رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يا أهل "شبرا مصر".. يا وحدة

"يا أهل شبرا.. يا وحدة"، هكذا استنجد نشطاء كفاية بـ"شبرا مصر" قبل خمسة أعوام ونصف العام. وليلة أمس الاثنين.. الثالث من يناير 2011، فاجأنا أهل شبرا مصر.. بأن اسمه "مازال" على مسمى: شبرا.. مصر.

(شبرا.. مصر).. هكذا عرفناه تميزاً عن مئات يماثلنه في الاسم.. الذي يعني "العزبة/ القرية" بالقبطية، مع إضافة.. الخيمة أو النملة... إلخ، لكنه ظل وحده يُلخص الوطن اسما ومعنى: شبرا مصر.

بعد جريمة هتك الأعراض التي ارتكبها اللانظام الحاكم عام 2005، قررت كفاية اللجوء إلى الشارع، فاحتمت بشبرا مصر. بدأت المظاهرة بحوالي150 ناشطاً، وانتهت بأكثر من 1500 متظاهر، ومعها نقلت فضائية لأول مرة للعالم، كانت الجزيرة، هتاف: يسقط.. يسقط حسني مبارك، هادراً.. مع مشهد الحشود تتحرك في الشارع الوسيع. مازال صداه يرن في أذني، فالهاتفون ليسوا مُسيسين.. كانوا بشراً عاديين، شباب ومعلمة قهوة وبائعة ذرة مشوي، هذا ما نقله المراسلون وقتها.

أول إشارة لاسمه، شبرا، كان عام 882 م في"تقويم النيل"، قبلها كان جزيرة وسط النيل تحمل اسم (الفيل)، ومع الفيضانات المتكررة وبفعل إطماء النيل اتصلت الجزيرة بالأرض لتصبح أرض شبرا وروض الفرج. شهد الحي "نقلة نوعية" مع تأسيس محمد على مصر الحديثة، الذي بدأ بناء قصره فيه قبل مذبحة القلعة. كان يحلم بقصر يشبه القصور العثمانية على البوسفور والدردنيل، ومع اكتمال القصر وبناء قصور للأثرياء حوله وبالقرب منه، فكر محمد علي في أُخريات أيامه بتعميم فائدة جمال الحي وإتاحة الفرصة للجميع للتمتع به. أمر بشق شارع يكون "الأوسع والأكثر استقامة في البلد".. فولد شارع شبرا عام 1847م، كمنتزه مفتوح في ضواحي العاصمة.

رغم تكونه بداية على أيدي الأثرياء، ارتبط في ذاكرتنا الاجتماعية بالطبقة الوسطى. له طبيعته الخاصة، بيئة مُنفتحة، أكثر تقدماً اجتماعياً.. قادرة على احتضان نماذج لثقافات مختلفة. والأهم تجلي الوحدة فيه بين عنصري الأمة.. دائماً ما تقفز مع اسمه نماذج تعايش وتداخل بين العنصرين، تجاوزت كل ما مر بالوطن من أزمات.

لـ(شبرا مصر) صورة أخرى موازية.. شعبية، "ولد بيكلم بنت على التلتوار" كما أبدع عبدالرحمن الأبنودي. وشقاوة شبابه.. وجمال ورقة بناته. ومنه خرجت.. وفيه عاشت أسماء، ظلت وفية لروح المكان، تتذكرها في أفلامها، (يوم حلو.. ويوم مر) لخيرى بشارة و(أحلى الأوقات) لهالة خليل و(فيلم هندي) لمنير راضي و(هي فوضى) ليوسف شاهين وخالد يوسف، وقبلها (بداية ونهاية) لصلاح أبوسيف. وكتابات.. رواية (شبرا) لنعيم صبري، وإبداعات فتحي غانم، خاصة روايته (بنت من شبرا)، التي تحولت

إلى مسلسل/ مشكلة تكشف عن تشوهات ألقت بظلالها على الوطن كله. ومذكرات المؤرخ/ المفكر رءوف عباس.. (مشيناها خطى كُتبت علينا)، ودراسات وأبحاث المؤرخ محمد عفيفي المُنشغلة بـ(شبرامصر).. كحالة تاريخية اجتماعية ثقافية، وكتلخيص لمصر مأزومة.. ومأمولة.

الآن، بعد خمس سنوات ونصف، ومع تفاقم تأزم مصر وبلوغ الاحتقان الطائفي ذروته، يحتمي عشرات النشطاء بالشارع الذي أكمل عامه ألـ 164، ليدفئهم بألوف.. قيل خمسة.. قيل عشرة، توزعوا بين شارع شبرا نفسه وشارع الترعة البولاقية، ورغم كل مضايقات الأمن استمرت المظاهرات حتى بعد الحادية عشرة ليلاً. وإذا كانت الجزيرة، ووسائل إعلامية أخرى، قد ركزت على مشاهد الاحتكاكات مع الأمن، فإن نشطاء الفيس بوك نقلوا وجهاً آخر للصورة. فالواضح أن الامن لديه تعليمات صارمة بعدم اعتقال أي مسيحي، فكان أن اعتقل خمسة نشطاء مسلمين، لتتحول المظاهرة من الثانية عشرة ليلاً إلى اعتصام حتى الرابعة فجراً.. له هتاف "مسيحي" وحيد: "سيبوا أخواتنا المسلمين". وتنقل (الشروق) صورة أجمل للمشهد.. كتابة وصورة:

** طاف أكثر من 5000 مواطن شوارع شبرا، في مظاهرة شعبية سلمية -قدرها المراقبون بأنها الأكبر من نوعها في السنوات الأخيرة- جمعت المسلمين والمسيحيين، وتصدرتها محجبات يحملن الصلبان، بجوارهن مسيحيات يحملن المصاحف، منددين بالتقصير الأمني المتسبب في حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية، ومطالبين بإقالة المسئول عن هذا التقصير، ولم تفلح أجهزة الأمن في تطويق المظاهرة التي امتدت إلى الشوارع الرئيسية.

وأغلقت معظم المحال أبوابها في شارع شبرا والترعة، وانضم أصحابها جنبًا إلى جنب مع المتظاهرين، مرددين هتافات: "تحيا مصر"، و"يحيا الهلال مع الصليب"، رافعين المصاحف جنبًا إلى جنب مع الإنجيل.

مدد.. يا أهل شبرا مصر.. يا وحدة