رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قناة "الجزيرة"...والدور المخابراتي!!..(3 -3)

قلنا إن قناة "الجزيرة" ليست الذراع الإعلامي فقط لدولة قطر، بل هي الذراع السياسي أيضاً، وكلاهما وجهان لعملة واحدة، هي الطموح اللامحدود، رغم شرعيته، والتضخم القابل للانفجار، رغم مخاوف نتائجه وآثاره، ولكن عندما تصبح الدولة القطرية "الحاضنة" للآلة الاعلامية المتعاظمة بمعاييرها الخاصة، والقناة "الحاملة" للدولة، بتوجهاتها المثيرة للجدل، فإن "شيئاً ما" يتعارض مع اللاحيادية والموضوعية والمنطقية، ويبقى ساكناً تحت الرماد، فهل تماهت الدولة مع "الفضائية" أم أن "الجزيرة" هي من تحدد إلى أين تتجه الأجواء والسباحة في الفضاء الرحب؟!.

وبين التماهي وتحديد المسار، يثار الجدل، وتقع الخلافات، وتتفاقم المغالطات وتتوه الحقائق، أو تتثبت الشائعات، وتتحقق المؤامرات، وتتبادل الأدوار.
وعندما تتضخم الآلة الإعلامية، لتصبح "دولة" داخل الدولة، فإنها بلاشك قد وصلت الى منحنى الهبوط، خاصة إذا فقدت إتساقها مع ذاتها المهنية، وسارت دون ضوابط تحفظ توازنها، وانحرفت لىساحات أخرى غير متسلحة بأخلاقيات ومعايير الدور المنوط، وهو ما حدث لقناة "الجزيرة" عندما مارست "الدور المخابراتي" تحت مظلة إعلامية، ليس بإحترافية ومفهوم العمل الاستخباراتي الصرف، ولكن بأدوات إعلامية غير مكتملة الأركان أقرب الى الهواية منها الى الاحتراف.
وإذا بدأنا من حيث انتهت الأحداث، تطبيقاً لـ الدولة "الحاضنة" والقناة "الحاملة"، فإن الدور المخابراتي يتضح جلياً ودون شكوك، وفق التسريبات أو التأكيدات الأخيرة  في التسجيل الصوتي المنسوب في مكالمة هاتفية لـ وزير خارجية قطر حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني "الرجل الأخطبوط"، والذي أكد فيها "أن النظام السعودي ساقط لا محالة على أيدي قطر"، إلا أن مروجوا "التسجيل لم يوضحوا تاريخ تلك المكالمة أو الطرف الثاني فيها أو كيفية حصولهم عليها.
والمحور الأهم في التسجيل ليس تقسيم السعودية أو شيخوخة النظام، وضعف الجيش السعودي كما قال بن جاسم في التسجيل، ولكن إجتماعه بحسب إعترافه في التسجيل، بالمخابرات الأمريكية والبريطانية ومناقشة الرغبة في الخلاص من النظام السعودية والإطاحة به، وسط مخاوف من حكم إسلاميين غير مرغوبين، في السعودية، وإعطاء دوراً أكثر تميزاً لقطر في المنطقة.
والأمر بهذا التصور، إن صحت تلك الشائعات، رغم عدم نفيها رسمياً من الخارجية القطرية، وهو الأمر الذي يثير التساؤلات، يكشف الدور "المخابراتي" المقابل الذي تلعبه قناة "الجزيرة"، فهو التغييب الكامل والتجاهل التام لخبر صحيح لكل من يسمعه، وهو أمر مستغرب لـ فضائية، أضعها موضع الاهتمام لتميزها الاخباري وشبكتها الدولية الواسعة، حيث أنه يحمل تفسيرين لا ثالث لهما، إما العجز عن الإنكار،وبالتالي صحةالتسجيل،  وإما عدم القدرة على الإقتراب من الداخل القطري، وهو المحور الأكثر خطورة لما يحمله من إزدواج المعايير الأخلاقية، وبالتالي عدم الاتساق مع الذات، ليس فقط  لهذه الآلة والفضائية ذات المشاهدة العالية، ولكن أيضاً للعناصر الإعلامية العاملة فيها والمؤمنة بشعار التطهير، وكفاحهم في شرف المشاركة فيه، فهل يلتقيان...الازدواجية والاتساق؟!
