عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

محمد الدويك يكتب: جوجل النبي

عندما أعلن الإسلام انتهاء عهد الرسالات فهو قد وضع خطا فاصلا جديدا للزمن. حيث انتهى عصر الأنبياء ليبدأ عصر الإنسان.
*

حاولي تفكري معايا..

مين أقوى.. مليار جهاز موبايل بيعمل بخاصية "الاندرويد" المملوكة لشركة جوجل.. أم مليار مسلم حول العالم..؟

متستغربيش من السؤال، دا ممكن ربنا يسألهولك يوم القيامة وانتي بين اديه.. أول خطبة للرسول في المدينة كانت شبه كدة.. بيفكرهم يجهزوا اجابات على اسئلة ربنا، عندما يقفون وحدهم بين إيديه. الرسول قال لهم ربنا هيسأل كل واحد فيكم عن الغنمتين اللي حيلته.. دلوأت مبآش غنم.. بأى أندرويد.. لكن تظل الفكرة باقية.. الرسول متكلمش عن الصلاة والصوم في الخطبة، لكن اتكلم عن مسئوليتك عن الحياة..

آيات الأحكام في القرآن من عبادة وتشريع وبيوع وإرث .. الخ. أقل من 1% .. وأكثر قصص القرآن تدور حول (ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد) سورة هود.. أنباء القرى.. أخبار الناس.. عبرة التاريخ.. فلسفة الحياة.. الظلم والقهر والعمل والعدل والكبرياء والتواضع والطاعة والمعصية.. الحصيد، ما سبق، والقائم هو الحالي.. يعني عين على التاريخ وعين على الواقع.

جوجل بتجاوب في  الشهر على 100 مليار سؤال.. يعني في السنة أكتر من ألف مليار سؤال!

طب مين أفضل.. الشيخ اللي بيقدم برامج فتاوى، أم، لاري بيج وسيرجي برين، مؤسسا جوجل.. بدأوا بـ 100 ألف دولار.. دلوأت كل واحد معاه 23 مليار دولار.. والقيمة السوقية للشركة بـ 300 مليار دولار.. يعني شركة جوجل ميزانيتها أكبر من ميزانية مصر الأزهر وسعودية الحرم المقدس.

متنسيش إن القرآن لم يساوي بين المتعلم وغيره.. (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون. إنما يتذكر أولو الألباب).. ربنا بيكلم أولي الألباب. يعني الناس اللي عندها عقل يستوعب. وقال يتذكر يعني ناس عندها وعي وذاكرة وتركيز مش ناس مغيبة.. والرسول تحدث عن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم.. القمر جسد معتم لكنه يعكس أضواء الكواكب الأخرى. لم يعلم العربي هذه المعلومة الفلكية، لكنه يرى القمر أكبر وأوضح وأكثر نورا وهدى.

ربما الإسلام تميز بأنه جعل قيم أخرى تتفوق على العبادة.. مثل العدل والعمل الصالح والعلم.. الرسول جعل عدل ساعة خير من عبادة ستين سنة.. وجعل العمل السيئ من شر وأذى وتطاول على الناس يحبط كل حسناتك من صلاة وصدقة وحج.. حديث المفلس الذي ذهب الله بعبادته لأن ضرب وشتم وانتهك الحرمات.. والمرأة كثيرة الصلاة والصوم التي تؤذي جيرانها بلسانها فأخبرهم النبي أنها في النار.. فما بالك بأمة تؤذي العالم بالجهل والسلبية.. والحروب الطائفية.

الطائفية.. ويالها من كلمة.. تنظيم القاعدة يحلم بتفتيت سوريا والعراق لينشئ إمارة سنية وفقا لتصورات إرهابيو "داعش".. طبعا إلى جوار حلم كردي قديم يمتد من تركيا وإيران إلى سوريا والعراق بدولة قومية لهم.. وهنا ينشأ صراع سني / عربي، قبالة صراع سني / كردي.. وبوادر القتال بينهما محتدمة الآن في سوريا.. ثم صراع سني / شيعي. بين العلويين الذين يملكون الساحل الشمالي السوري، وبين جوارهم السني.. طبعا بعد أن ينضم إلى شيعة العراق وإيران.

