رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قناة "الجزيرة" ..الرسالة الإعلامية في "خطر"!!(1ـ 3)

الدور الذي لعبته قناة "الجزيرة" في أحداث "ميدان التحرير" الأخيرة غير الدور الذي لعبته في ثورة  25 يناير، بل ربما تغطيتها للثورة  المصرية قد أغراها لأن تكون "البديل الفضائي للثورات" العربية وهو ما سنتعرض إليه لاحقا.. حتى باتت لها قدرة خاصة على صناعة الثورة وتوليدها على شاشتها،

قبل أن تقوم الثورة فعلياً على الأرض كما حدث في ليبيا مثلاً، مع الاسقاط على "غرفها" ومحرريها ومذيعيها، ومراسليها، "وطلتهم الثورية"، لنتعرف على دورها في الثورات التونسية والمصرية واليمنية والليبية السورية، مقارنة بتغطيتها لأحداث و"انتفاضات" أخرى في المنطقة، ومدى مقاربتها المهنية أولاً، ومن ثم الدوران في فلك "سياسة التوجه" اللامحدود، تماهياً مع "الدور المخابراتي" لـقناة "الجزيرة"، من المنظور الإعلامي، وهو الدور المنوط بها في بعض الاحيان، وسنتعرض إليه لاحقاً.
وقد حدث فعلاً وتكشفه تغطيتها لكثير من الأحداث العربية والاقليمية والدولية، خاصة في حرب العراق وأفغانستان والتخلص من قيادات تابعة لتنظيم "القاعدة"، أو تعظيم تيارات بعينها في دول بعينها، وهو أمر أدى لتأزيم الكثير من العلاقات الدولية والأمريكية والعربية مع دولة "قطر" التي تنطلق منها قناة "الجزيرة"، والتي أرى أنها "الذراع السياسي" وليس الاعلامي فقط لقطر.
وجميعنا لا ينكر أن نسبة المشاهدة لقناة "الجزيرة " ربما تكون الأعلى عربياً والذي يميزها في ذلك إنها قناة إخبارية متخصصة أي أن المتابعة الاخبارية لمن أراد فيها مقاربة ومتابعة أكثر من أية قنوات أخرى تتباعد وتتقارب المسافات والتغطيات والتوجهات لنفس الحدث مع قنوات وفضائيات أخرى مثل "العربية" "الحرة" و"BBC" عربية ، وثانياً أن خريطة االبرامج التي ربما نستطيع أن نطلق عليها "وسائط"، وهي تتماثل مع الخدمات الإلكترونية في عالم الاتصالات، تصب في بانوراما نفس الحدث، ولكن بقراءات أخرى وتوجهات أخرى، يلعب فيها المحرر والمعد دوراً يتماهى مع توجه القناة وأحيانا مع توجهه الخاص وقد يتعارض مع توجه القناة أحياناً كما حدث فعلاً وسنأتي إليها في تفصيلات أخرى.
في ثورة 25 يناير تعاطفت "الجزيرة" وقنوات أخرى مع ثورة الشعب المصري، مثل "العربية" و"الحرة" و"BBC" عربية والانجليزية و"CNN"، التي سبقت كل القنوات في بث ثوان معدودة من "جمعة الغضب" خاصة على كوبري "قصر النيل"، ثم بثتها "الجزيرة" كاملة وكانت مشاهد كأنها من "الحرب العالمية الثانية"، وكان أكثرها ألماً هي حالة العنف المجنون التي انتابت الشرطة المصرية لدرجة تصويب وتركيز خراطيم المياة القوية تجاه الشباب والمتظاهرين على الكوبري وهم يؤدون الصلاة، رغم أنها أرقى حالات التظاهر السلمي، الى أن نجح المتظاهرون في اسقاط "الداخلية" تماماً من المشهد. ونجحت "الجزيرة" مع بدء بث تلك المشاهد في الاستحواذ على المشاهد المصري أولاً  ومن ثم العربي والعالمي في متابعتها وتغطيتها لحدث اسقاط رئيس أكبر دولة عربية وأكثر حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، فكانت "الجزيرة" تعلب بينهم دور "المتظاهر الاعلامي" الأهم، خاصة مع "حالة النوم" لكاميرات التليفزيون المصري الحكومي، وحتى القنوات الخاصة التي لم تتماهي وبرامجها مع الثورة، الى أن ركبت الثورة مع مذيعيها ومذيعاتها بعد ذلك. وكانت تقارير أكرم خزام القوية في قناة "الحرة" استثناءاً أثار إعجاب الفاهمين للأداء الاعلامي الثوري، وتحمله كامل المسؤولية ولم يكن مبارك قد أعلن تنحيه بعد.
أما الشواهد التي ندلل عليها بانحراف "الجزيرة" عن أداءها المهني وقربها من "النزعة الثورية" المكتسبة، في تغطيتها لأحداث ميدان التحرير الأخيرة في مظاهرة السلفيين وبعد ذلك في مطاردة قوات الأمن للمتواجدين والمعتصمين في الميدان من أسر الشهداء والمصابين والمطالبين بمستحقاتهم في التعويضات، وحالة "اللافهم" لمشاهد الكر والفر وإخلاء الميدان، ومن ثم إنسحاب قوات الشرطة وتصاعد الموقف على نحو لم يستوعبه الكثيرون، مع عدم استيعاب الاسلوب غير المبرر لقوات الأمن والجيش لاخلاء الميدان بالقوة، وهو ما أى الى التعبئة الحقيقية لما عرف ببداية الثورة الثانية، رداً على مشاهد العنف واستخدام الغازات المسيلة للدموع وسقوط أكثر من 38 متظاهراً تقريباً برصاص معلوم ومجهول في آن واحد.
وتعمدت قناة "الجزيرة" في تغطية مشاهد الكر والفر صباح السبت ويم الأحد بعد مظاهرة استعراض القوة السياسية  غير المطلوبة ولا اللازمة لأنصار المرشح حازم صلاح أبو اسماعيل باستخدام الطوب والحجارة وقنابل الغاز وبكاميرات "ZOOM"، مع حالة

