عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اللهم قنا شر فتنة قنا

 

ما يحدث في »قنا« و»أبو قرقاص« أسوأ وأفظع من كل ما صنعته الثورة المضادة منذ 25 يناير حتي الآن. إنه الفصل السخيف والمثير للقرف والاشمئزاز في هذه المسرحية المقيتة المعنونة باسم "الفتنة الطائفية" وما حدث في "صول" كان واضحاً ومحدداً رغم توابعه في المقطم والزرايب ورغم القتلي والجرحي مسلمين ومسيحيين. لكن ما أراه الآن وما وصلني بالصوت والصورة بداية من قطع خطوط السكة الحديدية في قنا حتي إشعال البيوت والمحلات والقتل والذبح في أبو قرقاص هذه هي ذروة تسونامي الفتنة. هي إنعدام العقل وفقدان الهوية. هي غيبوية وطن ومواطنين. هي تآمر وتواطؤ واستثمار مقيت من دعاه وسلفيين ورجال دين وساسة وخبثاء وعملاء وطابور خامس وشوية عيال لا يفقهون شيئاً لكنهم فجأه وجدوا لانفسهم أهمية وركبوا الموجة وصاحوا وصرخوا وامتلكوا الميكرفونات في غفلة من القانون وفي ظل لا نظام، فنحن في حقبة مراهقة الثورة ولم نصل بعد لمرحلة الرشد نحن لم نصل بعد لمرحلة البلوغ الرجولي في ثورتنا ما زلنا نحبو وننفعل ونتوه ونتخبط بينما هناك أوصياء علي ثورتنا ولصوص ومستثمرون في مقدمتهم الإخوان والسلفيون والجمعيات الشرعية ناهيك عن قوي الثورة المضادة من بقايا الحزب الوطني المنحل ونواب البرلمانات المزورة والمحليات الفاسدة من اخمص الرأس لشعر الرأس. جميع هؤلاء وأولئك لا يريدون للثورة أن يكتمل طورها ونموها.. يريدونها في الحضانة. يريدونها مولودة مبتسرة ومشوهة ومعوقة. وحاشا لله ان تكون هكذا  ثورتنا لأن الله جلت قدرته باركها وجعل لنا فيها آيات وعبر فأذل المعز وهو آل مبارك وأعز الضعيف وهو الشعب. ونحن لا نعتبر ولا نتعظ بدليل أن الحكومة ركبت رأسها ولم تعترف بخطيئة اختيار المحافظين ودخلنا جميعاً في نفق الفتنة المظلم ومستنقعة حتي رءوسنا.

رموز السلفية في قنا

في الوقت الذي كان اطفال البحيرة يستقبلون المرشد العام للاخوان بالاناشيد والغناء وقد اسعدني ذلك جداً بشكل شخصي لان بعض فتاوي الاخوان كانت تحرم الغناء والموسيقي . كانت قيادات الاخوان في قنا مع السلفيين يقطعون خط السكك الحديدية وقد استمر ذلك حتي كتابة هذه السطور في حادثة لم تحدث منذ اكثر من نصف قرن حسب علمي وقد جاءتني عشرات المكالمات عن معاناه اهالينا في الصعيد من عزلهم وتصوروا معي المرضي الذين يريدون العلاج في القاهرة أو المسافرين لاعمالهم أو للخارج. أليس هذا تعطيل لحوائج الناس وقد حرمه الشرع. لقد استمعت لفتاوي شيوخ تعلن تحريم قطع الطريق لكن لا حياه لمن تنادي. خرج علينا الشيخ صفوت حجازي وقال لن يدخل عماد شحاتة إلا علي دمائنا ومستمرون في قطع الطريق والاعتصام وذهب الشيخ حسان ليتأجج الغضب أكثر ولا أعلم لماذا في كل مصيبة يذهب رمزا السلفية الآن وكأنهما "حلالي المشاكل" أليس هذا مؤشر خطر اننا في كل كارثة أو فتنة لا حل إلا عبر رموز السلفية أو الاخوان ؟؟! مجرد سؤال ، وهل هذا هو الاسلام سألني مهاجر مصري مسلم مقيم في النمسا وزميله في العمل مسيحي من قنا وابلغه أن المسيحيين مرعوبون وقابعون في منازلهم وسألني عما حدث في أبو قرقاص. وكان لابد أن أجمع بعض المعلومات لأجيبه.

أبو قرقاص قصة مؤلمة

ما حدث في ابو قرقاص أشبه بالفانتازيا أو القصص العبثية شيء لا "يصدكه عكل" علي رأي شويكار. القصة بدأت بخلاف بين عائلتين مسلمتين وفي نفس التوقيت كان هناك اجتماع للسلفيين في الجمعية الشرعية بالبلدة وفجأه صارت شائعة أن ضرب النار قادم من عائلة مسلمة ضد عائلة مسيحية وطبعا في مناخ الاحتقان وعلي خلفية ما حدث في قنا وانتشار شائعات ان يوم الجمعة سيكون يوم الدم ومجازر ضد الاقباط كان الهلع مثل كرة النار التي تتسلق رؤوس الاقباط وكان أول المذعورين عائلة عبدالله ميخائيل _ خدوا بالكم من اسمه ـ صاحب مصنع وله أولاد وعزوة قالوا له ان المسلمين يشعلون مصنعك فخرج ليدافع عن نفسه وهنا حدثت معارك واطلاق نيران متبادل وأحرق مصنع الرجل بالكامل مع ستة منازل واشتعلت النيران في كل مكان.

