رجب طيب أردوجان .. وحكاية شعب
لقد شعرت بسعادة حقيقية عندما تابعت رجب طيب اردوجان سواء خلال زياراته لأراضي الربيع العربي أو عندما شاهدته في ليبيا في العام الماضي. وكذلك بهرتني مواقفه الأخيرة تجاه إسرائيل.
والأجمل ان شجاعته المرتبطة باسمه تفرض عليك ان تحترمه وتقدر مواقفه لان رجب من الأشهر الحرم والطيب ما أجمله في زمن عزت فيه الطيبة واردوجان تعني الفتي الشجاع. وسعادتي الشخصية مرتبطة بالتوافق والمقارنة ما بين المولد والمنشأ وتطور الحياة. وتزداد نشوتي بالحديث عنه عندما عرفت أنه وأنا من مواليد 26 فبراير 1954. فجميل ان تري في زعيم كبير بعضا مما تحب.. وبعيدا عن الذاتية فهذا الرجل حمل في جعبته الكثير من المواقف والآراء والدروس والعبر التي يجب أن ننظر إليها بتروٍ ولا نتجاهلها. وطوال تاريخه السياسي عاني وقاسي ودفع أثماناً كثيرة من أجل مبادئه وقيمه وآرائه ومعتقداته. واعتقد ان هناك أكثر من علامة في تاريخه لها أثر ممتد علي مجريات تعامله مع المستقبل. وحيث ان فترة توليه رئاسة بلدية العاصمة التركية فترة خصبة في تطور دوره السياسي فقد حولها من خرابة كبيرة إلي مدينة عالمية. وشعرت بالجمال والتواضع في حواره الصحفي التليفزيوني مع الإعلامية المتميزة مني الشاذلي عندما تحدث عن سر نجاحه في إدارة أمور العاصمة عندما قال انه تعامل مع الشعب في انقرة من منطلق انه خادم له وليس القائد. وهذا بداية النجاح لأي زعيم سياسي يتولي قيادة عاصمة إلي المستقبل. والمنعطف الثاني الذي يستوقفني كثيرا في قصة حبسه وسجنه لآرائه وليس لانحرافه الشخصي أو خيانته للأمانة. فقد قال شعرا في مناسبة ما. وكان هذا الشعر دينيا وقوميا ووطنيا وتعبيرا عن حبه للجيش الذي يحمي دينه ووطنه. وهنا مربط الفرس في الدولة التركية العلمانية والتي تري أن أي شخص في منصب رسمي لا يجب أن يدخل الدين في مواقفه أو معتقداته التي يمارس بها وظيفته العامة. وهذا من منطلق ان نظام الدولة المدنية أو العلمانية في تركيا يقف علي مسافة واحدة من الأديان الإسلامية والمسيحية واليهودية وأيضا اللادينية. ولكنه لا يتدخل في دين أو معتقدات الإنسان التركي أيا كان مكانه أو موقفه من خريطة الدولة. ولذا تم حبس اردوجان عندما تحدث باسم الدين الإسلامي وهو موظف عام لذا استوجب المحاكمة وتم توقيع العقوبة ونفذها ولم يعترض بل تحمل نتيجة ما قاله بشجاعة. وتولي مهام رئيس الوزراء بالتبادل مع صديقه رئيس الجمهورية. ويستعد للوصول إلي منصب رئاسة تركيا في العام المقبل والخطوة الثالثة التي استوقفتني في مسيرته وهي واسعة المساحة حيث لم يتخل عن مبادئه لكي يلتحق بالاتحاد الأوروبي ولم ينحن أو يتنازل ليحصل علي مكانته التي يجب ان تكون فيها بلاده بين دول أوروبا. ولم يعط ظهره لأوروبا حتي الآن ليبحث عن زعامة في الشرق الأوسط. بل فضل ان يسعي لاستعادة أمجاد بلاده العثمانية في المحيط العربي والإسلامي. ويمد يده بالتعاون مع إيران ولم يقفل أذنيه أو قلبه لما طرحه عمرو موسي الأمين العام لجامعة الدول العربية الأسبق في القمة العربية في ليبيا في العام الماضي عندما طرح فكرة إنشاء رابطة دول الجوار العربي علي المستوي الأوروبي والآسيوي والأفريقي، وتحتل تركيا وإيران في هذه الرابطة التي ستضم أكثر من أربعين دولة مكانة