رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

عفواً.. إحنا شعب لُقطة!



(الشرطة نفسها لم تتحرك لمصادرة الكلب.. لم تتحرك للرد على المحاضر.. الشرطة نفسها تقتل آلاف الكلاب!)
 

عندما أقرأ قصة ذبح كلب شبرا، ثم أعيد وأزيد فيها، وأتأمل دلالاتها ومعانيها، أكتشف أننا شعب لُقطة.. الشعب اللى زيّنا يندفع فيه دهب.. يزيط فجأة.. يجرى مع الغوغاء.. يتأثر بأى قضية.. مهما كانت تفاهتها.. تشغله برامج «التوك شو» بأقل جهد ممكن.. ينسى قضاياه الكبرى.. ينسى برلمان الثورة.. وينسى المؤتمر الاقتصادى.. وينسى الإرهاب.. ويتذكر الكلب.. كما يقولون: الجنازة حارة والميت كلب.. شفتوا الرحمة!
لا أقلل من خطورة فكرة الذبح.. أتعجب فقط من الهيصة حولها.. هذه الهيصة للأسف لم تحدث عند ذبح عشرين مصرياً فى ليبيا.. تظاهرت منظمات الرفق بالحيوان، عشان كلب.. لم يتظاهروا عشان بنى آدمين.. مع ان الذبح واحد فى الحالتين.. أليست هذه عجيبة من عجائب المصريين؟.. يزيطون فى الزيطة.. يتأثرون ببرامج التوك شو.. الحكومة تتحرك تحت تأثير الرأى العام.. تلقى القبض على قتلة الكلب.. برافو!
أظرف شيء أن الشعراء كتبوا القصائد، فى رثاء الكلب.. الفنانون تظاهروا شفقة ورحمة.. منظر الصور يكشف حجم الكارثة.. الكتّاب كتبوا: داعش تصل شبرا.. كدت أتورط فى الحكاية، وأكتب عن ثقافة الذبح والعنف.. لا يصح أن نكون داعشيين.. لا يصح أن نجاريهم فى ذبح البشر، أو حتى الكلاب.. كل هذا مجرّم ومحرّم.. مصر أعلى وأرفع أن تروج لثقافة داعش.. بعد قليل تعاطف الناس، مع طفل أكل الكلب «أعضاءه التناسلية»!
النفخ فى قصة الكلب!
فما معنى هذا؟.. معناه أن الغوغاء قادمون.. يبكون على ذبح الكلب تارة.. بعد قليل يبكون على طفل أكل الكلب أعضاءه التناسلية.. لا يتكلمون عن تربية الكلاب.. لا يتكلمون عن أماكن تربيتها.. من له حق التربية؟.. من هم المرخّص لهم باقتناء الكلاب؟.. هل يصح ترويع المجتمع بكلب؟.. الذين انتفضوا لنصرة الكلب، لا يعرفون فيم كان يُستخدم؟.. لا يعرفون كيف استخدمه صاحبه، لايذاء طوب الأرض بلا رحمة؟!
فجأة أصبح صاحب الكلب نجماً تليفزيونياً وفضائياً.. فجأة أصبح يجلب بكاؤه الشفقة والرحمة.. فجأة أصبح شعباً ينفطر قلبه على كلب.. مع ان أطفالاً بالآلاف نلقى بهم تحت الكبارى.. هناك اطفال نلقى بهم فى صناديق القمامة.. الزبالة!.. يبقى كلب إيه يا حبة عينى، إللى إنت جاى تقول عليه؟.. الأول اهتم بالانسان.. اهتم بذوقه.. علمه الفنون والآداب والموسيقى.. لا تلقى به فى الزبالة، ثم تلومه على ذبح كلب!
أما دور الدولة فهو أن تحبك التمثيلية.. مهم أن ننفخ فى قصة الكلب وبلطجية شبرا.. حاجة

كده تملأ فراغ الناس.. لا البرلمان استطاع ان يشغلهم ولا الإرهاب.. لا الانتخابات شغلتهم، ولا حكايات داعش والإرهاب.. هنا تتحرك الدولة لتسبك القصة.. الشرطة جاهزة للقبض على الشباب بتهمة قتل الكلب.. الشرطة نفسها لم تتحرك لمصادرة الكلب.. لم تتحرك للرد على المحاضر.. الشرطة نفسها تقتل آلاف الكلاب!
ضغط الرأى العام
دعونا نسأل بصراحة: هل كانت الشرطة جادة، وهى تقبض على «قتلة الكلب»؟.. هل كانت تتحرك عن قناعة أو عقيدة؟.. هل كانت تحرم قتل الكلاب، قبل أن تقبض على ما سمّاهم الإعلام بلطجية؟.. هل يصدر حكم تحت تأثير الرأى العام؟.. هل بعدها يصدر عفو رئاسى، لأنها أول مرة، مع شهادة حسن سير وسلوك؟.. لو كنت مكان هؤلاء هل كنت تقتل الكلب؟.. لو عقر الكلب رئيسة جمعية الرفق بالحيوان، هل تعطيه قُبلة؟!
ربما تتحرك الشرطة تحت ضغط الرأى العام، لكن كيف تتصرف النيابة؟.. كيف يتصرف القضاء؟..هل يصدر حكماً مشدداً على المتهمين؟.. يا جماعة خلونا نعالج قضايانا بحكمة.. خلونا بقى نتعلم الرحمة مع الإنسان، وساعتها سيكون رحيماً مع المخلوقات كلها.. ملايين بلا مأوى مثل الكلاب الضالة.. هؤلاء أولى بالرعاية.. أولى بالإنسانية وبالمظاهرات.. هؤلاء أولى بالرفق والرحمة.. قبل الكلاب وبعد الكلاب طبعاً!
آخر كلام
الكلاب التى يثور من أجلها الغرب نوعية اخرى تماماً.. كلاب تنام فى فراش أصحابها.. تأكل معهم، وتذهب إلى الفنادق والمصحات.. تتعلم كما يتعلم البشر.. متى تتحرك؟.. ومتى تضحك؟.. ومتى تثور؟.. كلاب ترقص وتعزف وتلعب.. ليست كلاباً تسرح فى الشوارع.. يربيها المعاتيه والفوضجية.. تنهش الغادى والرائح.. يسلطونها على البنات ليضحكوا.. الكلب هنا ضحية.. ليس من قاتليه فحسب، ولكن من اللى رباه أولاً!