        وفي الحرب بين اسرائيل و"حزب الله" الموالي لايران في لبنان، والمعروفة بـ "حرب تموز" 2006 لعبت فيها قناة "الجزيرة" دوراً مخابرايتاً واضحاً تحت عباءه التغطية الاعلامية، ولم يكن الأمر عصياً على الفهم، حتى للمشاهد العادي، وليس للمحترفين من رجال الاستخبارات أو المخابرات أو الأمنيين والسياسيين، او للمراقب الاعلامي المدقق، بصرف  النظر عما إذا كان القائمون على نقل الرسالة الاعلامية متعمدون لايصال رسالة استخباراتية تفيد طرفاً على آخر أم لا، فمثلاً  أهمها:
• كانت "الجزيرة" لتعاظم نسبة المشاهدة العربية، تتبنى حصرياً، برغبة من حسن نصر الله زعيم "حزب الله"، بث رسائلة بشكل كامل حتى وإن طالت الرسالة بهدف "الردع المعنوي" للعدو الاسرائيلي، في الحرب التي دارت بينهما، واسقاط "الرعب" في أوساط الرأي العام الصهيوني.
• كانت قناة "الجزيرة"، أحد إدوات الاتصال والتواصل وحتى استخدام "الشفرة" من جانب "حزب الله"، بعدما استهدفت الغارات الاسرائيلية المواقع القيادية المرصودة لقوات  الحزب وضرب مراكز الاتصال. ولاحظنا جميعاً كمشاهدين، أن التغطية الميدانية المباشرة، كانت سبباً مباشراً  للفعل ورد الفعل العسكري من جانب الطرفين الاسرائيلي.و"حزب الله"، أي أن النتيجة كان يمكن ملاحظتها ميدانياً على الفور، وليس من المستغرب أن "الجزيرة" كانت تلجأ إلى استضافة الناطق باسم الجيش الاسرائيلي وآخرين، في محالة لايجاد نوع من التوازن "المخابراتي" بغطاء إعلامي، وكذلك لامتصاص رد الفعل الاسرائيلي والامريكي من خلال ايصال الرسالة الاسرائيلية للرأي العام العربي، وهو معيار اسرائيلي مرغوب.
• كاميرات "الجزيرة" لعبت دوراً عسكرياً في "حرب تموز" عندما كان المراسلون يقفون في مناطق تغطية عسكرية، كان أهمها، لو تذكر المتابعون للأحداث، مصانع البتروكيماويات الاسرائيلية في حيفا، وكانت صواريخ تابعة لـ "حزب الله" قد سقطت للتو بالقرب من عدة كيلومترات، وخشيت اسرائيل من استخدام "حزب الله"، لاحداثيات حسابية، يجعل إطلاق صواريخ جديدة أكثر قرباً من المصانع وبالتالي كان قراراً اسرائيلً صارماً بمنع مراسلي "الجزيرة" وكاميراتهم من الوقوف أمام منشآت استراتجية وحيوية، وإعادة تحديد أماكن الارسال لهم.
• وقعت "الجزيرة" بسياستها التحريرية وتغطيتها لـ "حرب تموز" في فخ الدور المخابراتي الذي أراده "حزب" الله" وهو تعظيم دور الحزب كمقاومة وقوة "أساسية" تدافع عن الدولة اللبنانية "عديمة الوجود" أو"الملغاة" عسكرياُ من وجهة نظر الحزب، كما أن الحزب روج للقوة الشيعية "الضاغطة" في مقاومة الكيان الصهيوني المعادي للعرب، وصب الأمر برمته في الملعب الايراني والسوري.