التركيز الشديدة على الحدث وتصوير التجمع المواجه لكاميرا فقط مع عدم فتح صورة بانورامية للميدان بكاملة ولم تكن الأعداد قد بدأت في التوافد بالفعل مساء يوم الأحد، وبدا وكأنها تتعمد ايقاظ ثورة ثانية في مصر، في وقت كان ذلك على حساب إنحسار التغطية الاعلامية لأحداث سوريا، مما أعطت فرصة للنظام السوري لالتقاط الانفاس، وقتل المزيد من أبناء الشعب السوري، وهو نفس الكمين الذي وقعت فيه قناة "العربية".
إضافة الى ذلك فإنها تماهت مع رغبة بعض الدول المحيطة في تشويه الصورة الحضارية، التي كانت عليها ثورة25  يناير وسلميتها، وهو أهم ما ميز الثورة المصرية عن مثيلاتها.
وتزامن ذلك مع ارسال "كتيبة" مراسلين على الفور من الدوحة  للقاهرة،  ولكن لوحظ أن "الجزيرة" في نشراتها المتوالية تقول وتكتب "الآلآف يتدفقون على ميدان التحرير"، "وأنباء عن اشتباكات دموية أمام مجلس الوزراء"، و"آلاف المتظاهرين في الاسكندرية يتوجهون الى مقر القيادة العسكرية "، إضافة الى تبنيها بث أخبار عن مظاهرات في جميع محافظات مصر وهو أيضا  أمراً لم يحدث بهذا المفهوم، اللهم إلا تجمعاً من بعض المراهقين الموجهين من القاهرة، لا يلبث أن يتفرق،  وكان ذلك لم يحدث فعلياً عل أرض الواقع ، وكيف للقناة  عشرات المراسلين  ومكتبها الرئيسي لا يبعد سوي عشرات الامتار عن ميدان التحرير وتقول "أنباء" أليس من الأفضل أن يحسم مراسلها أمره ، ويؤكد أوينفي المعلومة، وكان ذلك من نقاط الضعف المهني تماماُ في سباق  محموم للخبر العاجل، وهو نفس الكمين والخطأ الذي الذي وقعت فيه "القناة" في أثناء أحداث ليبيا وبثها لأخبار إعتقال  القذافي وابنه سيف الاسلام، ثم لا تلبث أن تعود فتنفيها، وقال آنذاك مسؤول القناة بأن مصادر تعطي معلومات مضللة للقناة لضرب مصداقيتها.
وكان النتيجة، في رأي، أن القناة سحبت من رصيدها لدى المصريين في 25 يناير، بتعمدها هي و"العربية"، بمفهوم الرسالة الاعلامية، إظهار حالة من الفوضى وعدم  التحضر في الشارع المصري، وهو أمر لم يتجاوز في حقيقة الأمر "ميدان التحرير"، نظراً لاشتراك تلاميذ ومراهقين، وهو التساؤل المحير، وفيما عدا ذلك فهي حوادث كان أكثر منها يقع في عهد مبارك. والحقيقة أنها أيضاً أرادت فيما يبدو أن تكفر عن تغطيتها غير الموفقة أيام الجمعة والسبت والاحد ، فجاءت تغيتها مقبولة ومتوازنة في الانتخابات البرلمانية، خاصة أن الاقبال الشديد من المصريين على التصويت فرض نفسه، ودفع المراسلين الى حالة الاتزان الاخباري، مع تميز البعض منهم.
قناة "الجزيرة" هي الوجه الآخر لدولة قطر، وربما أو المؤكد هي الأشهر من كيان الدولة، والدور الاعلامي للقناة هو الدور السياسي المكمل لحكومة قطر، بالتنسيق الدولي مع حلفاءها، والمؤكد أيضا أن الاثنان يواجهان "خطراً" على المدى البعيد إذا تداخلت الحسابات السياسية والدولية والمهنية الاعلامية.