رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

لن ينتصر المسلمون


الرقم المرعب يقول أن اليهود وحدهم حصدوا ربع جوائز نوبل منذ تأسيسها عام 1901 . عدد اليهود في العالم لا يجاوز 14 مليون . تقريبا أقل من عدد سكان مدينة القاهرة.

يعبر عن هذه الإحصائية النكتة السوداء التي قالها الرئيس الروسي بوتن لرئيس الوزراء الإسرائيلي شارون عندما التقيا في نيويورك عام 2005.


أن طالبا يهوديا التقى طالبا هنديا في القطار أثناء توجههم لفصول الدراسة بالدكتوراة في العلوم في إحدى دول غرب أوروبا، فسأله الهندي ما جنسيتك؟ قال أنا يهودي. وسأله عن تعدادهم قال أنهم 14 مليون في العالم. وبادره اليهودي بنفس السؤال، فقال الهندي، أنا هندي مسلم وتعدادنا في العالم مليار ونصف بما يشكل ربع العالم.

فقال اليهودي، حسنا طالما أنكم بهذا العدد لماذا إذن لا يسمع عنكم أحد!

اليهودي محق للغاية.. نحن لا يسمع بنا أحد في مجال البحث العلمي والمشاركة في إنتاج المعرفة.

الإحصائيات تقول أن ما يصدره العالم العربي أجمع ( 22 دولة ) من سلع ، أقل مما تنتجه دولة أوروبية صغيرة مثل فنلندا. تلك الإحصائية قالها المستشرق برنارد لويس ليبين لمحاوره حجم العالم العربي الحقيقي الذي يصنع ضجيجا دون أن يكون له أي أثر يذكر.

*

سؤال يجب أن يدرس على نطاق واسع.. لماذا لم تعد العقلية الإسلامية قادرة على الإبداع في الفلسفة والأدب والفن.. لماذا لم تعد تقدم شيئا جديدا في مجال العلوم التجريبية الإمبريقية.

أنا أتحدث عن مليار ونصف مسلم يشغلون 57 دولة في العالم. وهو رقم ضخم يمثل ربع العالم.

عدد جوائز نوبل التي حصل عليها مسلمون وفقا لآخر رقم كان 9 جوائز فقط قبل إضافة توكل كرمان. منها اثنتان فقط في العلوم. زويل المصري في الكيمياء ومحمد عبد السلام الباكستاني في الفيزياء.

بينما اليهود الذين يمثلون دولة واحدة فقط. وعددهم في العالم كله ضئيل للغاية لا يجاوز 14 مليون  حصلوا على 200 جائزة!

منها ما يزيد عن 50 جائزة في الفيزياء وعدد مماثل في الطب وعلم وظائف الأعضاء. وهي علوم تخلو من تسييس الجائزة في الجزء المتعلق بالسلام والأدب.

بمعنى أن اليهودي الواحد ينتج ما يعادل 2000 مسلم !

عار علينا. لن يسامحنا الله فيما فعلناه بعقول الناس من جهل وتغييب وقهر وماضوية باسم السلف أو باسم الرب.

المقهور والجاهل لا يبدعان. وهذا حال معظمنا. المشكلة أن البعض ما زال يعتقد أن الدين سينتصر فقط بتطبيق الحدود أو غطاء الرأس للمرأة أو اللحية أو هدم قبر.

في سورة الأنفال، قال الله للمؤمنين أن المقاتل المؤمن الواحد يستطيع الانتصار على عشرة من خصومه. لأن الإيمان قوة عمل وإصرار. ( إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبون مائيتن ). ولكن الله وجدها صعبة عليهم فجعل المؤمن الواحد يعادل اثنين في القوة والغلبة. ( الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا. فإن يكن منكم مئة صابرة يغلبوا مائتين ).

لو طبقنا المعادلة الواردة في القرآن فنحن بذلك قد تركنا الإيمان والإسلام منذ زمن بعيد، حتى لو ظلت النسوة يرتدين الحجاب والرجال تملأ صلاة التراويح.

