رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أيها الثوار.. لا بديل عن الاستمرار

هي الثورة كيان حي يتصف بالدوام والاستمرارية، هي روح متمردة عنيفة تملأ عقولنا وقلوبنا، هي تضحية باسلة بالنفس، هي حربة وسيف وبندقية وقلم وريشة وآلة موسيقية ودمعة، هي نار، هي قوة غاشمة، هي طاقة تؤمن بإمكانية وجود الإنسان.

كل المتقلدين للأمر في بلادي لم يؤمنوا بالثورة منذ اليوم الأول، إذ أن خبرائهم وحراسهم ومحلليهم السياسيين ومن يطلق عليهم "نخبة" لم يتوقعوا أن يتطور الحراك الذي بدأ بمجموعات صغيرة (السن والعدد)، ويستمر ويتسع حتي يشمل هذه الأعداد الغفيرة التي رأيناها في الأيام الأولى لثورتنا العظيمة، وأن ننتقل من المطالبة ببعض الحقوق الإنسانية (عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية) إلى الحلم بتحقيق ثورة شاملة تطالب بالتغيير الجذري الكامل وإسقاط النظام الذي استحوذ على كل خيرات بلادنا واستبد بها وسيطر على كل مفاصلها.
هذا الحراك الذي انطلقت شرارته بمجموعات صغيرة صرخت في كل ميادين مصر (نريد اسقاط النظام) لم يكن له أن يستمر لولا طليعة من الشباب الشجاع المؤمن بإرادته في التغيير، الواثق في ثورته على الظلم، والذي يناط به الآن الاسمترار في ثورته إلى آخر الشوط.
وحيث أننا أصبحنا الآن أمام سيناريو قتل الثورة ووأدها بكل سفور، بل لا يقف الأمر عند هذا الحد وإنما يتم استغلالها - أي الثورة - لتحقيق مكاسب للنظام البائد ما كان ليحققها إلا باستغلال ثورتنا، فإننا بحق أمام شأن يتطلب منها أن نحمي مكاسب هذه الثورة، ومواجهة عنيفة مع أركان دولة القمع والظلم، ومن هنا فإن معركتنا الآن تجري في مواجهة ما يطلق عليه بـ"الدولة العميقة" التى ما زالت تهيمن على كل مفاصل الوطن ومقدراته.
ولهذا فإن معركة هذه الطليعة التي يجب أن تنتظم في أي شكل كان، بحيث تكون على تواصل دائم فيما بينها وتتحرك بشكل مخطط ومدروس هى معركة طويلة الأمد، تحتاج إلى طول نفس وتضحية، لأنها معركة البحث عن الإنسان نفسه ومعركة الخليقة كلها، شرقا وغربا، جنوبا وشمالا.
نحتاج لمواجهة تلك "الدولة العميقة" التي بنيت على الباطل والخداع والقمع والفساد، والتي تمارس الآن كل ألوان وصنوف وأساليب الألاعيب الرخيصة والدنيئة ضد ثورتنا وطليعتها - وكأنها فى ذلك تخوض أشرس معاركها وآخرها، معركتها الأخيرة، معركة حياة أو موت، للعودة مرة أخرى بعد أن نحجنا في لحظات تاريخية عظيمة لن تنساها البشرية، من زحزة ثقة تلك الدولة وهذا النظام بنفسه، وأحضرنا معنا امكانية زواله من الوجود، وهم الآن يحاربون ليُنسونا هذه الفرضيات التي برهنا بثورتنا على صحتها.

إن معركتنا الآن - في رأيي - يجب أن تتحرك في مسارين، وفي الحقيقة فإن كل مسار يعتبر بمفرده معركة منفصلة تستحق الحشد والتخطيط:

الأولى: ضرورة مواجهة كل أشكال وصور ومحاولة ترميم وإعادة النظام المهزوم - خلال الجولة الأولى - بتشكيل مجموعات من الشباب المتضامنين مع استكمال الثورة، لمراقبة أقسام الشرطة والمحليات وآداء المحافظين ومكاتب هيئات تقديم الخدمات للمواطنين، وأشكال الخدمات المقدمة للمواطنين وأداء الأجهزة المختلفة للدولة في كل منطقة على حدة، واقترح لتحقيق هذا تنظيم صفوفنا وعمل ورديات من المتطوعين وسجلات وكاميرات لتوثيق المخالفات وفضحها بوسائل الاعلام المختلفة، ويتم رفع دعاوى أمام الجهات المختلفة من مجموعة مركزية من محامين متطوعين في كل محافظة.

والثانية: معركة بناء قواعد شعبية

- عن طريق التوعية والتثقيف بحقوق الإنسان ومكانته في الدولة وقدرته على التغيير إذا لم تحقق له الدولة حاجته من الحياة الكريمة في كل المجالات وعلى كل المستويات - حتى نتمكن مع الوقت من تكوين مجموعات من المواطنين بديلا عن "النخبة" الغبية التي ضيعت مكتسبات الثورة بحثا عن "مكان وهمي" وتجاهلت في طريقها "أهل البلد" الذين ضحوا وعانوا للوصول إلى النقطة والمرحلة والفرصة التي ضيعوها "بغبائهم" غير أننا لا ولم نعول عليهم كثيرا وإنما كل تعويلنا على أهلنا في البيت والشارع والحي والمدينة والمحافظة وكل شبر في أرضنا التي لن نسمح باحتلالها مرة أخرى.

إن ثورتنا لن تحكمها "الديمقراطية السياسية" المزعومة، لأنها بالأساس لا تبحث عن منصب سياسي ما حتى تحقق أهدافها وطموحاتها، إنها تتحرك وسط الشوارع والميادين، لن تنحصر داخل مبنى ما أو مؤسسة ما، ولن تخضع لأي قوى سياسية، لأنها بداية تحارب نظاما يستعبد الناس مهما كان مسميات الأشخاص والمؤسسات التي تحكم، هي تحارب من أجل الإنسان ويجب أن تظل مكانها في الشوارع بين الناس تعلم أجيال معنى رفض الظلم وامتهان الكرامة وحقها في الحياة الحياة الكريمة وكيفية وأساليب مواجهة كل من يحاول أن يسلبها ذلك وفقط، ولا يشترط لعمل ذلك أن تكون في وزارة أو برلمانا أو رئاسة، وإنما إيمانا بقيمة الإنسان.
ستظل ثورتنا متواصلة ومستمرة مهما - حاول أن يقنعنا البعض بأنها قد حادت عن مسارها ومهما حاول البعض افقادها لطابعها المدني وقتلها وتشويهها بحصرها في معركة صراع سياسي زائف لا طائل من ورائه.
فيعلم الطرف الآخر من المعركة، الذين يخططون لحبس ثورتنا داخل أروقة المباني الحكومية والزنازين حتى نقنع نحن في النهاية بعدم جدواها والاستسلام لهم وترك أهلنا وأرضنا مرتعا خصبا يمرحون فيه ويلعبون والانزواء داخل حجرة مظلمة أو كرسي على أحد المقاهي وقمع ثورتنا داخل صدورنا، أننا لم نستسلم ولن نترك ساحة المعركة، حتى آخر نفس - وكلي يقين بأن كل من شارك مشاعر الرعب والأمل ونشوة النصر والتضحية والبسالة في ميادين مصر خلال الأيام الأولى من اندلاع الثورة، يشاركني إيماني بقدرتنا على التغيير والاستمرار.