•   الحسابات الاستخباراتية أو المخابراتية لـ "حزب الله"، والتي لعبت "الجزيرة" دور الذراع الاعلامي فيها، كشفت عن أخطاء فادحة في الفكر الاستراتيجي لزعيمه حسن نصر الله وهو الذي اعترف بخطأ أصل المشكلة، وهي عملية إختطاف 4 جنود اسرائيليين، آملاً في مكاسب سياسية، إلا انه فوجئ برد فعل "جنوني" أسقط معه الدولة اللبنانية وكشف عن خضوعه لحسابات أقليمية وتوجهات ايرانية وسورية، فضلاً عن مئات القتلى وتدمير الجنوب اللبناني بكاملة، وبالتالي خسائر بشرية واقتصادية، دفعتها "الخزينة العربية" ولم تساهم بها ايران ولا سوريا، لكن العد التنازلي للحزب بدأ مع  الخضوع لهذا الفكر المخابراتي، وهو ما كشفت عنه بعد ذلك الأزمة الداخلية لـ "حزب الله" وتصادمه وتوجيه سلاحه الاستخباراتي بنفس الفكر مع الداخل اللبناني. كما نجح "حزب الله" في تسخير كوادر إعلامية واضحة المعالم داخل "قناة الجزيرة"، لتكون الذراع الاعلامي للحزب، وتوجهاته، وبث شائعاته، وتضخيم صورته، وتصدير أهدافه واستراتيجيته إعلامياً، والمذيع السابق في القناة غسان بن جدو، كان هذا الرجل، الذي خصه حسن نصر الله بلقاءات حصرية، بث من خلالها  في "الجزيرة" رسائل "استخباراتيه مرغوبة" للرأي العام العربى قبل الاسرائيلي.
          والمتابعون للأحداث بعيون المشاهد العادي وليس بفكر المحلل الاستراتيجي أو الخبير الأمني، لا يمنع نفسه من وضع قناة "الجزيرة" موضع الشك كونها لعبت دوراً مخابراتياً لا يحتاح الى كثير من الذكاء ولا يمكن "للمصادفة" وحدها أن يقتل هؤلاء المستهدفين، بصرف النظر عن الاتفاق والاختلاف معهم، فو ليس موضوعنا، وتكون النتيجة واحدة وهي قتلهم جميعاً بعد كل لقاء أوحوار يتم معهم ويبث على الهواء، مثل أبومصعب الزرقاوي قائد تنظيم "القاعدة" في العراق، وقتل في يونيو 2006 بعد لقاء مستغرب يتأكد لأي شخص انه "كمين"، فلم يكن الا استعرض عضلات للزرقاوي ، في غير توقيته، وتنظيمه في منطقة صحراوية شمالي بغداد يسهل رصدها وتحديدها، وهو ما قد حدث بعدها وتم قصف المكان، وإنتهت اسطورة الزرقاوي، وبدأت الشكوك والأسئلة حول دور القناة المخابراتي بمظلة إعلامية. وكذلك مقتل الملا داد الله  ذلك القائد المياني الداهية لحركة "طالبان" الأفغانية في مايو 2007 بعد قصف عنيف مماثل من قبل المقاتلات الأمريكية  لأقليم هلمند جنوبي أفغانستان وقتل أيضاً شقيقه منصور دادالله، بعد أيام من بث قناة "الجزيرة" لقاء لمراسلها مع داد الله.
        وإذا لاحظنا نجد أن مقتل نموذجين مثل الزرقاوي وداد الله، في 2006، و2007، يمثلان "حقبة من التعاون الاستخباراتي بذراع إعلامية"، وهو أمر وارد في التاريخ والصراع العسكري في استخدام الآلة الاعلامية لبث شفرات أو رسائل محددة، وبين مقتل على سبيل المثال طارق أيوب مراسل القناة في العراق، في ابريل 2003، والذي يمثل "حقبة أخرى معكوسة تماماً" أي أن القناة نجحت في إحراج جهاز الاستخبارات الأمريكية ووزارة الدفاع  أمام الرأي العام  الأمريكي قبل العربي، وتأليبه ضد الولايات المتحدة، فكان قصف موقع "الجزيرة" واستشهاد طارق ايوب، إلا أن صفحة "العداء الاستخباراتي الاعلامي"، قد تغير من المواجهة وما حملته

من مخاطر تهدد الدولة الحاضنة لقناة "الجزيرة " أو تهدد القناة الحاملة لدولة قطر، إلى التعاون والتنسيق وترتيب المواقف وما يحمله من إعلاء للمصالح المشتركة، لتخرج قطر وفق هذا التصور من "دكة الاحتياط الى لاعب هجومي بل وهداف".