يذكر أن الـ 9 جوائز نوبل لمليار ونصف مسلم، نصفها تقريبا من نصيب مصر، فيما يمثل 4 جوائز ( برادعي – زويل – محفوظ – السادات ).

*

هرتزل الصحفي النمساوي اليهودي كان يرى بوجوب اندماج اليهود وسط الشعب الأوروبي. ولكنه صادف صعوبات شديدة واكتشف الوجه العنصري لأوروبا التي تجدهم أقلية منبوذة يجب القضاء عليها أو لفظها. أكد ذلك ما رآه بعينيه عندما ذهب في مهمة صحفية في باريس لتغطية محاكمة أحد الضباط. ورأى أنه لا يحاكم لأنه أخطأ، لكن لأنه يهودي.

وهنا نشأت فكرة وطن واحد لليهود يحميهم من هذا الظلم.

وكانت الطريقة الأولى هو إخفاء هويتهم الدينية والحياة الغربية الكاملة كأحد أفرادها دون أي مصادمة عقائدية. لدرجة أنهم لم يدركوا دين اليهودي إلا بعد موته، من طريقة الدفن. وتخلى بعضهم عن ذكر دينه في الأوراق الرسمية وهوية التعريف.

وأيقنوا أن طوق النجاة هو العلم . قبل المال .

لذلك انتشرت مقولة: قد تجد يهوديا فقيرا، ولكنك لن تجد يهوديا جاهلا.

ربما تلك الإحصائية التي ذكرها أحد الأساتذة الأمريكان في فصل يدرس الدكتوراة في إحدى الجامعات الأمريكية فيه 50 طالبا منهم 29 يهودي. تكون صادقة وصادمة. رغم أن تعدداهم في أمريكا 2% من السكان.

*

بعض المناصب العليا في أوروبا كانت تمنع اليهود من توليها، وهذا ما جعل بعضهم يعتنق المسيحية ظاهريا للسعي لتلك المناصب. ونتيجة ذلك أن استطاع "ديزرائيلي" أن يصل لرئاسة حزب المحافظين ومن ثم رئاسة وزراء بريطانيا، رغم أن جده يهودي.

دزرائيلي كان أديبا وروائيا بارعا يفتخر بأصوله اليهودية في أعماله الأدبية ويحتفي بالعلوم التي وصل لها اليهود في وقت كانت أوروبا تطاحن الظلام.


وفي 14 مايو 1948 أعلنت قيام دولة اسرائيل. واعترف بها الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة، وفي اليوم التالي أنهت بريطانيا الانتداب على أرض فلسطين مما يفيد شرعية نشوء اسرائيل.

وهنا اشتعل الغضب العربي فاجتاحت قوات مصرية / عراقية / سورية / أردنية أرض فلسطين. واقتطعوا غزة وجزءا من غرب نهر الأردن. وواصلوا التقدم ناحية القدس ولكن القوات الإسرائيلية كانت من القوة والتماسك بحيث تهزم أربعة جيوش عربية.

المذكرات العسكرية تقول أن الجيش الاسرائيلي كان متفوقا جدا في العدد والتدريب والآلية العسكرية.


إسرائيل احتلت شبه جزيرة سيناء عام

1956 أثناء العدوان الثلاثي على مصر، وعام 1967 احتلت سيناء مرة ثانية بنفس الخطة التي قامت بها في 56 . وسألوا "موشي ديان" ألم تخف من انكشاف الخطة ووضع خطوات مصرية مضادة لها؟

قال باستخفاف : العرب قوم لا يقرؤون !!

طعنة خنجر تنغرس حتى المقبض في موضع الشرف. ويستدير نصل الخنجر داخل الجرح كي لا يندمل.

*

الحكاية تبدأ عندما اجتمعت 197 شخصية يهودية في مدينة بازل السويسرية بقيادة الصحفي هرتزل عام 1897 ووضعوا هدفا محددا لهم: إنشاء وطن قومي لليهود خلال 50 سنة.

وبعد هذا التاريخ بخمسين سنة بالضبط وفي عام 1947 صدر قرار التقسيم من الأمم المتحدة بتقسيم أرض فلسطين لتنشأ الدولة الصهيونية فجأة من العدم. ويصير السكان العرب الأصليين لاجئين تتقاذفهم الأقدار.

