رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

فشخ» الدولة والألتراس و الليلة السوداء

حسب معجم لسان العرب لابن منظور وحتى لا تؤذى أذنيك أؤكد أن كلمة «فشخ» عربية فصحى من «فشخ» يفشخ فهو «مفشخاً» و المعنى أرخى المفاصل وفككها و«متفنشخاً» أى متحلل و متبعثر ، وثانياً هى كلمة تتناسب مع الوضع الحالى الذى يعانيه المجتمع المصرى، نحن للأسف صرنا بلداً «مفشوخاً» سائباً ومبعثراً.. أى مفاصله مفكوكة.

. أقول هذا بعد أن عاصرت جمعة تصحيح المسار وشاركت فيها ساعة بساعة وللأمانة كان منظر ميدان التحرير حتى السادسة أو السابعة مساءً حاجة تشرح القلب الحزين، أعلام مصر ترفرف فى كل مكان.. أغانى الثورة فى كل ركن فى الميدان يذكرك بأيام الثورة الأولى. كانت الجمعة مدنية ثورية شبابية مصرية بامتياز فيها كل القوى السياسية الأخرى من شباب الثورة و الليبراليين و اليساريين وطبعاً لانه قاطعها الاخوان والسلفيون فلم تر فيها لا جلاليب بيضاء ولا أعلام دول أخرى ولا رايات سوداء، وسمعت شعار «لاسلفية ولا اخوان مصر الثورة فى الميدان» ويمكن القول إن هذا الحشد الذى وصل لذروته فى نهاية اليوم بسبب شدة القيظ و الغيظ كان رداً عملياً على جمعة كندهار الشهيرة و يبقى كده خالصين ورغم أن الاعلام الرسمى حاول التقليل من الأعداد ووصفتها مذيعة بالعشرات ورغم ظهور الأخ ابو بركة بتاع الاخوان ليسفه ويقلل من أهمية جمعة تصحيح المسار حتى انه وصفها بالفاشلة وأوصاف أخرى أقرب للردح و المعايرة وهو سلوك مستفز من كادر سياسى اخوانى مثقف ولا تستغرب اذا وجدته ليل نهار مقيماً فى برامج ماسبيرو ، رغم هذا لكن لا ينكر سوى أعمى أن نهار الجمعة كان رائعاً مشرفاً ، معبراً عن قوى و تيارات ثورية غير اخوانية أو سلفية لكنها على الأقل كانت هى وقود الثورة الأولى منذ 25 يناير وكان تواجد الفتاة والمرأة المصرية بكل طوائفها احدى علامات وملامح اليوم الجميل ، لكنى لاحظت فى حوالى الرابعة هرج ومرج وأعلنت المنصة الوحيدة بالميدان عن دخول ألتراس الأهلى و الزمالك كل من ناحية بالميدان ووقفت أشاهد هذه الجموع الهادرة من شباب زى الورد معظمهم دون العشرين أقوياء .. منظمين صوتهم هادر ، يغنون أغنية واحدة لم أتبين  كلماتها حتى أمسك أحدهم ميكرفون وأخذ يغنى بمصاحبتهم فأصابتنى صاعقة ماهذه البذاءة فى الكلمات سألت من حولى فقالوا لى هذا هو الألتراس انهم يغنون بأقبح الالفاظ و الشتائم وهذا فى العالم كله والاغانى موجودة على النت و يبدو اننى متخلف عن عصر الألتراس لذلك تعمدت المشى وراءهم فى شبه دائرة بالميدان فوجدتهم على قلب رجل واحد كأنهم قطيع يتحرك وبنظام دقيق وبعضهم قد خلع ملابسه وتعرى نصفه الأعلى وآخرون يقذفون بالزجاجات الفارغة ويسيرون ويغنون كأنهم قطار على قضيبه يعرف وجهته . كانت الاغنية المرددة سباباً وشتيمة بالأم ضد حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق وفيها أقسى أنواع السباب الشعبى، واستفسرت هل هذه الأغانى قديمة فقيل لى نعم وهذه الاغانى ظهرت لأول مرة فى استاد القاهرة ضد شرطة الاستاد، لكن ما حدث فى مباراة الأهلى وكيما أسوان الاسبوع الماضى عندما غنى ألتراس الأهلى أغانى ضد مبارك والعادلى وطالبوا بإعدامهما ثم كرروا مقاطع الاغنية ضد الداخلية والشرطة التى حاصرتهم داخل الاستاد حدث ما لم يحمد عقباه والذى يستوجب التحقيق، أحد اللواءات غير المسئولين أمر بحصار الألتراس وضربهم فى الاستاد فخرجوا و قفزوا للشوارع يكسرون و يحرقون وتحول صلاح سالم لحرب أهلية، كنت أنتظر تفسيراً من وزارة الداخلية أو بياناً أو تنسيقاً مع الجهات المعنية لكن استمراراً لحال «فشخ الدولة» لم يحدث ـ فماذا كانت النتيجة ؟ انه ما حدث بعد ظهر الجمعة 9/9. جاء التراس الأهلى من ناحية باب اللوق واقتحموا التحرير فى طابور منظم (ذكرنى بمشهد ميليشيات الإخوان بالازهر) وخلعوا ملابسهم وكان بعضهم يمسك الشواكيش وهات يا شتيمة فى الشرطة بألفاظ نابية أنفت مسامعى وأسرتى عن احتمالها وهذا ما جعلنى أقف أمام هذه الظاهرة المصرية العالمية من هم الألتراس؟ وكيف لم ينتبه لهم نقاد الرياضة فى بلدنا و الذين تمرغ معظمهم فى حضن نظام مبارك و تسببوا فى فتن أهلية و طائفية كروية واجتماعية لافتقاد معظمهم الحس الوطنى و الثقافى ، الألتراس ultras ظاهرة تعنى تجمع حشد من الشباب المشجع لفريق معين والتزامهم معاً بدعم هذا الفريق معنوياً وأدبياً وتفرغهم الكامل اثناء لعب هذا الفريق المباراة حتى أنهم ينسون كل شىء عدا الوجود فى الملعب وهى مسألة حياة أو موت حتى أنهم يسمون يوم لعب فريقهم بالحمى وكلمة «ألتراس» تعنى ما فوق الطبيعى أو ما يتجاوز الحدود، الظاهرة عالمية نشأت منذ الخمسينيات فى ايطاليا واسبانيا وأوربا عموماً ودخلت تونس و المغرب فى التسعينات ومصر مع بداية الألفية الجديدة وصار ألتراس الزمالك الأعلى صوتاً وشغباً و يسمى (white knights)  أى الفرسان البيض وباختصار (UWK) ولاننى لست هنا بصدد اجراء دراسة علمية عن (الألتراس) وهو شىء ضرورى الآن بالتحديد لكن من

