عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خيرى شلبى.. ورباعية"الفوضى"؟

ربما هى المصادفة القدرية وحدها التى يمكنها أن تسوق لنا الأحداث بترتبيها هذا، حيث إنتحاب الوطن صباحا على مفارقته إحدى أعز أبنائه الكاتب والروائى الكبير خيرى شلبى، كذا إنتحابه حزنا على ما آل إليه حاله فى المساء بعد هدم الجدار وإقتحام السفارة والتحرش بالوزارة ثم حرق المديرية،

والمحصلة هى  1049 حالة إصابة، ما بين جروح وكسور وطلقات نارية وكدمات، بالإضافة إلى 5 حالات وفاة بالأمس فقط.. فهل هكذا صححنا المسار؟!.. هل وعى أيا من فريق معاول الهدم أن الجدار الذى هدمه بالأمس هو جدار يحمل إسم مصر وألوان علمها؟.. هل أدرك أن الوزارة والمديرية قد تم إقتطاع كل قرش من بنائها من قوت يومه؟.. هل لدى أحد توصيف لما جرى.. لا تبرير له؟.. هل هذه هى شعارات الثورة:"اللى يحب مصر..ما يخربش مصر".."سلمية.. سلمية"؟!.. هل من الممكن أن تصبح ذكرى رحيل الكاتب الكبير خيرى شلبى.. هى نفسها ذكرى هدم وحرق مصر؟!.. هل ما حدث هو الوصف الكامل لمعانى الوطنية والرجولة والشجاعة..إلخ؟!.

حقيقة لا أمتلك الجواب، بل ولم أعد أدرك سوى أن "المشهد السياسى الحالى قد بات  أشبه بخرج العطار الذى سقط على الأرض وتبعثر ما بداخله... فهو وضع سياسى معقد جدا يقترب إلى الفوضى"، وهو الوضع الذى أفرزته السياسة "العقيمة" المنتهجة فيما بعد الثورة، حيث إنه"كان لابد من انتخاب مجلس رئاسى ترضى عنه جميع القوى السياسية لمدة عام أو عامين وخلال هذه الفترة يكون المجتمع المصرى قد تبين الحقائق وعرف طبيعة الشخصيات التى سوف تمثله فى البرلمان أو الرئاسة، كذا يكون المجتمع قد استقر والشرطة عادت لموقعها الطبيعى بحيث تتم الانتخابات وسط درجة معقولة من الأمن".

أما الأن فما الذى يمكن انتظاره او توقعه فى حال اجراء الانتخابات سوى انه"ستكون هناك فوضى عارمة لا مثيل لها.. ستحدث "معجنة"، بل و"لن تكون نتيجة الانتخابات معبرة عن احتياجات الشارع الحقيقيـة.. لـن تكـون معـبرة عـن إرادة الشعب المصرى، حيث سيلعب فيها التضليل الدينى الدور الأكبر، تليه الأموال التى تدخل المعركة الإنتخابية، بالإضافة لرؤوس أموال أجنبية لدعم شخصيات بعينها وتيارات بعينها، وفى النهاية فأى انتخابات ستجرى حاليا لن تكون نتيجتها فى صالح الاستقرار السياسى"، ذلك حيث أن "الشعب المصرى ضعيف أمام الدين.. يثق ثقة عمياء فى الخطاب الدينى ويخضع له خضوعا مطلقا، خاصة بعدما لعب الفكر السلفى على مدار السنوات الماضية بمشاركة التليفزيون المصرى منذ 60 عاما على تسطيح فكر الأغلبية العظمى من الشعب فى العشوائيات وأصبح هناك المشاهد السلبى الذى يتلقى ولا يفكر فيما يتلقاه وهؤلاء هم الذين سيستخدمهم السلفيون فى الانتخابات.. فالتليفزيون سطح فكرهم والفكر السلفى خدرهم".

