عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

"جوست ريتر"..فيلم يحلم بمحاكمة مجرمي الحرب !

يبدو أن "هوليود" أرادت أن تخفف من حالة الإحباط واليأس العربي نتيجة عجز – أو تواطؤ – المحكمة الجنائية الدولية عن محاكمة مجرمي الحرب في العراق (وفي غزة وأفغانستان وغيرها) ، فسعت لإنتاج فيلم تخفف فيه من غضبنا وإحباطنا ، وتنفس عن رغباتنا في محاكمة حقيقية لمجرمي الحرب الذين قتلوا أكثر من مليون عراقي بمغامراتهم ، بمحاكمتهم "هوليوديا" عبر فيلم نحلم فيه فقط بمحاكمتهم !

هذه هي باختصار قصة فيلم (جوست رايتر ) للمخرج البولندي الأصل الفرنسي الجنسية رومان بولانسكي الذي يعرض حاليا وفاز بجائزة أحسن مخرج من أكاديمية الفيلم الأوروبي وجوائز أحسن موسيقى وأحسن سيناريو وأحسن إعداد.

أحداث الفيلم المقتبس عن قصة الكاتب البريطاني ريتشارد هاريس تدور حول التحقيق مع رئيس وزراء بريطاني سابق (يسمي آدم لانغ في الفيلم ) في ارتكاب جرائم حرب وتعذيب المشتبه في صلتهم بالإرهاب ، وتكاد القصة تنطبق علي رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير لأنه هو الوحيد المتهم في بريطانيا والعالم العربي بالعمالة للولايات المتحدة الأمريكية والسير في ركابها ، والتغطية علي جرائم الحرب التي ارتكبت ضد أبرياء متهمين زورا وتعذيبهم عبر إغراقهم في الماء .

والفارق الوحيد في القصة هو أن رئيس الوزراء المتهم بارتكاب جرائم حرب في الفيلم يجري اغتياله علي يد المخابرات الأمريكية في النهاية عندما يلجأ للولايات المتحدة لتحميه من المحكمة الجنائية الدولية – باعتبارها احدي الدول غير الموقعة علي معاهدة روما الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية ، في حين أن "بلير" لا يزال يتمتع بالحماية الأمريكية ويفتخر بأنه شارك في قتل ملايين العرب !.

القصة تبدأ بسعي رئيس وزراء بريطانيا السابق ( الممثل بيرس بروسنان بطل أفلام جيمس بوند) لاستئجار كاتب يقوم بتحرير قصة حياته كي ينشرها ، وهذا الكاتب يسمي (الكاتب الشبح) أو (Ghost Writer) لأنه لا يظهر ولا يذكر اسمه كمؤلف للكتاب ، وإنما وظيفته فقط هي أن يقوم بتحرير المذكرات وإخراجها صحفيا بصورة تشويقية كي تعجب القارئ وتلقي رواجا .

وعندما يشرع هذا الكاتب الشبح في العمل لدي رئيس الوزراء في جزيرة منعزلة تتساقط حولها الإمطار الغزيرة دوما ، يكتشف مفاجأت عديدة ، أبرزها أن من سبقه للعمل ككاتب شبح في هذه المذكرات - ومات غرقا في البحر في ظروف غامضة - كانت وفاته عملية قتل وليست حادثا عرضيا ، لأنه أكتشف أمورا كانت مخفية في مذكرات رئيس الوزراء، بل وترك هذا الكاتب الشبح الأول المقتول – لزميله (الشبح) الجديد - صورا قديمة لرئيس الوزراء تكشف الكثير من حياته .

وبينما يقوم الكاتب الشبح الجديد بضبط المذكرات وإعدادها للنشر ، يكتشف بدوره أن هناك علاقة بين رئيس الوزراء وشركة سلاح تسمي (رينهارت) لها تعاملات وعلاقات مع المخابرات الأمريكية .

ويقف علي أبواب فيلا رئيس الوزراء في الجزيرة المنعزلة ، العديد من المحتجين المطالبين بمحاكمة رئيس الوزراء كمجرم حرب لأنه شارك في أعمال تعذيب أمريكية لمعتقلين غير مدانين وسلم مشتبه لهم في بريطانيا لأمريكا لتعذيبهم واستجوابهم ، وماتوا فبات متهما بالمشاركة في جريمة قتل ، كما يقف علي بابه اب مات ابنه الأنجليزي في حرب العراق صارخا في وجه رئيس الوزراء كلما مر (قاتل

.. قاتل) .

ويفاجئنا (الفيلم طبعا) بأن المحكمة الجنائية الدولية تتقدم بطلب – لم يحدث في الواقع بالطبع- للسلطات البريطانية تطالب فيه بتسليم رئيس الوزراء السابق لمحاكمته علي جرائم الحرب المتهم فيها ، وتنصل رئيس الوزراء الجديد من زميله السابق ، وإعلانه الاستعداد للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية ضد محاكمة زميله السابق، ما يغضب رئيس الوزراء السابق الذي يصدر بيانا يقول فيه أن الوضع الطبيعي هو أن يكون محاربي الإرهاب (أمثاله) هم من يجري حمايتهم ، وليس العكس بمحاكمتهم وإنصاف المتهمين بالإرهاب !؟.

وبينما الكاتب الشبح يقترب تدريجيا من الوصول لقناعة بأن رئيس الوزراء البريطاني السابق (آدم لانغ) الذي يعمل لديه لإنجاز مذكراته وإخراجها للنور، ليس سوي عميل للمخابرات الأمريكية – كما تشير موضوعات منشورة بالفعل علي الانترنت (!) – ويتعاون مع خصمه رئيس الوزراء الجديد ، وزوجة رئيس الوزراء السابق (!) ، يفاجئ في نهاية الفيلم أن الجاسوس الحقيقي لأمريكا هو زوجة رئيس الوزراء السابق وليس رئيس الوزراء نفسه، وأن رئيس الوزراء الذي يقتل في نهاية الفيلم كتب هذه المعلومة في مذكراته ولكن بصورة متفرقة في مقدمات كل صفحة من صفحات المذكرات وعلي شكل فقرات متباعدة !

أما المفاجأة الحقيقية فهي قيام المخابرات الأمريكية بقتل هذا الكاتب الشبح الجديد – الثاني - عندما يكتشف هذه الحقيقة ويواجه بها زوجة رئيس الوزراء ، ويجري القتل ليلة عرض كتاب رئيس الوزراء للجمهور ، عندما تصيح به سيارة وهو يهم بالخروج من مكان عرض الكتاب حاملا النسخة الأصلية من المذكرات التي تفضح زوجة رئيس الوزراء .

وكأن الفيلم ينقل رسالة للجمهور تقول أن أمريكا ستظل راعية لكل انتهاك لحقوق الإنسان والقتل خارج القانون باسم (مكافحة الإرهاب) ، حتي لو قتلت وعذبت أبرياء متهمين بالإرهاب وقتلت من أراد كشف جرائمها ، ولن يقدر أحدا علي محاسبتها لا هي ولا مجرمي الحرب الصهاينة حتي ولو كانت (المحكمة الجنائية الدولية) التي باتت مخصصة فقط للافارقة والعرب أمثال الرئيس السوداني عمر البشير وأصبحت (المحكمة) أداة من أدوات السياسية الخارجية الأمريكية لا أداة لإنصاف ضحايا جرائم الحرب !؟.