ولعل ما رآه المشاهد، وما كشفته وثائق "ويكيليكس" المسربة  في أكتوبر 2005عن وجود تعاون وثيق بين المدير العام لقناة "الجزيرة" آنذاك وضاح خنفر ووكالة الاستخبارات العسكرية الأمريكية(CIA)،  يثبت ذلك التحول في التعاطي الاعلامي الاستخباراتي مع ما يزعج الأمريكيين بعد أن كشروا عن أنيابهم للدولة القطرية والقناة، التي  كانت النافذه الحصرية تقريباً التي يطل من خلالها أسامة بن لادن في هذا الوقت على الرأي العام العربي والدولي، ليفند ارهاب الدولة العظمى،الولايات المتحدة، ومعاييرها المزدوجة مع المسلمين وقضاياهم، ويبرر قرار "القاعدة"بالجهاد ضدها.
       والمراسلون في قناة  الجزيرة، بعضهم إن شئنا الدقة،  لم يكونوا بمنأئ عن ذلك الصراع المخابراتي ، بإرادتهم أو بغيرها، فالبعض منهم كان لديه الأرضية الخصبة لهذا الاستعداد، ليس بالطريقة الاستخباراتية الاحترافية الكاملة، ولكن من خلال الواجهة الاعلامية في غالبيتها، فتراهم تارة لاعبين لتسديد الاهداف، بأرجل مدربيهم وملاكهم، وتارة أخرى ضمن شبكة خيوطها واسعة تتلقى الضربات، ولنا في نماذج ثلاثة مثالاً وفق معايير العمل المخابراتي الاعلامي  ، وهم تيسير علوني، وسامي الحاج،  وسامر علاوي، خاصة عندما يكون العمل الاعلامي مرهوناً بـ " الحرب على الارهاب".
        وعلوني ، لتميزه المهني، وتحت مظلة حرية الوصول للمعلومات والحفاظ على سرية المصادر،  وقع فريسة سهلة للعب هذا الدور، الذي رأته السلطات الاسبانية التي يحمل جنسيتها متورطاُ فأصدرت في سبتمبر 2005 حكمها على تيسير علوني بالسجن سبع سنوات مع الغرامة بتهمة "التعاون" مع ما أسمته منظمة إرهابية، رغم تبرئته من الانتماء لتنظيم "القاعدة"، بحكم عمله في أفغانستان مع بداية الحرب على الارهاب 2003.
       أما سامي الحاج مصور "الجزيرة" الذي أفرج عنه في مايو 2005 بعد إعتقال دام أكثر من خمس سنوات في "غوانتانامو" على خلفية  تغطيته الحرب على أفغانستان، فيمكن وصفه بالنموذج  "الراغب" بالعمل المخابراتي بأدوات المهنة، بإندفاع شخصي من خلال تحليل سماته الشخصية والنفسية وقراءة تصريحاته التي شاهدناها جميعاً بعد الافراج عنه، وما صاحب ذلك من معارك قانونية وفترات كر وفر في تعاطي "الجزيرة" مع قضيته، وتدخلات قطرية وسودانية وحملات شعبية ومن منظمات المجتمع المدني، في دلاله واضحة على صعوبة موقفه، ومن ثم إستبعاده من كونه مصوراً، وهو يبدوا كان من ضمن قيود وشروط الافراج الصفقة. 