هذا التسطيح هو ما أنعكس بدوره على المجتمع، من ثم أنتج  لنا "ثورة دون فكر معين يمكن أن نناقشه أو نحلله، كما أن الساحة نفسها خالية من الفكر، وأنا بالفعل متشائم والواقع هو ما يغذى هذا التشاؤم. فعندما أنظر على المستوى الشخصى كى أختار شخصًا يحقق نوعًا من الاستقرار السياسى لا أجد فكل الذين يظهرون على الساحة ويمارسون العمل السياسى بداية من رؤساء الأحزاب وحتى المرشحين للبرلمان والانتخابات الرئاسية فلا يوجد شىء يبشر بالخير كما أن الزعامة نفسها أصبحت مرفوضة بين الشباب ورفضها شىء غير ناضج. وفى ظل هذا التعجل لن نعطى فرصة لنشوء زعامات وطنية يمكن الاعتماد عليها".

  "الموقف الآن بات فى منتهى الدقة فنحن تربطنا بإسرائيل

اتفاقية سلام لابد من الالتزام بها وإلغاؤها يعنى حرب.. فهل نحن مستعدون للحرب؟ وفى هذه الآونة بالذات.. لا أظن. لم يفطن أحد إلى أن"ما حدث من إسرائيل حدث ليُربك الثورة المصرية؛ لأنها بما فعلته أرادت أن ينسى المصريون ثورتهم، ويبدأوا في طلب الثأر من إسرائيل، وأعتقد أن المجلس العسكري عليه أن يتصرّف بعقلانية شديدة، وعلى الجيش أن يتفرّغ لحماية الحدود المصرية".."نحن في مأزق لا نحسد عليه؛ فنحن في مقتل وإن لم نتصرّف بالطريقة الصحيحة ستعيش مصر في دمار للـ100 عام المقبلة، وكذلك أتمنّى ألا تكون الثورة الحالية مصدر إرباك للقوات المسلحة نفسها، وإلا قل على مصر يا رحمن يا رحيم؛ لأن الوضع الحالي لا يبشّر بالخير".

إن"الثورات العربية جميعها قامت دون فكر ودون زعيم، لهذا سيتأخر نضوجها كثيرا وستتأخر نتائج الثورات وستظل فى قلاقل مستمرة سنوات طويلة، ومصر أكبر دولة فى الوطن العربى معرضة للخطر لأن كل العالم يعمل ضدها وكل العالم يخشى من مصر.. لأن مصر إذا انتعشت وكبرت سيكون هناك خريطة عالمية جديدة ومن مصلحة العالم أن تظل مصر مكبوتة"، وهى الحقيقة الغائبة حتى الأن عن عقل المواطن البسيط الذى يتم حشده، حيث أن"الضغط على الحكومة الأن بمليونيات يخلق توترا وإزعاجًا، بل أن كثرتها هو ما أفقد ميدان التحرير جلالته، وهذا يحدث نتيجة افتقاد الثورة للزعامات.. فالشباب يفتقد الرؤية السياسية ويفتقد من يدله على الفعل الصحيح ذى الجدوى والفعل الخاطئ الذى لن يسبب سوى المشاكل"، تلك التى نواجهها اليوم، حيث أن"ثورة 25 يناير ميزتها هى مقتلها فى نفس الوقت ان مالهاش صحاب.. قام بها الشباب والتحم بيها الشعب ثم انفضت وسلمت الى من يقوم.. كأن مولود ولد فى ميدان التحرير وسلم الى من يربيه ويتبناه، والثورة سرقت من شبابها"..."احنا ماشيين فى سكة مليئة بالاشواك، وعلى الوطنيين الذين يحبوا مصر ان يتضافروا".

حقيقة رحم الله الرائع المبدع خيرى شلبى، الذى اقتطفت من مجمل حوارته الإعلامية التى أدلى بها مؤخرا كلمات هذا المقال، خاصة بعدما ظهر منها دقة القراءة والوعى والإستيعاب للأحداث.. ومن يمكنه قراءتها ورسم السيناريو الخاص بها، بل وتوقع نتائجها عداه. رحم الله"ملك الفانتازيا الواقعية"، الذى قال أن: الموت هو مقدمة الحياة وهو الحقيقة الوحيدة فيها.