تسمم الفكر أخطر من تسمم الشرب
وسط حالات التسمم التى اجتاحت القرى المصرية خلال الأيام الماضية والتفسيرات الكوميدية التى تنتمى لنوع الكوميديا السوداء على ألسنة بعض المسئولين مثل تفسير محافظ المنوفية اللوذعى بأن الشائعات التى أطلقها مؤيدو مظاهرات 24 أغسطس هى السبب، ثم قول أحد مسئولى المحافظة أن الأكل الفاسد الذى تناوله المواطنون هو السبب،
ومن الآخر المواطن على خطأ والحل هو التخلص منه، ثم تسمم مواطنى الشرقية من تناول الترمس وخروج أحدهم ليقول إن الترامادول هو السبب فالمواطن المصرى يستهلك ما شاء الله 50 مليون قرص ترامادول فى السنة يعنى كل مواطن له ثلث قرص أو يزيد، وسط هذا المهرجان الفانتازى المزرى والمؤسف الذى يؤكد أن حياتنا صارت مسممة بامتياز طعاماً وشراباً وخصوصاً بعد تسرب اللحوم الاسترالية المشعة للأسواق لا يهمنا هنا تسمم الأكل والشرب رغم أنه جريمة يجب أن يعاقب المتسبب فيها بالإعدام لأنه قتل جماعى مع سبق الإصرار، لكن الاهم والأخطر هنا هو تسمم الفكر والضمير والوعى لان هذا التسمم هو أس الداء وأصل البلاء.. وكما قال الأديب الراحل العظيم يوسف إدريس: «إن آفة مصر فى فقر الفكر لا فكر الفقر وبنظرة سريعة لخطاب بعض السلفيين والمتطرفين خلال الأيام الماضية ستلحظ أن سيارة الوطن تعود للخلف وأننا ندخل نفقاً مظلماً من الخرافات والترهات والخزعبلات أيضاً، ودليلى على ذلك أن مدينة مثل السويس تخرج فيها جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بمنشور يوزع على الأهالى فيه مانفستو للحياة التى تفرضها هذه الجماعة على أهالى المدينة وقراراتهم السلطانية السلفية بمنع خروج فتاة بدون مِحرم ومنع إقامة الحفلات الغنائية والموسيقية وإقامة الأفراح بالطريقة الشرعية حسب تعبيرهم، المدهش أن نفس المدينة ومع نفس