لكن سامر علاوي مدير مكتب "الجزيرة" في أفغانستان، الذي أفرجت عنه المحكمة العسكرية الإسرائيلية في نهاية سبتمبر 2011 بعد 49 يوما من الاعتقال والتحقيق، بتهمة التآمر من خلال تقديم خدمة لمنظمة معادية لإسرائيل، وهي حركة "حماس"، التي طلبت منه وفق لائحة الاتهام بالتخابر ضده بالتركيز في تغطيتة على نشاط القوات الأميركية في أفغانستان "لأن في ذلك خدمة" للمقاومة الفلسطينية، فيعد نموذجاً للهدف المخابراتي"السالب والموجب" خاصة أنه كشف عن رغبة المخابرات الاسرائيليىة في تجنيده.
       ولأن معمر القذافي كان يعرف الكثير ولديه كنز أسرار، وإذا بقي حياً فلا يؤمن جانبه، لفرط شخصيته المثيرة للجدل، ولهذا جاء مقتله "برصاص مخابراتي" دولي، في مشهد صمم على هذا النحو اللا إنساني واللا إسلامي، اشتركت في الضغط على زناده أطرافاً عربية وغربية، تحت مسمى "الثورة الليبية" المسلحة بقيادة حلف شمال الأطلسي "الناتو"، ولكن كان أهم ما يلفت الانتباه هو الدور المخابراتي الذي لعبته قناة "الجزيرة" في الاطاحة بـ القذافي  بغطاء إعلامي، أن عملية البحث عن القذافي من أجل العثور عليه الأيام الأخيرة  شكلت عائقاً، فكانت "الجزيرة" تلقي بأخبار عاجلة تفيد بالعثور على القذافي أو ابنه سيف الاسلام أو مقتل أحد من أبناءه، ثم ما تلبث أن تعلن عدم دقتها. وكان الغرض من ذلك هو الاستفاده من رصد الاتصالات بين عائلة القذافي بأحدث التكنولوجيا وهو ما اعترفت به بعد ذلك قيادات من"الناتو"، وتمكنت بالفعل من رصد تحركات كتائب القذافي ومجموعته. كما أن تجاهل قناة "الجزيرة" لتغطية القصف العنيف من مقاتلات "الناتو" للمدن الليبية والدمار الهائل الذي أحدثته ولا يعرفه الكثيرون حتى الآن، لا يمكن تصنيفه إلا تحت "التنسيق الاستخباراتي" بالتركيز على الهدف المجمع عليه فقط، وهو ما يدلل على الانتقائية المهنية غير الموضوعية، وهو أمر معيب في المعايير الأخلاقية للرسالة الاعلامية.
"الدور المخابراتي" لـ قناة"الجزيرة" طالما تمنيت أن أقرأ فيه بالقلم، وهذا لا يعني أننا نحمل معاول هدم لها، بل إن الطموح السياسي للدولة القطرية الحاضنة، هو حق مشروع وأنا أول مؤيديه شرط أن يكون وفق استراتيجة لا تلغي الآخر، أوتنال منه، أو تقفز عليه، وهي للأسف نهج سياسي يهرول إليه البعض، على حساب البعض، وهذا هو مكن الخطر، وإلا قياساً على ذلك، فما معنى مثلاً لأن تعطي "الجزيرة" في الوقت الراهن، بضع ثوان معدودة لـ حسن نصر الله و"حزب الله" وسلاحه، بعد أن كانت تفسح له المجال حصرياً ربما لساعات، وتصنع منه دولة داخل الدولة، ولم تسمع حينها لمخاطر الترويج وتعظيم السلاح غير الشرعي، ولكن حتى لو أختلفت السياسيات والتوجهات والمناخات الدولية، فليست مبرراً على الاطلاق، أن تتجاهل ما يتداوله الأخرون، وتنهج "الانتقائية" الاعلامية عقيدة وحياة، و الفرق شتان بين الحيادية واللاحيادية والموضوعية، فأن تكون حيادياً ليس معناه آلا تكون موضوعياً، أو تنحرف عن المسار، ولكنها "فقط" تحدث عندما يقع التآمر ويحل "الدور المخابراتي".