رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

لا أقرأ الكف.. ولا أضرب الودع!

توقعت سقوط الديكتاتور.. وتوقعت هروبه على طائرة الرئاسة.. تصورت أن فرنسا يمكن أن تكون الدولة، التى تستضيفه وتحتضن لجوءه السياسى.. لكننى لم أكن أتصور أبداً وطائرة "بن على" معلقة بين السماء والأرض، ان تكون السعودية هى التى ترحب به.. وتستقبله على أرضها.. فلا هذه شهامة عربية.. ولا هذه مروءة إنسانية.. فى تقديرى أن ما حدث هو نوع من التحدى الصارخ، لمشاعر الشعب التونسى.. الأمر الذى لم تتحمله فرنسا.. ولم يوافق عليه قصر الإليزيه.. وتركوا حليفهم معلقاً بين السماء والأرض.. خشية أن تغضب الجالية التونسية فى فرنسا.. وفعلتها السعودية.. لأنها لا تخشى على شيء.. ولأنها لا تخشى أن يقال إن الأرض العربية، تحتضن الديكتاتوريات، وتؤمن حياتهم ومستقبلهم أيضاً!

لم تجد السعودية مشكلة فى استضافة أسرة الرئيس بن على، ولم تجد أدنى مشكلة فى أن يصدر بيان ملكى، يرحب بالرئيس المخلوع، الذى رفضت دول عديدة استضافته..  فهل هذه المروءة تقتصر على الرئيس التونسى وحده؟، أم أن الأمر قد يمتد إلى رؤساء آخرين.. تستعد الساحة العربية للخلاص منهم؟.. لا أفهم معنى القرار السعودى.. ولا أفهم إن كان قراراً سعودياً خالصاً، أم أنه جاء بتنسيق مع دول عظمى؟.. والسبب بسيط فى هذه اللخبطة، أن البيان الملكى السعودى لم يتطرق إلى شيء.. يبل الريق أو يشفى الغليل!

بقدر ما كنت سعيداً بالنتيجة التى وصل إليها التوانسة.. حين تخلصوا من الطاغية والحاشية.. وبقدر ما كنت سعيداً بالتوقع المذهل بهروب الرئيس.. بقدر صدمتى من قرار السعودية باستضافته.. ليس فقط ولكن بالترحيب به.. يعنى إيه النظام الملكى بيغيظنا.. أم يسخر منا؟.. ماذا كان يريد بالضبط؟.. هل يريد أن يرسل رسالة، أنه أقوى نظام حكم عربى؟.. هل يريد أن يقول: ارحموا عزيز قوم ذل؟.. لا أعرف!

لا أريد أن تنسينا حكومة السعودية، فرحة التوانسة بانتصار إرادتهم.. ولا أريد أن ينسينا أى شيء، إحساس التوانسة بأنهم يقتربون من تأسيس ديمقراطية رائعة فى المنطقة.. تتمتع بحكم شعبى وحكم دستورى.. وتتمتع بحرية الإعلام.. حرية الإعلام التى لاحت بوادرها فى الأفق، بعد سقوط الديكتاتور.. السقوط الذى بدأ منذ لحظة خطابه الأخير.. الذى أسميته خطاب الاستربتيز.. فقد تنازل فيه قطعة قطعة عن كل شيء.. أقال وزير الداخلية والمستشار السياسى والناطق الرسمى.. وأقال الحكومة كلها وحل البرلمان.. ولم يبق شيء فى يده حتى نفد بجلده وهرب.. ليعلن التليفزيون التونسى لأول مرة، خلو منصب الرئيس.. بصفة نهائية وليس مؤقتة!

لا أخفى سعادتى، بما فعله أحفاد أبو القاسم الشابى.. عندما رفعوا شعار" لا خوف بعد اليوم" .. وأظن أنها سعادة شعبية عربية.. كما أنها قلق رسمى عربى.. لأن كرة الثلج بدأت تتحرك من الغرب.. وقد لا تتوقف كما يقول "البرادعى".. ولا أخفى سعادتى أيضاً، لأننى طرحت بالأمس خيارات ثلاثة أمام زين العابدين.. الأول: أن يتنحى.. والثاني: أن يركب طائرته لمكان مجهول.. والثالث: أن يطلب حق اللجوء إلى فرنسا.. فلم يصدمنى فى ذلك كله إلا قرار السعودية!