ظل العمل الدؤوب والجاد لتحقيق الفكرة لمدة نصف قرن. ورغم أن الأب المؤسس "هرتزل" مات عام 1904، إلا أن العمل والكفاح استمرا تحت قيادة "حاييم وايزمان".

ويجب التوقف عند هذا الرجل طويلا.

حاييم وايزمان عالم كيميائي روسي المولد، استطاع التوصل إلى تقنية لاستنباط "الأسيتون" الصناعي، وأثناء الحرب العالمية الأولى ساعد وايزمان البريطانيين على تصنيع بارود المدافع بكميات ضخمة، لأن الأسيتون هو المكون الرئيسي فيه، مما جعل البريطانيون يشعرون بالامتنان للرجل الذي قدم اكتشافا علميا جليلا أثر على مصير الحرب، وبدؤوا في دعم الطموحات الصهيونية.

لذلك قال اللورد بلفور وزير خارجية بريطانيا الأشهر:

"لقد اعتنقت الصهيونية على يد الأسيتون."

الطاقة النووية التي غيرت مصير العالم والتي تم استخدامها في الصناعة والعلوم وتم تطويرها لخلق سلاح نووي مخيف، كان أول من وضع معادلتها هو "اينشاتين - اليهودي". وأول من حول المعادلة إلى مشروع معملي تنفيذي كان الإيطالي الأمريكي انريكو فيرمي "اليهودي"، أصغر من حصل على الجائزة في الفيزياء.

بل كل من عمل في المعمل الأمريكي المسمى مشروع مانهاتن والذي أنتج أول قنبلة نووية حسمت النصر لأمريكا بعد مهاجمة اليابان كانوا فيزيائيين يهود.

إنها مسيرة عقود من العمل المنظم والكفاح وتلقي العلم . تلك المسيرة أنشأت دولة من العدم . وهزمت أمة بأكملها من ملايين البشر . ولم يأت الانتصار لمجرد صدفة.

*

رجال العلم يغيرون العالم، وكذلك رجال الدين المستنيرين .. والعشاق وكتّاب الشعر والملحنين والروائيين يصنعون المجد للإنسان.

رواية كوخ العم توم كانت محورية لإطلاق دعوة لتحرير العبيد، ورواية بيت الدمية كانت بداية لتحرير المرأة، ورجال الدين المستنيرين "لاهوت التحرير" في أمريكا اللاتينية كانوا القاطرة التي حررت أوطانهم من الاستعباد.

أين المسلمون من كل ذلك؟ غالبا هم صفر على الشمال.

لو تريدون الانتصار اصنعوا العلم، اكتبوا قصيدة أو رواية تغزو العالم، اعزفوا الألحان كبتهوفن الذي ألف السيمفونية التاسعة والتي كان اسمها  "كل البشر سيصيرون إخوة." 

*

(وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا)، لا لتتقاتلوا.

*

جائزة نوبل تحمل اسم رجل سويدي اخترع الديناميت المنفجر، ودعا إلى السلم منذ قرن واحد من الزمان، لماذا لم تنشأ جائزة باسم محمد الرسول الذي حملت رسالته اسم المسالمة، والذي أكد عليه النص القرآني الأول.

بل كلمة السلام نقولها في ختام العبادة الرئيسية اليومية عشر مرات في خمس صلوات، وكأن بوابة العبور من العبادة إلى الحياة هو السلام. تختم عبادتك بإنشاد السلام عن اليمين واليسار، على البشر والشجر والحجر والمدر، وكأنها رسالة يومية :

كيف بعد أن أفرغ من العبادة أن أستطيع إيذاء بشر !

إلى أن يتنبه المسلمون إلى مقاصد دينهم. وإلى أن يتنبه العالم كله لذلك. وإلى أن تنشأ جائزة تحمل اسم ديننا واسم رسولنا: محمد - السلام - التوحيد. فنحن أمة مقضي عليها إما بالنسيان أو الهزيمة.