عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. هانى سرى الدين يكتب : الإصلاح الاقتصادى والسياسى وجهان للتنمية المستدامة

د. هانى سرى الدين
د. هانى سرى الدين

أنا واحد من المؤمنين أن الاصلاح الاقتصادى والسياسى وجهان لعملة واحدة. لن تتحقق التنمية بمفهومها الشامل إلا بإصلاح اقتصادى مدعوم باصلاح سياسى يراعى الظروف الآنية.

أتذكر قبل أكثر من عقدين من الزمن، عندما كنت محاضرا بإحدى جامعات انجلترا، وكنت أدرِّس مادة القانون والتنمية الاقتصادية لطلبة الدراسات العليا أنه كان هناك سؤال يُطرح كثيرا، وكان يُثير حالة من الجدل بين الطلاب، وهو ما إذا كان تطبيق الديمقراطية السياسية شرطا ضروريا لتحقيق التنمية أم لا؟

وكانت الإجابات وقتها تتعارض وتختلف من طالب لآخر طبقا لجنسية كل منهم، وطبقا لحججه وقناعاته، وثقافته الشخصية.

كان البعض يرى أن تحقيق الديمقراطية شرط أساسى لاحداث أى نهضة أو تنمية حقيقية. وفى تصورهم، فإن سيادة القانون والشفافية وتطبيق العدالة والرقابة وتداول السلطة أمر يؤدى إلى التقدم الاقتصادى، والدليل على ذلك بلدان مثل دول أوروبا والأرجنتين والمكسيك.

وهناك رأى مضاد يرى أن الديمقراطية السياسية لا تكفى فى ذاتها لتحقيق التنمية الاقتصادية، والدليل على ذلك أن هناك بلدانا عريقة فى نظامها الديمقراطى مثل الهند، لكنها تعثرت فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما أن هناك بلدانا غير ديمقراطية اعتمدت الحزب الواحد ونجحت فى تحقيق الإصلاح الاقتصادى والاجتماعى بشكل مبهر، ومن أهم تلك البلدان سنغافورة، وماليزيا، والصين.

وفى تصورى، فإن النظم الديمقراطية أكثر حظا فى تحقيق التنمية والتغيير الأشمل، ولاشك أن تجارب الديمقراطية تسمح بتنوع ثقافى، وإبداع إنسانى، وانفتاح على العالم وتكريس للعدالة والشفافية وتحقق فاعلية أكبر فى الرقابة الصارمة وفاعلية منظمات المجتمع المدنى فى كافة الاتجاهات. وهذا المناخ أكثر إيجابية ودافعا للنمو الاقتصادى المستدام، وهو يمثل بيئة صالحة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة.

وأتصور أيضا أن دول شرق آسيا التى حققت تنمية عظيمة ولم تستند إلى نظام سياسى ديمقراطى اعتمدت فى نجاحها على تبنى عناصر أساسية تتفق فى جوهرها مع مبادئ النظم الديمقراطية، وإن لم تتفق معها فى الإطار الخارجى،

فكان لديها مثلا رؤى واضحة للإصلاح الاقتصادى والاجتماعى، صاحبها خطة تنفيذية سنوية لأولويات الإصلاح. واختارت هذه الدول لتطبيق تلك الرؤى أفضل العناصر وأروع الخبرات فى الإدارة والعمل التنفيذى، كما أنها ركزت تماما على مبدأ سيادة القانون وحظرت كافة أنواع الاستثناءات وهو ما وصل إلى تحقيق كامل للعدالة الناجزة، وساعد على تشجيع الصناعات العظيمة وساهم فى تعظيم المنافسة الجادة. فى الوقت ذاته كان هناك اهتمام كبير بقضية إصلاح نظام التعليم وتحويله إلى مشروع قومى، وفتح الباب للابتكار والابداع التكنولوجى والاهتمام بالبحوث العلمية.

وربما كان تبنى تلك الدول سياسات داعمة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة أفضل الآثار فى تحقيق نقلة نوعية ومستدامة فى حياة عشرات الملايين من أبناء تلك البلدان.

ولاشك أن التنمية الاقتصادية المتحققة فى بعض البلدان مثل إندونيسيا وكوريا الجنوبية وسنغافورة وغيرها من الدول ساعدت بعد ذلك فى تحول مجتمعاتها إلى مجتمعات ديمقراطية مدنية.

وفى رأيى، إن الموازنة مطلوبة بين الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية من جهة وبين الإصلاح السياسى من جهة أخرى ضرورة ملحة.

وأعتقد أن تطبيق مبدأ سيادة القانون، وتشجيع المشروعات الصغيرة، والاهتمام بالتعليم والصحة ودعم العدالة الاجتماعية، مع احترام حقوق الإنسان سيؤدى حتما إلى تحقيق التنمية المستدامة، وسيكون ذلك مدخلا مناسبا إلى الديمقراطية الكاملة.

وسلامٌ على الأمة المصرية.