رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إعلام موازٍ لشعب موازٍ !

من مفارقات ما جرى في انتخابات برلمان مصر واضطرابات مدينة سيدي بوزيد التونسية أنّ الاعلام الحكومي في البلدين دفن رأسه في الرمال وظل يتحدث عن واقع غير الواقع الذي يعيشه الناس وعن أحوال غير التي يراها جميع أهل البلاد وحتى العالم الخارجي، بعدما فضح (الإعلام البديل) أو(المواطن الصحفي) كل شئ، ونقل الحقائق على الهواء مباشرة بالفيديو وكاميرا الموبيل للفضائيات والمنتديات والمواقع الاجتماعية (فيس بوك وتويتر) ورفع آلاف الفيديوهات المجانية على (يوتيوب) لينكشف الاعلام الحكومي الكذّاب وتظهر حقيقته الفجّة !

ومثلما ظلّ الحزب الوطني يكذب ويكذب ـ وهو يزوّر الانتخابات ويعلن اكتساحه ـ حتى صدّق كذبته، وسعى لترويجها إعلاميا عبر الإعلام الحكومي الصحفي والتلفزيوني، ليظهر قادته في مؤتمره السابع وهم يمشون بخيلاء وتكبّر كأنهم هزموا الصليبيين والتتار ، لدرجة أن أحمد عز قال:" إن حزبه يستعد من الآن لانتخابات برلمان 2015 (أي:يستعد لتزويرها من الآن) .

لقد لاحظ الجميع كيف سعى الإعلام الحكومي التونسي الصحفي والفضائي للتغطية على انتفاضة سيدي بوزيد من شباب تونس المطحون الذين يعانون الفقر والبطالة والظلم، لدرجة أنه بينما كان العالم كلّه يتناقش فيديوهات وصوراً وأخباراً عبر الفضائيات الخارجية والنت تبيِّن هول ما يجري بعد حرق 3 شبان جامعيين لأنفسهم بسبب ظلم البطالة، كانت التلفزيونات التونسية والصحف تناقش قضايا مثل تعرّي ممثلة في فيلم ما، أو ماذا سيفعل العالم في الكريسماس !؟.

ردّ الفعل من الحكومات الديكتاتورية يكون دوما بالسعي لتكميم أفواه الإعلام بأشكاله المختلفة، ليس فقط في الداخل وإنما في الخارج أيضا .. فبعد أن قام الحزب الوطني بتكميم أفواه الفضائيات عبر حملة ترويع وترهيب بغلق استوديوهات أوربت، وغلق فضائيات إسلامية، وتهديد أخري، بخلاف الشماتة فيما جرى لجريدة الدستور، سعي لتكميم أفواه فضائيات أخرى عبر لجنة لمراجعة ما يبث علي نايل سات، دفعت هذه التهديدات فضائيات عديدة لضبط أمورها واستضافة أعضاء الحزب الوطني كي يواصلوا مسلسل تضليل المشاهد والتطبيل لفوز الوطني باكتساح في الانتخابات برغم أن مئات الدوائر ظهر أن الاصوات التي أحصوها فيها أكبر من عدد الناخبين وهو أكبر دليل علي حشر أوراق التصويت في الصناديق !.

تونس لم يعجبها أيضا أن تبادر قناة الجزيرة لنشر ما سرّبه نشطاء الانترنت في تونس من فيديوهات لمظاهرات مدينة سيدي بوزيد، فهددت القناة وطالب البعض بغلقها كما أغلقت في الكويت لأنها تجرأت ونشر فيديوهات – معروضة أصلا للمشاهدة المجانية علي الانترنت – توضح

حقيقة ما يجري في ظل التعتيم الكويتي ـ من قيام قوات الأمن بضرب نواب البرلمان الكويتي !؟

مشكلة هؤلاء الذين اعتادوا الجلوس علي كراسي السلطة الوثيرة لسنوات طويلة أنهم ظلوا يكذبون ويزينون أكاذيبهم بمؤتمرات وهمية يسوقون إليها البسطاء نظير إغرائهم بمبالغ مالية يعلمون حاجتهم لها بعدما أفقروهم، حتي أصبحوا يصدّقون هذه الأكاذيب .. يصدقون أنّ الشعب يحبهم وأن خططهم ـ لا أدري أين هي ـ ناجحة، وأنّ التاريخ سوف يقف أمام إنجازاتهم كثيرا، وبالتالي يغضبون لو قال لهم أحد الحقيقة أو كشف أمامهم أكاذيبهم، فهم ومن معهم من بطانة السوء زيّنوا لهم الأمر كأنّ شعوبهم مسخّرةٌ دماءها ليشربها هؤلاء، وأن هناك شعبا أخر غيرالشعب الحقيقي يسبّح بحمدهم ويرجو نظرة منهم !.

هؤلاء الحكامُ وبطانةُ السوء التي تحيط بهم وتزيّن لهم الباطل خلقوا في عقول الحكم واقعا مزيفا يقوم على أنّ هناك (شعب مواز) للشعب الحقيقي يسبح بحمدهم، و(إعلام مواز مزيّف) لازال يعيش بعلقية العصور الوسطي ـ عصور الورق المكتوب، لا يدري أن هناك ثورة اتصالات حدثت وأن المواطن العادي بات هو (المواطن الصحفي) بمجرد امتلاكه موبايل وكاميرا فيديو أوموبيل وإنترنيت ينقل عليه الحقائق في المظاهرات أو القمع والتعذيب والفقر والبطالة .

لا يدري هؤلاء أن هناك شمسا إعلامية أخرى أكبر وهجا تغزو العالم ولا تجعل إخفاء الحقائق ممكنا، ويسعون لتغطية ضوء الشمس المبهر بورق جرائدهم الحكومية الصفراء ليخفوا الحقائق ويصرّوا على أن (الشعب البديل) مقتنع بإنجازاتهم وفسادهم ويريد المزيد، أما الشعب الحقيقي والإعلام الصالح الذي يكشف الحقائق الكاملة ويعريهم فهو مجرد "قلّة مارقة" .. "قلة مندسة" .. !