عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عزاء مصري كوميدي!

 

لم يحدث، قدر علمي، عزاء بهذه الطريقة من قبل.. عزاء يخطب فيه كاهن.. ويتحدث فيه عن الحب.. ويصفق جمهور المعزين.. كما أن صاحب العزاء، لا يغضب ولا يحتج ولا يستل سيفه!!.. وإنما يقول هذا عزاء يليق بوالدي رحمه الله.. إنها حكاية غريبة جداً، لذلك تستحق أن تُحكي، وتستحق أن تُروي.. ليس لأن صاحب العزاء، هو صديقي الكاتب المبدع محمد الغيطي.. ولكن لأن هذا هو ما حدث بالفعل.. وكان مثار دهشة الحضور.. لدرجة أنني ظننت أن ما يحدث مشهد تمثيلي، في إحدي روايات وأفلام »الغيطي«.. خاصة أن معظم الفنانين كانوا حاضرين، كما أن الكاميرا كانت تدور بين صفوف المعزين.. تسجل كل شيء صوتاً وصورة.. هكذا تصورت.. وهكذا كنت مخطئاً، لأن المشهد كان مشهداً حقيقياً.. وكان مشهداً واقعياً.. وكان العزاء مصرياً خالصاً.. يقرأ فيه شيخ معمم آيات القرآن الكريم. ويقدم فيه الأب مرقس عزيز كاهن الكنيسة المعلقة، عظة عن الفتنة الطائفية والوحدة الوطنية.. يصفق بعدها الجمهور.. ثم يسدل الستار!.

المشهد يستحق أن يحكي، ويستحق أن أكتب عنه.. فهو طريف وغريب.. »الغيطي« يقول إنه مشهد كوميدي.. لكنه لا يتحرج منه، ولا يشعر بالضيق.. وإنما يقول هو عزاء يليق بوالدي.. فقد كان يستطيع أن يضحك منه طوب الأرض.. وكان يتميز بلفتته الكوميدية.. مع أننا خرجنا وقلنا له »عليه العوض.. يا »غيطي« .. الآن أبوك مات.. قال: بل هو الآن عاش.. فقد عاش كوميدياً.. وعاش مصرياً.. وأراد الله أن يكون عزاؤه مصرياً خالصاً.. فيه شيخ يقرأ القرآن.. وفيه كاهن شهير يخطب الحاضرين.. يتحدث عن الفتنة الطائفية.. وفضيلة المحبة والتسامح.. وحين جاء إلي هذه اللحظة.. تذكر مرقس عزيز أغنية أم كلثوم »حب إيه اللي انت جاي تقول عليه.. انت عارف قبله معني الحب إيه؟«.. ثم يزيد فيقول.. لازم نحب

بعض.. ده اللي بني مصر كان في الأصل حلواني.. وهنا ترتفع الضحكات.. وننظر إلي بعضنا، ونقول.. يا خبر اسود.. العزا بااااظ.. فيرد البعض الآخر بل هذا هو العزاء.. ولا عزاء غيره!!

طبعاً سوف يقول البعض.. الحمد لله أن هذا العزاء لم يحدث في الريف.. وسيقول آخرون الحمد لله أنه لم يحدث إلا في جو فني.. كانت فيه نقابة المهن التمثيلية حاضرة، عن بكرة أبيها.. وبالتالي كان هذا المشهد مقبولاً.. وتم استيعابه بسرعة.. وتم التعاطي معه.. والتفاعل معه تماماً.. فالمعروف أن الممثلين يندمجون في اللحظة، بسرعة منقطعة النظير.. وهكذا كان الحاضرون.. وهكذا كان »الغيطي«.. فلا هو أرسل من يقول له كفاية.. ولا غيره كان يرفض طريقة أبونا مرقس.. فالرجل كان يريد أن يخطب المسلمين في واجب العزاء.. ويريد أن تصل رسالته.. كلنا واحد.. كلنا مصريون.. ارفع رأسك فوق إنت مصري.. كان يقول.. لاتقولوا:» مسلم مسيحي.. إيد واحدة«.. كلنا مصريون.. وقال لابد أن نرفض الفتنة.. كان معه حق.. وكان أكثر جرأة منا.. ولولا ما فعله لم يدخل فقيد آل الغيطي التاريخ.. باعتباره أول عزاء يخطب فيه كاهن.. وأول عزاء يتحدث عن الحب.. وأول عزاء يصفق فيه الحاضرون.. وهم يضحكون!!