رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

عفواً.. أمُك مش مؤهلات عُليا

التوريث جريمة يحظرها الدستور..  سواء كان سياسياً، أو كان لوظيفة الأب... ابشع انواع التوريث، ما كان على وشك أن يتم لوظيفة رئيس الجمهورية.. الآن يتم التوريث لكل شيء.. الابن يرث وظيفة أبيه.. فى الشرطة والبترول والكهرباء والقضاء.. حتى فى الصحافة والإعلام.. قبل أن يحال الأب إلى المعاش، يكون قد قدم لابنه أو ابنته، فى وظيفة بالمؤسسة.. وللأسف اصبح ذلك عرفاً، يصل إلى درجة القانون!

هذه الجريمة تسمى «أبناء العاملين».. الأغرب أن المؤسسات تآلفت مع هذه الجريمة الدستورية، ولم تعد تجد فيها أدنى خطيئة.. حتى فى القضاء.. يستبعد المجلس الأعلى للقضاة، المتفوقين بدعوى أنهم ابناء فلاحين، أو من غير حملة المؤهلات.. لكنهم فى المقابل يأخذون ابن المستشار، ولو كان خريجاً بتقدير مقبول.. هكذا، مع أنهم من يقرون العدل على الأرض.. ولا يهمهم أن يكون هناك جهلاء وأميون.
بالتأكيد تعرف لماذا جرى ما جرى؟.. الإجابة لأن الناس على دين ملوكها، والشعوب على دين حكامها.. حين يكون الحاكم «حاجزاً لوظيفة رئيس جمهورية» لابنه، سوف يحدث على الفور حجز وظيفة فى الكهرباء، وحجز وظيفة فى البترول، وأخرى فى الصحافة، وغيرها فى الفن.. وظهر جيل من ابناء القضاة والصحفيين والفنانين، وحتى رجال الكهرباء والبترول.. موهبتهم الوحيدة انهم ابناء عاملين فقط!
توريث الوظائف جريمة!
منذ سنوات طويلة، اتابع أحكام محكمة القضاء الإدارى، دائرة المستشار د. محمد خفاجى.. أرى فيه إصلاحياً كبيراً.. يحاول إصلاح الوظيفة من خلال منصة القضاء.. وآخر هذه الأحكام توريث الوظائف لأبناء العاملين.. وصفها بأنها جريمة محظورة طبقاً للدستور.. والحكاية ان أحد الطلاب استبعد من دخول مدرسة فنية، لأنه من غير أبناء العاملين.. بينما قبلوا غيره وكسروا الدستور، ومجموع الدرجات ايضاً!
يقول فى الحيثيات «المشرع الدستوري ألزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، دون تمييز والمواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي».. وهو مبدأ قانونى هام، ليتنا نعمل به بعد ثورتين.
ويضيف «خفاجى» أيضاً «التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون، والمشرع الدستورى ألزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كل أشكال التمييز، وعهد الدستور إلى القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض، غلقًا للباب أمام أي فساد

أو استبداد، ورفعًا للظلم عن الشعب الذي عانى طويلا».. أرجو أن يتم تعميم هذا الحكم على الجميع.. أخص القضاء والإعلام والبترول والكهرباء.

أمك مش مؤهلات عليا.. لا مؤاخذة!
لا تستطيع حضرتك أن تحصُر ابناء العاملين، فى كل مؤسسة، وفى كل شركة.. السبب أنهم هم الآن القاعدة.. للأسف يحارب من أجلها بعض العاملين.. البعض يتظاهر فى مؤسسات قومية.. يثور على مجلس الإدارة.. يقولون اشمعنى.. يرضخ رئيس المؤسسة فى النهاية.. تخسر المؤسسات أو تكسب لا يهم.. يحدث هذا فى قطاعات بعينها.. منها البترول والكهرباء.. تصدر الإعلانات فتتم ترسية الوظيفة على أبناء العاملين.
حتى القضاة يفعلون هذا.. مفترض أنهم يقيمون العدل.. مفترض انهم يطبقون الدستور.. الدستور لا يفرق بين المواطنين، على انهم أبناء عاملين أو أبناء فلاحين.. كتبنا القصص الصحفية.. قمنا بتغطية فاعليات ومظاهرات.. آخرها وكيل نيابة صدر قرار بتعيينه لتفوقه، ثم تم استبعاده فى اللحظة الأخيرة.. ثبت انه ابن فلاح.. «أمه مش مؤهلات عليا».. لا مؤاخذة أمك مؤهلات عليا؟.. خلاص اسكت بقى!

آخر كلام!
حكم المستشار خفاجى لمس وتراً حساساً.. فجر شلالاً من الألم.. نكأ جراحاً قديمة.. ذكرنا بدستور لا يعمل.. ذكرنا بأن المواطنين سواء.. فين الكلام ده؟.. ذكرنا بانه لا فرق ولا فرق  ولا فرق.. كلام كبير لا اثر له فى الواقع.. ابن القاضى قاضى.. ابن الفنان فنان.. ابن الصحفى صحفى.. لا تشترط الموهبة ولا الرغبة.. إنه الميراث يا سيدى.. فهل يترك العاملون فى البترول والكهرباء، الوظيفة للسوقة والدهماء؟!
ليس مهماً أن تكسب المؤسسات أو تخسر.. المهم توريثها لأبناء العاملين.. صار العرف قانوناً للأسف!