رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الخال .. أمير الزجالين العرب

"إلى ربِّك عُدْتَ، وبأزجالك خُلِّدْتَ"، هكذا خرجت منِّي كلمات التأوه والحزن على رحيل الخال "عبد الرحمن الأبنودي"، هذا الرجل الذي تعجز الكلمات أن توفيَه حقوقَه، أو ترثيَ فراقَه، أو تحيل الشجن من بعد إلا أرقا بلا نفاقه، لكنها - حتما - تذكرُه بشيء من قرائح الوفاء، مودعة إياه إلى صرائح السماء، راغبة في القبول من بعد العطاء.

هَذَا رَجُلٌ .. سبعينيٌّ مخضرم، ولد في عهد الملكية، وترعرع في الحقبة الناصرية، ونضج مع حرب التحرير الساداتية، وعلا واكتمل بناؤه في الثلاثين المقضية، ثم جنى فتدلت إليه ثمار الثورة الشبابية، وشاركها شيبوبا من شيخوخته الإبداعية، فكان ختامه مسكا وأريجا.
هَذَا رَجُلٌ .. لا تلبث أن تذكره بخيرات مثمرات، صعيدي أصيل، وقاهري حليل، ومصري جميل، وعربي مسلم جليل، أصالته تتحدث بها الآثار المملوكة، وتتسامى بها الأشعار المسبوكة، وتتنامى إليها الأزجال المحبوكة؛ لأنه من قبل هذا قد سلك مسالك غير مسلوكة، فصار فيها إماما مبرزا، ولمريديها زعيما مشرزا، وعلى عرشها أميرا فائزا، ولحب البسطاء حائزا.
هَذَا رَجُلٌ .. عرفه الفلاح في حقله، والمدرس في مدرسته، والأستاذ في جامعته، والطبيب في طبه، والمهندس في رسمه، والصحفي في جريدته، والإعلامي في تلفازه وإذاعته، رجل شغل الدنيا وملأ الناس، حتى ذكره الكبير، وعرفه الصغير، وتحدث عنه العدو قبل الصديق، وشدا بأزجاله البعيد والرفيق، فاختارها ذوو الألحان، والصوت الآثر الولهان، فتكونت به عناصر الإمتاع في ليال سطاع، وتغنت بها البلابل واليراع.
هَذَا رَجُلٌ .. إن اختلفتَ معه عن آرائه وتوجهاته أو اتفقتَ، فإنك بنظرتك الكلية والشمولية تكاد لا تبخس تاريخه وبناءه، ولا تنكر عطاءه، ولا تستطيع أن تسد فضاءه، وإلا بربِّك قل لي هل يمكنك أن تحجب "عدَّا النهار" عن الأزهار، تلك التي أرخت وجسدت وبينت مصيبة النكبة، وغيرها مما يمنحك تفاؤلا لا حد له، فلقد كان متفائلا باسما، ناشرا إياهما إلى من حوله أجمعين.
هَذَا رَجُلٌ رَحَلَ، جسدا لا أثرا، ووجْدا لا صبرا، ودهرا لا حبرا، وسيظل في سماء الإبداع بالعامية "الأزجال" نجما وبدرا، وأظنه لا يتكرر أو يستنسخ إلا أن يقلَّد كالمجرى.
يا أيها الخال الأصيل .. سلِّم لنا عند النخيل .. واذكر تحية شاعر .. يا زاجل الحب الجميل .. إني رأيتك في صروح المجد تشدو من ظليل .. والحور تأنس جلسة وبصوتك الحادي الخليل.
إلى سلام ولقاء يا أثير الأوفياء، وأمير الزجالين النجباء، ولعلنا في مقالات أخرى نعرض آراءنا النقدية لك، ونتعرض لأزجالك العذبة الشجية بك.