رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

موعد مع الحقيقة المطلقة

كثيرا ما يتوقف الإنسان أمام ماضيه، سائلا نفسه أسئلة قد تؤذيه، بعضها يكون ذاتي الأثر، وبعضها الآخر يبدو عامي العبر، تكون بصدق وقفة حق، وفيها يرى داخله بعين ناقدة باصرة مستبصرة، يستدعي حينئذ ماذا كان منه، وينظر فيما يكون فيه، ويستشرف ما يجب أن يكون عليه، وفي كلٍّ يحاول الانتفاض بُعَيْد الانقضاض، والوفاء قبيل الانقضاء، والانتقاص ولات حين مناص.

وأكثر شيء يثير الشعور ويمير الإحساس وينير الفؤاد ويعير الهوى هو الموت، تلك الحقيقة المطلقة، والواقعة الأليمة الشفقة، وذات الحال الحقة: سكون بعد حركة، وثبات بعد نشاط، وسؤال بعد أعمال، وإجابات في ضوء الأفعال، واستحضار لما قد كان ولا يدري أيكون اهتداء أم ضلال؟!! واللسان يتمتم رغم ختمه: يا ليتنا نرد إلى دنيا فنعمل غير الذي كنا نعمل، ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه، وما جزاء الإحسان إلا الإحسان، وليس بعد الكفران إلا الخزيان والخسران.
روح إلى باريها عادت، ولا يعلم بعودها: هل أدت الأمانة حق أداء، أو خانتها ولم توفها حسن وفاء؟!
ونفس إلى ربها رجعت، وإنها بينونة من بينونتين، إما أمارة وإما مطمئنة، وأما اللوامة فلم تعد لها آنئذ مهام، وانتفى لها المقام، وصار فواتها حلما من الأحلام، ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا؟

بلى، وليت ... وليت ينخرب بها البيت !!
ما الإفاقة إلا إراقة الدماء في الوجوه البراقة، والشرايين العملاقة، تلك التي خامدة نائمة، فتستحيل إلى فولاذيات عائدة واهمة، وفي الحوالي دموعات منسدلات على الأكف المرفوعة، راجية السرر الموضوعة، بقلوب مشفوعة، وآمال مزروعة، وإن رحمة الله قريب من عباده المحسنين.
من هنا - هنا فقط - يستفيق المرء من غفوته، ويستيقظ من حلمه، ويقوم من نومه، فيجد نفسه حيا طليقا، حرا أنيقا، له مواعد ومواعيد، وأوليات ومواقيت، فينظر فيها نظرة المائت العائد، ويقول في مكنوناته قولة القائد: أن هلموا إلى طاعات البديع، لتنالوا الرضا الوسيع، تاركين ظلامات سحيقة، بين أيدي رفيقة، مستثمرين الطفولة قبل الشيبوبة قبيل الكهولة، وخيره ما صغرت أعماره وحسنت أعماله، وعظمت آماله، بألطاف وأطياف وإشراقات، وإنما تطلب البركات بالتحيات لفاطر الأرض والسموات، وهو على كل شيء قدير.