عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية 50% «عمال وفلاحين»..!

هل تعرفون حكاية الـ50% عمال وفلاحين؟ الحكاية تحولت إلى شذوذ دستورى.. لم تعرفه دساتير العالم.. خمسون عاما منذ عام 1964 ومصر تعيش هذه البدعة الشاذة التى صنعت فى مصر فقط.. الحكاية بدأت فى مؤتمر تحالف قوى الشعب العاملة وكان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر يحضر جلسات هذا المؤتمر ويتابع أعمال اللجان.. وقف أحد فلاحى محافظة

البحيرة أمام الرئيس عبدالناصر ينتقد أداء رئيس بنك التسليف الزراعى بمحافظته مع الفلاحين المتعاملين مع البنك ثم انهى كلامه متسائلا: هل يمكن لمثل هذا الرجل ان يعبر عن الفلاحين فى البرلمان وجلس مكانه.. لمعت الفكرة فى رأس الرئيس الراحل.. وفى الوقت نفسه كان هناك صراع خفي على السلطة بينه وبين المشير عبدالحكيم عامر نائبه وهو أيضا القائد العام للقوات المسلحة ووزير الحربية (الدفاع) هذا الصراع الذى بدأ مع انفصال سوريا عن دولة الوحدة وتقديم المشير استقالته المشهورة عام 1962 ينتقد عدم وجود الديمقراطية وكان عامر محبوبا من الضباط والجنود وكانت (شلته) فى الجيش قوية وأدرك ناصر ان الصراع يمكن ان يحسم لصالح المشير عامر وكان لابد لناصر ان يصنع قوة شعبية يستند اليها لتتوازن القوى.
وضرب الرئيس جمال ضربته بأن يكون للعمال والفلاحين 50% على الأقل من مقاعد البرلمان تعويضا لهم عن حرمانهم الطويل من ممارسة السياسة وأعلن ذلك فى ختام المؤتمر وظهر الى الوجود الاتحاد الاشتراكى كحزب واحد ووحيد وظهر معه أيضا الميثاق الوطنى الذى تقرر على الجميع فى المدارس والجامعات لنحفظه عن ظهر قلب.
والحقيقة وللتاريخ ان الرئيس جمال عبد الناصر أعلن ان هذا التمثيل سوف يستمر فقط لمدة تتراوح من سبع الى عشر سنوات فقط وأعلن ذلك فى خطابه فى افتتاح مجلس الأمة عام 1964 ويمكن الرجوع إلى الخطاب فى مضابط مجلس الشعب وأكد ان الهدف من تمثيل العمال والفلاحين وجود هذه النسبة من سبع الى عشر سنوات ليتعلم العمال والفلاحون الممارسة السياسية وبعدها ينتمى هذا التمييز, وبعدها أصبح فلاح البحيرة نائبا فى البرلمان كأحد قادة الاتحاد الاشتراكى فى محافظته.
ورحل الرئيس عبدالناصر إلى رحاب ربه ويمضى أكثر

من 50 عاما على هذا الشذوذ الدستورى وتتغير الدنيا وتتغير مصر وتحدث بها ثورتان ويظل هذا الشذوذ موجودا ورأينا تلاعبات كثيرة تستغل هذه النسبة لواء يصبح فلاحا ووزيرا يصبح عاملا ويدخل البرلمان للاحتيال على دخول البرلمان ليصبح نائبا.
هل من المعقول ان يكون الجهل هو الذى يناقش ويصدر التشريعات ويتحول البرلمان إلى مجرد مسرح كوميدى وأساس يقوم على التصفيق والتهليل للحاكم مقابل الحصانة.. يا سادة فى مصر أكثر من عشرين جامعة حكومية تقوم بتخريج ملايين الخريجين وعشرات المعاهد العليا ينظرون إلى هذه النسبة بسخرية وأصبح على لجنة الخمسين التى تضع الدستور الجديد ان تجد حلا لإنهاء هذا الشذوذ الدستورى.. البرلمانات فى الأصل مكلمة تقوم على الكلام والمناقشة والإقناع والعلم والثقافة سواء فى أعمال الرقابة البرلمانية أو التشريع.. مصر تحتاج نواب فاهمين ومتعلمين وعلى لجنة الدستور ألا تلتفت الى تهديدات أحد أعضاء اتحاد العمال انهم سوف ينسحبون إذا الغيت هذه النسبة فقد انتهى العمر الافتراضى لها كما ذكر الرئيس عبد الناصر وحددها بعشر سنوات على الأكثر.. بل ان وجود هذه النسبة يعد تمييزا صريحا خاصة ان الدستور الجديد يتضمن مادة تنهى التميز وأيضا يتناقض مع المادة التى تنص على المساواة بين المواطنين فى الوطن.
آن الأوان لإنهاء هذا الشذوذ الدستورى والتمييز الفاضح لفئة من فئات المجتمع واتركوا الشعب يختار ممثليه دون وصاية ودون ممتاز.