هل يستقيل عصام شرف؟!
لم يستطع الدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء الجديد، أن يخفي شعوره بالإحباط.. ولم يستطع أن يحبس دموعه، علي الهواء مباشرة.. فقد تحدث عن إحباطه في موضع، وربما بكي في موضع آخر.. وتحدث أن هناك من يؤدي العمرة ويدعو له.. وهناك من يضيء له شمعة.. من الإخوة الأقباط.. حتي تستمر الحكومة، وتنجح في مهمتها.. كل ذلك طيب، ولكن هل ينفد صبر الدكتور شرف، ويتقدم باستقالته؟.. ويقول إنه لا يستطيع، ولا يتمكن من العمل؟.. ولا يصح أن يعمل في هذا المناخ، لا هو ولا غيره؟!
من المؤكد أن هناك، من يقدر دموع الدكتور شرف.. ومن يري أنها لحظة إنسانية.. ومن المؤكد أن هناك أيضاً من ازداد قلقه علي مصر.. لأن دموع رئيس الوزراء، تبعث علي القلق.. وتشير إلي المخاطر التي تتعرض لها البلاد، من تداعيات الثورة المضادة، التي قد تأكل الثورة.. هذا هو المعني الذي يتسرب إلي النفوس.. وقد يجعلنا نبحث عن الأصابع الخفية التي تحرق مصر.. هل هم فلول الحزب الوطني؟.. هل هم ضباط أمن الدولة؟.. هل هم كبار المنتفعين بالنظام السابق؟.. هل هم البلطجية؟.. هل كلهم مع بعض؟.. كنا أحوج إلي برنامج واضح أكثر من الدموع.. حتي نعرف الأرض التي نقف عليها!
فلا أحد يعرف ملابسات استدعاء المجلس العسكري، لرئيس الوزراء الجديد، في أول اجتماع له بعد تشكيل الحكومة.. ولا أحد كان يعرف لماذا تم الاستدعاء علي هذا النحو؟.. مع أنه كان من الممكن أن ينتهي الاجتماع بسرعة، ثم يتوجه الدكتور عصام شرف، والوزراء الذين معه، إلي المجلس العسكري، دون أن يلفت ذلك نظر أحد.. ودون أن يفجر ذلك التصرف علامات استفهام.. تكشف عن الارتباك، أكثر مما تكشف عن وجود خطر من أي نوع.. كان من الممكن أن يأخذ الفرصة، وكان من الممكن، أن ينتهي الاجتماع بشكل طبيعي، دون أن يشعر أحد.. كأنه ينفذ جدولاً، أو يطبق أجندة.. خاصة أن الأمور كانت طبيعية فيما بعد!
ولست مع الدكتور عصام شرف، حين يتحدث عن إحباطاته، من الأيام الأولي.. فهو
لا شك أن هناك من يتآمر علي ثورتنا.. وهناك من لم يكن سعيداً بها.. وهناك من يتمني أن تأكل الثورة نفسها.. وكل هؤلاء قد يجتمعون معاً لضرب الثورة.. يساعدهم في ذلك بعض المتعجلين.. يريدون شقة ووظيفة وعربية.. الآن.. عارف يعني إيه الآن.. قبل الأمن وقبل الاستقرار.. مع أن الأمن والاستقرار في هذه المرحلة، هو الذي يدفع حكومة الدكتور شرف لتعمل.. وربما تنجز ما نحلم به.. يكفي أنه صادق ويكفي أنه وطني.. غير ذلك فلا أمن ولا استقرار ولا إنتاج، ولا جامعات ولا مدارس ولا بورصة.. وقد تتوقف الحياة.. وقد لا يبكي الدكتور عصام شرف وحده، أو يستقيل.. بل ربما نبكي جميعاً.. علي الوطن الذي كان!