ثم نتذكر آية بعيدة لكتاب يدعون الإيمان به (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).. (وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم).. لتكون المؤالفة والاتفاق والبعد عن المكيدة والاحتراب هما فضيلة الإسلام الأولى. قبل أن تتدخل نوازع السياسة.

الدبلوماسي الانجليزي، مارك سايكس، و الفرنسي، فرانسوا بيكو، جلسا يحتسيان البيرة عام 1916وهما يقسمان منطقة الهلال الخصيب إلى دويلات.. هنا لبنان وهنا الاردن وهنا العراق وهنا سوريا وهنا فلسطين.. (اتفاقية سايكس – بيكو)،  يقتسمان التركة بين امبراطوريتين وكأننا مجموعة من النعاج.. كانت الاتفاقية سرية ولم

يعلم بها العالم العربي إلا بعد الحرب العالمية الأولى عندما تدخلت روسيا وطالب لينين، بحقه في الكعكعة العربية، فافتضح الأمر.

لم نعد في حاجة إلى جنيرالات للتقسيم بيننا، فها نحن نفعلها وبكل كفاءة.

عاموس يليدين، رئيس الاستخبارات الاسرائلية الأسبق، في تصريحات له عبر مؤسسات أمريكية، يقول أن اسرائيل تعمل بجد على زرع عملائها في المنطقة العربية خاصة بعد العام 1979، وأن عملاءها قاموا بإنجازات مبهرة خاصة في الملف الطائفي. حيث كان لهم دور كبير في تهييج وإزكاء أي تحرك طائفي في المنطقة العربية.. لأن الطائفية هي النار التي تأكل العرب وتصرفهم عن حرب اسرائيل وتحديات العلم والحضارة.

ولازال شيخ الجامع يشتم المسيحيين والشيعة، ولا يدرك أنه يقدم خدمات جليلة للاستخبارات الصهيونية.. إن أفضل العملاء هو الذي يخدمك دون أن يعرف ذلك.

نعود لجوجل عزيزتي فالحديث عنها أفضل.. منذ عامين أطلقت الشركة خبرا أنها تستطيع تلبية رغباتك البحثية دون أن تضع يدك على لوحة المفاتيح أو تحريك الماوس أو أن تنطق بكلمة.. إنها تعد برنامجا لقراءة الأفكار.. واتضح أنها كانت مزحة في أول ابريل.. ولكن جوجل عملت على تحويل كذبة ابريل إلى واقع.. إنها تقوم بمراقبة تصرفاتك وتحلل اهتماماتك وتصنع عنك ملفا كاملا تستطيع من خلاله توقع ما ستطلبه فتقدمه لك قبل أن تبحث عنه.

لم نعد في حاجة إلى السحرة لقراءة الأفكار.. فجوجل قادرة.

إنها تقوم بأبحاث متطورة عن السيارات ذاتية القيادة وكيفية إطالة عمر الإنسان. إنها تؤكد أن الإنسان استحق أن يكون خليفة الله في الأرض ليعمرها بالعلم والحياة والسلام، على خلاف ما توقعت الملائكة من سفك للدم وفساد.

الله قال (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة).. وقال (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها).. لا يستطيع اتخاذ قرار السلام إلا من امتلك قرار الحرب.. ولو اردت السلام فاستعد جيدا للحرب.. و90% من الانفاق على السلاح تملكه أمريكا وحلف الناتو وغرب أوروبا.. ولا نملك من بطولات سوى غزوات الرسول التي يحاسبونا عليها بأثر رجعي، ويجعلونا نموذجا للإرهاب، بينما لا ننتج إلا الرماح العربية القديمة وسيوف صدئة لا تقتل إلا كرامتنا.

*
أكتب إليك وأنا جالس على رصيف المدينة إلى جوار بائعة ترمس تنظر لي بتوجس، ولا تراني إلا متحذلق ينقر على أزرار لاب توب صغير.. أحاول أن أحدثها عن عالم جوجل، بينما هي ترى العالم جنيهات قليلة وقرطاس ترمس.. ربما هي صح. ربما هي صح أكثر من كل مشايخنا.