ملاحظاتى اثناء الثورة أؤكد الدور الإيجابى و الوطنى لدور الألتراس خصوصاً يوم الاربعاء الأسود 2 فبراير موقعة الجمل و الذى ينسب بعض المزورين للاخوان وحدهم فضل هذا اليوم وأنا أؤكد فى شهادة للتاريخ وجود كل رموز شباب مصر فى  ذاك اليوم وفى مقدمتهم الثوار و الألتراس و شباب الأقباط و الاخوان وكلنا يعلم دور الضابط القبطى البطل الذى حمى الميدان بكل صلابة، إذن فهناك دور وطنى للألتراس لا ينكر لكن ما فعلوه فى جمعة تصحيح المسار لم يزد عن كونه سلوك انتقامى من الداخلية جراء ما فعله ضباطها يوم المباراة قبلها بأيام وهذا لو تعلمون يدخلنا دائرة جهنمية الضحية فيها هى الدولة المصرية، نحن نحاول الآن رأب الصدع وعلاج الهوة الرهيبة بين الشعب والشرطة، لا أنكر خطأ بعض الضباط فى موقعة الاستاد ، لكن ما حدث من ذهاب البعض لوزارة الداخلية ومحاولة اقتحامها وخلع حروف أسمها من باب المدخل هى جريمة بكل معنى الكلمة، جريمة ضد المجتمع قبل الدولة ، قد يسألنى البعض هل معنى ذلك انك تتهم الألتراس وحدهم بالتحرك نحو الداخلية ؟ أجابتى لا ولا أعلم لكن أنا سمعت بعض أفراد الألتراس بأذنى يقولون المسيرة للسفارة و آخرون يقولون المسيرة للوزارة . وهنا أؤكد بمتابعتى الدقيقة لـ ليلة السبت السوداء التى ذكرتنى بالاربعاء الأسود أن كثيراً من المسجلين خطر و البلطجية هم القوة الغاشمة التى هاجمت الداخلية ومديرية أمن الجيزة وستؤكد التحقيقات ذلك ، هم الذين أحرقوا سيارات المطافئ حول الاورمان وهم الذين يمثلون بلطجية الوطنى وفلول النظام والمسجلين خطر من ميليشيات أمن الدولة المنحل ، قد يكون بعض الألتراس ارادوا الانتقام لـ العلقة التى أكلوها فى الاستاد لكن شباب الثورة ليسوا هم الذين فعلوا ذلك ولن يكونوا ، وفى المجمل ظاهرة الألتراس تحتاج دراسة ووقفة كيف نستفيد من هذه القوة المنظمة، كيف نضمن عدم خروجها على القانون وعلى الذوق ، ما يرددونه من ألفاظ خادشة وخارجة ضد العرف والدين والاخلاق. اننى احلم بألتراس مصرى وطنى لا يتحول إلى حزب القمصان الخضر أو السود مثل الاحزاب الفاشية و النازية قبل ثورة يوليو (قمصان أحمد حسين وغيره) بل أحلم بألتراس وطنى مثل الذى دافع عن الميدان 2 فبراير أما موقف الحكومة و الداخلية مما حدث فهذه نكسة لانه رغم تصريح العيسوى انه ضبط نفسه ورجاله لآخر مدى لكن أن يصل الأمر لخلع اسم الوزارة فهو شىء مرفوض ولابد من تطبيق القانون فوراً لإعادة هيبة الدولة بدلاً من (فشخها) و ترك المصريين (صيدة) للبلطجية والشبيحة وحملة الشواكيش الشعب يريد الأمان . و يا سيد عصام شرف بدلاً ما تجرى كالطفل للمجلس العسكرى بتقديم استقالتك كل شوية أذهب و«عسكر» فى مكتب وزير الداخلية وضع خطة فورية لإعادة الأمان للشارع المصرى ، هذا ما كان يفعله رؤساء وزراء مصر فى الاربعينيات سواء فى حكومات الوفد أو حكومات الاقلية، الداخلية هى مفتاح و مربط البلد ومسكها لا (فشخها) ولا أنتو عاوزينها كده ؟؟ أعتذر عن كل من تسببت هذه الكلمة الفصحى فى اذى أذنيه ، لكنى لم أجد كلمة أخرى تعبر عما يحدث فينا ومعنا المهم يا مجلس ويا حكومة ألا يستمر وأن يتوقف فوراً وهذا إنذارنا الأخير..!..    

 Mohamed.alghiety@yahoo.com