رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإجابة دائما تونس

عندي لك خبر مفاده أن ماجري في شارع قصر العيني من اشتباكات عنيفة بين المعتصمين وأفراد الشرطة العسكرية هو مشهد قابل للتكرار غير مرة..وإذا سألتني عن الأسباب فستكون كالآتي:

1- منذ 11فبراير اعتدنا علي تحول الأحداث الصغيرة فجأة الي كرات ضخمة من اللهب,دعني أذكرك مثلا بما جري السبت 20نوفمبر في ميدان التحرير عندما اعتصم مائة وخمسين منةأهالي مصابي وضحايا الثورة بسبب تأخر صرف مستحقاتهم التي وعد بها المجلسان العسكري والوزراء وبدلا من ايجاد حل سياسي أساسه الحوار,كان استخدام العنف من قبل قوات الأمن هو البديل مما ادي الي تصاعد الأحداث بدرجة أكثر عنفا,ثم جرت في تلك الأثناء أحداث محمد محمود التي نتج عنها مقتل أكثر من 45 مواطنا.
ثم دعني أذكرك أيضا بما جري من تظاهرات سلمية للأقباط خرجت من شبرا الي ماسبيرو للتعبير عن رأيهم فيما يجري من أحداث طائفية وبدلا من تأمين تلك التظاهرة والبحث عن اجراءات سياسية فاعلة للتعامل معها,فجأة تحولت الأحداث من تظاهرات سلمية الي مايشبه الفتنة التي كادت أن تعصف بنا جميعا,وهذا هو ماتكرر في اعتصامات مجلس الوزراء –الجمعة الماضية- والتي ضمت بضع عشرات من شباب,لايزال يحاول الحفاظ علي ثورته من الضياع والاختطاف وأبدي هؤلاء الشباب اعتراضهم علي تشكيل حكومة الجنزوري ومعاقبة من قتلوا زملائهم في شارع محمد محمود وبدلا من التعاطي السياسي مع أزمة سياسية ظهر التعامل الأمني العقيم بديلا عن الحلول السياسية والرؤية السياسية والخيال السياسي,لكن وجدنا بدلا من ذلك قصور رؤية وغياب فكر سياسي..لكل ماسبق فإن أزمة مجلس الوزراء قابلة للتكرار طالما ظل أداء السلطة مفتقرا لكل ماهو سياسي.
2-سبب ثاني لقناعتي أن مثل تلك الأزمات قابل للتكرار هو غياب الشخصيات السياسية التي تستطيع التعامل مع مثل تلك الأحداث من المشهد ..فمنذ أن وقعت أحداث قصر العيني في الواحدة صباح الجمعة وحتي العاشرة مساء الجمعة لم يخرج مسئولا واحدا من المجلس العسكري الي الرأي العام ليقول له ماذا جري وما أسبابه..كما أن الحكومة ورئيسها -صاحب الظهور المتكرر علي الفضائيات- كأنه (فص ملح وداب) والأهم أن أعضاء المجلس الاستشاري بدا منقسما علي ذاته,فبعض أعضائه فضلوا تقديم الاستقالة وكان ذلك هو أقصي ما أنتجه خيالهم السياسي,بينما أعلن البعض الآخر (د.سليم العوا) عن نيته في مطالبة المجلس العسكري بإصدار بيان يوضح فيه أسباب ماجري!!! وتلك كانت أقصي ما أنتجه الخيال السياسي لأعضاء المجلس الاستشاري.
وإذا كانت كل تلك المجالس السابقة قد جري تعيينها –حيث لم يصل أعضاؤها لمقاعدهم بالانتخاب- فإن ماكنا نتوقعه أن يعلن السادة النواب الجدد بمجلس الشعب الذين تأكد فوزهم في المرحلتين الأولي والثانية عن عقد اجتماع عاجل لهم صباح الجمعة الماضية عقب ماجري في شارع قصر العيني بصفتهم نوابا منتخبون من الشعب المصري ويحملون وصف نواب الأمة,ثم يحددون خطواتهم القادمة عبر

لقاءهم بمجلس الوزراء أو المجلس العسكري,الي أن  تتبلور رؤية للخروج من هذا المأزق الذي يعصف بالأمة ويعيدنا الي المربع صفر لكن شيئا من هذا لم يحدث حيث غابت السياسة عن عقول النواب الجدد, اما الأسوأ من هذا وذاك فكان لدي كافة الأحزاب السياسية التي لم نسمع لها صوتا,وكان كل ماجادت به علي الشعب هو ارسال بضعة سطور الي الفضائيات ووسائل الإعلام يشجبون وينددون فيها بما جري في قصر العيني ,واذا كان الشجب والإدانة هو رد فعل الأحزاب المصرية الكبري علي ماجري من أحداث,فماذا اذن تركت تلك الأحزاب للمواطن البسيط كي يفعله,أين حمرة الخجل؟.
أما الأكثر حزنا فعلا فكان الأداء الباهت والهزيل لكل مرشحي الرئاسة حيث لم يفتح الله عليهم بأية أفكار كي يخرجون بها علي الرأي العام فيمنحونه الأمل بأن مصر لديها أكفاء من ذوي العقلية المفكرة الرشيدة خدمتها,لكن للأسف اختفي غالبيتهم عقب تلك الأحداث وحاول البعض الآخر منهم مسك العصا من المنتصف بين معتصمي مجلس الوزراء والمجلس العسكري..وضاعت مصلحة مصر بين الجميع.
بعد منتصف الجمعة كنت ضيفا بأحد برامج التليفزيون المصري وسألني الإعلامي الأستاذ صلاح حاتم:لماذا تقدمت تونس في انجاز ملفات المرحلة الإنتقالية بينما تأخرت مصر؟.
وقد أجبت بوجود أربعة فوارق رئيسية بين الدولتين جعلت تونس هي الأأسبق في إنجاز ملفات المرحلة الإنتقالية سريعا وتلك الفروقات هي:
1-في مصر تولت المؤسسة العسكرية إدارة البلاد وفي تونس حدث العكس حيث تولت شخصيات مدنية الحكم لفترة بسيطة.
2-عدد القوي السياسية اللاعبة في المشهد السياسي المصري أكبر بكثير من نظرائهم في تونس.
3-موقع مصر الجغرافي ومكانتها الاستراتيجية لايجعل حسم ملفات الفترة الانتقالية شأنا داخليا محضا بل تؤثر فيه وتتقاطع معه قوي اقليمية وعالمية.
4-عندما تكون مصلحة الوطن أولا ويحدث التوافق بين جميع أطراف المجتمع تكون الإجابة تونس لكن عندما تتراجع مصلحة الوطن الي المرتبة الثالثة والعاشرة تكون الإجابة مصر.

[email protected]