رسالة السفير قطان!
بحثت عن تفسير فى داخلى، لتحركات السفير السعودى، ولقاءاته المتعددة خلال الأيام الماضية.. وجدت أن هناك معنى ومغزى، لكل ما يصدر عنه من تحركات وتصريحات.. لكن ستبقى أهم لقاءات السفير السعودى،
أحمد عبدالعزيز القطان، على الإطلاق.. تلك الزيارة التى التقى فيها البابا شنودة.. فهى غير مسبوقة أبداً، وهى الأولى من نوعها.. التى يقوم بها دبلوماسى سعودى، إلى مقر الكاتدرائية بالعباسية.. لكن لماذا بدأت بهذه المقدمة، قبل أن أشير إلى لقائى بالسفير قطان؟.. أقول لأن زيارته للكنيسة، تكشف عن سياسة جديدة ولغة جديدة للمملكة السعودية، تجاه مصر، وتجاه الثورة المصرية، ومحاكمة مبارك، والموقف من التيار السلفى فى مصر.. تأييداً أو تمويلاً.. هذه السياسة تتجه إلى التوازن، منها إلى الانحياز الكامل لطرف دون آخر.. كما تعكس روح التغيير فى منطقة تموج بالثورات، أو ما يطلق عليه الربيع العربى!
أن يزور سفير السعودية، الأزهر فهذا طبيعى.. أما أن يزور الكنيسة، فهذه سابقة أولى.. فهل كانت الزيارة نوعاً من التهدئة؟.. أم كانت فى إطار علاقات سياسية جديدة، تلتزم بها السعودية؟.. هل كانت رسالة إلى جهات بعينها، تظن أن السعودية تدعمها فى مواجهة آخرين؟.. هل كانت نتيجة من نتائج الثورة المصرية؟.. أم أنها رؤية السفير الجديد عبدالعزيز القطان، فى التعامل مع الملف المصرى بعد الثورة؟.. كلها احتمالات صحيحة.. فهى رسالة وهى رؤية وهى تهدئة.. فلا سياسة بلا رؤية.. ولا سياسة لا تبعث برسائل طوال الوقت.. ومن هنا تعددت لقاءات السفير، بمؤسسات صحفية وكتاب ومسئولين.. وكنت واحداً من الذين تشرفوا باتصال السفير قطان، بعد سلسلة مقالات.. توجه اتهامات فى بعضها، بالانحياز إلى مبارك وعائلته.. والتدخل لعدم محاكمته.. ودعم التيار السلفى، وربما تمويله بالمليارات!
أدهشنى أن السفير قطان، كان منفتحاً على الآخر.. وكان مستمعاً جيداً، ومحاوراً متميزا.. استفاد من وجوده فى السفارة السعودية بواشنطن عشرين عاماً.. فهو بلا مجاملة يحترم الرأى الآخر.. لكنه يرى ضرورة تقديم الأدلة المقنعة، لتصحيح الصورة.. إذن هو يتفاعل مع الإعلام.. بطريقة لم نعهدها فى سفير سعودى قبله.. وبالتالى فقد كان السفير المناسب فى مصر بعد الثورة.. انتهى زمن غلق الحنفية من
من المؤكد هناك حاجة غلط، بين البلدين.. ومن المؤكد هناك شائعات مغرضة.. ومن المؤكد هناك لغط، حول محاكمة مبارك.. ومن المؤكد هناك شكوك، عن عرض حق اللجوء السياسى.. ومن المؤكد هناك اعتراف بدور مبارك أيضاً.. لكن من المؤكد هناك استهداف لهذه العلاقة الآن.. وهناك رغبة فى تعكير المياه.. سواء بالكلام عن طرد العمالة المصرية، أو تمويل السلفيين.. واللعب فى مصر.. وكل هذا قد يضاعف العبء على السفير قطان.. ليرد الاتهامات تارة.. ويشرح الصورة الصحيحة تارة اخرى.. دون أن يفقد إيمانه بحق الآخر.. وهو يدرى أننا فى ثورة، لا تشك فى الفلول وحدهم، وإنما فى كل شيء، يغذى الثورة المضادة.. ومن حسن فطنة السفير، أنه اتجه إلى الكنيسة مباشرة.. ليقطع الشك باليقين.. وتكون السابقة الأولى فى عمر السفارة والمملكة السعودية على السواء!