحة. والمسألة جلية ، ومع ذلك نتغافل عن الحل، و نتجاهل الحقيقة . ونقول من أين هذه الحرائق، ولماذا هذه البلطجة، ومن أين أتى الملوتوف، ومن أين أتت الفتنة الطائفية ؟ ومن أين جاءت الفوضى، ومن أين جاءت أزمة أنابيب الغاز، ثم أزمة البنزين بين الفينة والأخرى ؟
ما دام قادة الحزب الوطني موجودين دون محاكمة ، فلا تسل عن أمن ولا تتحدث عن استقرار ، لا تمنيني بدولة مؤسسات يحكهما القانون.
إذا كنت تظن أن الأمن  والأمان سينزلان من السماء على وطن تُرك فيه آلاف البلطجية يعيثون في فيها فسادًا، وظلمًا، وهتكًا للأعراض؛ فأنت واهم !

ما دام مبارك وجمال وجنودهما قابعين في ( فندق طرة )، وادعين سالمين، من دون محاكمة، وآخرون لمّا يلحقوا بهم، فلا تسل عن استقرار لهذا الوطن .
حينما تُجرح كرامة شعبٍ عريق، قهر الطغاة، وأذل الجبابرة، فتعمد إليه فتسلبه حقه في حياة كريمة، وتلبسه لباس الفاقة والمسْكنة، فيأكل رغيفَ العار من طابور الذل، ثم هو يرى وصلات الغاز موصلةً إلى عدوه، ومناجمَ ذهبٍ يسمع عنها الأساطير، وأراضي الدولة ملكًا للغرباء، ومؤسسات القطاع العام نَهْباً مُباحا لكل ذي سلطة؛ فماذا

تنظرُ منه من ردةٍ فعل ؟
هل ينظرون إلا أن يأتهم الجياع في ظُلل من الغضب ، وهنالك قضي الأمر، وضاعت الدولة.  فيجب أن ندرك خطورة الطبقية التي يواجهها المجتمع المصري؛ وتلك الفوارق الاقتصادية الفاحشة التي لا تقوم على قواعد العدل والإنصاف، تلك الفوارق المولدة لضروب الحقد والبغضاء، وانتشار الكراهية بين الناس، وهي بطبيعة الحال تدفع الناسَ بقوة نحو الثورة المدمرة، وساعاتها سنرى أعمال السلب والنهب على أوسع نطاق كما هو حال في ثورات الخبز.
ويبدو أن أعمال السلب والنهب في مثل هذه الحالات تعبر عن سلوك انتقامي ضد وضع جائر ..
ومن ثم فإن الطبقية إن لم نقتلها قتلتنا؛ وإن لم نمحها محتنا؛ ولا سيما وأن عصر الإقطاع القديم قد بدت ملامحه في عصرنا ولكن بشكل جديد !
وقبل أن نحاسب السالبين والناهبين ينبغي أن نحاسب اللصوص الكبار، الذين ساموا الشعب سوء الضيم ..
أُفٍ لكل فاسد ساهم في تأخير شعبنا إلى هذا الوضع المتردي !
لكنْ غدًا أفضل بإذن الله؛ فأمتنا في إقبال من استفاقةٍ ووعي.
ورحم الله الشاعر المصري أحمد زكي أبوشادي [ 1892-1955م]؛ إذ يقول للشعب المصري في مثل هذه الأجواء :
يا شعب قم وانشد حقو ... قك فالخنوع هو الممات
تشكو الغريب وعلة الـ ... ـشكوى الزعامات الموات
__________
** كاتب مصري، الفائز بجائزة أحمد بهاء الدين عن كتاب أزمة البحث العلمي، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
[email protected]