رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"أرض الذهب" بين ضرر الإهمال وخطر التدويل

 أسوا ما فى حكومة د.شرف هى إنها حكومة ترفع شعار"مشى حالك".. فهى حكومة بلا آذان.. وإذا أمتلكت حس الإنصات فهى لا تملك حق التصرف وإتخاذ القرار..

حتى وإن أطلق المجلس العسكرى لها يديها فهى تفتقر الرؤية على الحل، من ثم باتت حكومة "لا تحل ولا تربط"، بل والأكثر إنها تتفنن فى كيفية العمل على مفاقمة الأزمات، ذلك كونها حكومة "مسكنات" لا تمتلك العلاج الشافى لأى من آلالام الوطن، تلك التى لم يعد يفلح معها سوى سرعة التدخل والإنقاذ، حيث وصولها درجة الإنفجار.

 هذه الحقيقة هى ما تثبتها وتؤكد عليها تماما قضية أهالى النوبة المصرية، تلك التى جاوزت عامها المائة دون حل حتى الأن، حيث لازالت الحكومة تخطىء التشخيص، من ثم كيفية المعالجة. فعلى الرغم من صدور قرار مجلس الوزراء مؤخرا بحق عودة النوبيين مجددا إلى أراضيهم  وإعادة توطيد جذورهم، التى أقتلعوا منها قصرا وإجبارا على مدار السنوات الطويلة الماضية، إلا أن القرار- كغيره من القرارات- جاء دون دراسة للوضع الحالى للنوبة، كذا دون رؤية واضحة لكيفية العودة وتحقيق الحلم، حيث إنه وبمجرد إعلان عصام شرف قرار إعادة أراضى قرى (بشائر الخير)  لأهلها الأصليين، حتى بادروا بالهجوم عليها وعلى المقيمين حاليا بها من شباب الخريجين ومئات الأسر الأخرى من غير النوبيين، لطردهم وإستعادتها بالقوة، الأمر الذى أدى لفرار الأهالى ولجوئهم الي الجبال معتصمين بها، تتعالى أصواتهم تستنجد بالمجلس العسكرى والحكومة لإنقاذهم قبل وقوع الكارثة وحدوث مصادمات دامية بين المواطنين بعضهم البعض!.

 التعاطى الحكومى مع القضية فى مجمله لا يشير فقط إلى مجرد كونه عشوائيا يفتقر للرؤية الصائبة لكيفية الحل وإيجاد آلية للتنفيذ بما يضمن وقف النزيف النوبى، بل كذلك يؤكد على أن قضية أهالى النوبة لازالت تعانى الغرق والإهمال فى ظل فيضانات المليونيات وبعيدا عن أضواء الميدان.. قضية لازالت تبحث عن حل أمام حكومات لم تدرك حق المواطن ومسئوليتها تجاه الوطن، وهو ما يدفع للسؤال: كيف أن الحكومات المتتالية وحتى الآن لم تحس بأنين النوبى ولم تدرك مدى حنينه إلى موطنه الأصلى؟، بل ولازالت تتهمه بالعمالة والخيانة إذا ما أراد اللجوء للمنظمات الدولية، ذلك فى ظل تجاهل حقه فى أراضيه، حيث إتهام النوبيين الأن وبعد مرور قرن كامل بالسعى نحو تدويل قضيتهم والإنفصال عن الوطن من خلال إشارات الإعلام إلى تسريبات ويكيليكس الأخيرة، والتى نشرت ما يؤكد نوايا أمريكا وإسرائيل لتحفيز النوبيين علي الانفصال، ونشاط ضباط الموساد بكثافة على أراضى النوبة من أجل الإعداد لثورة شاملة تكون أول الطريق للانفصال، وإعلان النوبة

دولة مستقلة؟!.

 الغريب فى الأمر هو عدم إدراك مروجى أحاديث العمالة إنها لا تدين النوبيين بقدر ما تدين الحكومة نفسها وسياستها فى معالجة القضية، حيث سماحها لأيادى خارجية بالعبث بمقدرات الوطن دون العمل على البحث فى كيفية إغلاق الملف نهائيا ووضع نقطة النهاية له. كذا فإنه حديث يتنافى مع حقيقة الأمر، بل ويتناقض مع طبيعة الشخصية النوبية الأبية، التى لازالت تتلون بلون طين النيل الأسمر وتتمسك بلغتها وتاريخها.. عادتها وتقاليدها وتراثها الأصيل.. لازالت تحلم فقط بموطىء قدم على أرض الأجداد، من ثم لازالت ترفع الشعار:"العودة حقنا". فما أقسى أن يلاقيه المرء أكثر من الإقتلاع من جذوره مجبرا وسرقة تاريخه والعبث بهويته..؟.

 إن أحاديث العمالة والتخوين للنوبيين لن تفيد فى إيجاد الحل، بل وربما هى ذاتها ما تدفع لإنفصال البعض وتطور الأمر وتصعيده بالفعل، كذا فإن قرارات إعادة التوطين وإنشاء هيئة عليا لتنمية النوبة هى قرارات تفتقر إلى آلية للتنفيذ، مما يهدد بتجدد إعتصامات الأهالى من جديد، كذا إستخدامهم للقوة فى إستعادة أراضيهم المسلوبه منهم كما حدث مؤخرا فى قرى (بشائر الخير)، وهو ما بات يتطلب تدخل حاسم من المجلس العسكرى يعبر عن فهم كامل لأبعاد القضية المختلفة، كذا النظر إليها بعيدا عن كونها قضية مطالب فئوية تستغل الوقت لفرض ضرورة إجابتها، بل إنطلاقا من كونها قضية عادلة.. قضية مصرية وهم مصرى خالص عانى أصحابه الكثير من سنوات التجاهل والإهمال والتعنت الحكومى مع مطالبهم المستحقة، والتى وجب البدء فى إتخاذ الخطوات الفعلية نحو العمل على تنفيذها بما يحفظ للوطن وحدته وللمواطن النوبى كرامته وحقه فى عودته وإستقراره على أراضيه والتمتع بكامل حقوقه عليها، تلك التى كفلها له الدستور والقانون.