كافيتريا تتحول لمسجد

علي الجانب الآخر كانت هناك كافيتريا علي الطريق بالقرب من مقر الجمعية الشرعية يمتلكها المحامي القبطي علاء رضا الذي أرسل لي بالصوت والصورة ما حدث حيث كان في القاهرة عندما حدثه العاملون أن السلفيين هجموا علي الكافيتريا وحطموها واخرجوا كل ما فيها ثم فرشوها بالحصر وكتبوا عليها مسجد الشهداء وهذه حسب أدبيات يعقوب تعد موقعة الكافيتريا لأن من فعل هذه الفعلة الشنعاء هم تلاميذ يعقوب والحويني وحسان وحجازي . علاء رضا يقول إن بعض المواقع القبطية نشرت ان السلفيين انضم إليهم بعض البلطجية وأن الجيش كان يؤازرهم وتركهم يحرقون منازل الأقباط. و هو ينفي ذلك بشدة ويقول إن مدير الأمن والحاكم العسكري كانا اول من وصل للمكان وحرراه من المحتلين. أما تفسير رضا لما حدث فهو

ان قيادات المحليات من اعضاء الحزب الوطني المنحل مع بعض المتطرفين هم وراء ما حدث ويقول انه سبق وقدم بلاغات للنائب العام ضد نواب الحزب الوطني لانهم كانوا يجبرون اصحاب المحلات لدفع إتاوات عشرة آلاف جنيه للحزب وذلك قبيل الثورة بأيام. ويفسر ان نفس الوجوه مع بعض المتطرفين هم وراء ما حدث. ويقول ان علاقته بإخوته المسلمين في البلدة رائعة فهم اخوة واصدقاء لكن هناك غرباء استغلوا الموقف وأشعلوه.

في تفسير ما حدث

في رأيي أن فتنة قنا وابو قرقاص مرشحة للتكرار في مناطق أخري بالصعيد لعدة أسباب..

1ـ الصوت العالي للاخوان والسلفيين يثير الرعب لدي الاقباط ويجعلهم في حالة استنفار دائم . وراجعوا ما ذكره مرشد الاخوان في البحيرة والشاطر في الاسكندرية وقبلها تصريحات نائب المرشد النارية في مؤتمر امبابة كلها تتحدث عن دولة دينية ثيوقراطية مكارثية وترهب الاقباط وكل من يختلف مع الاخوان في الرأي و الغريب العجيب انه مع كل رد فعل من اصحاب الرأي يخرج احد الاخوان ليكذب أو يصحح أو يقول هم لا يقصدون.

2ـ صعود التيار السلفي وتنامي دور الجمعيات الشرعية ومن تراجع دور الاخيرة في المجتمع الصعيدي يجسد تغلغلها في القري والنجوع من خلال الاعمال الخيرية ومساعدات الطلاب ولا تنسوا أن الظواهري ورموز الارهاب الاصول خرجوا من الجمعيات الشرعية في الصعيد مثل أسيوط.

3ـ حالة الاحتقان العام في الصعيد لأسباب اقتصادية وانتشار البطالة والفقر وانعدام الخدمات .

4ـ انتشار تجارة السلاح والتعامل الأمني الانتقائي مع مافيا تجارة الأسلحة بل وتورط بعض لواءات وجنرالات الداخلية في هذه التجارة السوداء وحماية بعض رموز البلطجة والفساد ودور نواب الحزب الوطني في ذلك لحقبة طويلة.

5ـ إعلامياً لم ينجح الاعلام الرسمي أو الخاص في احتواء الأزمة من أولها وكما قال الصديق د. ضياء رشوان إن أهله كانوا يتحدثون إليه بعد يومين من الاعتصامات ضد المحافظ يشكون من عدم ذكر سطر واحد عما حدث . فضلا عن عدم صدور بيان يحدد موقف الحكومة أو حتي المجلس العسكري مما حدث أو كيفية إدارة الأزمة والذي تصدي للحديث كان الدكتور يحيي الجمل وكان ـ كالعادة ـ يصب النار علي البنزين حتي أنني تمنيت لو انه لم يتكلم لأنه من الملاحظ انه كلما حدثت أزمة وأدلي بدلوه فيها تزداد اشتعالا . أخيراً لقد تصورنا أن (حزب طره) سيكفينا مؤونة حرب الثورة المضادة بعد وضع رموزه في السجون لكن يبدو أن كهوف المحليات في ربوع مصر لا تزال تعشش فيها عناكب وجرذان وثعابين تبث سمومها في كل مكان وتشعل الفتنة بين المسلم والمسيحي وهذه بالله أخطر وآخر أسلحة الثورة المضادة ضد هذا الوطن وثورته الكبيرة هل أتمني علي عقلاء الاخوان والوسطيين المعتدلين من الدعاة أن يعوا هذه الحقيقة ويدعون لطمأنة أقباط مصر ضد كل شعارات الترويع مثل قول الشيخ عبد المنعم الشحات المتحدث باسم السلفية بالاسكندرية لا ولاية لكافر علي مسلم. وتولية أي منصب كبير لقبطي غير جائز شرعاً مثل هذه المقولات ليست من الدين ولا العقل ولا المصلحة وهي كالريح التي تميط جذوة النار وتنقلها بين الصدور والأفئدة. فيا عقلاء الأمة حذار من نار الفتنة. حذار من إشعال مصر. وربنا يستر.

[email protected]