عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المقامات والأضرحة.. ما بين المغالاة في الحب والتبرك والتعارض

بوابة الوفد الإلكترونية

كتب- عادل إمام وأحمد عبدالله:

زيارة مقامات آل بيت رسول الله وأولياء الله الصالحين لها مكانة خاصة عند المسلمين خاصة في مصر، ومع اختلاف الطبقات ومستوى العلم بالدين بين الناس تختلف أسباب زيارة الأضرحة ونمط الاعتقاد بهم، حتى بلغ الجدل مرحلة التشتت لبيان حكم الدين في حرمانية الزيارة.

 

ودخلت "بوابة الوفد" في رحاب رحلة روحانية بين بيوت أولياء الله، وبين هذا اختلفت آراء الفقهاء في هذا الأمر، فقد أكد البعض أن زيارة مقامات آل بيت رسول الله وأولياء الله الصالحين واجب يجب القيام به، والبعض الآخر أوضح أن ما يحدث في هذا الشأن مجرد مغالاة في الدين، والآخرون أشاروا إلى أنه أمر لا يشد له الرحال.

 

كلهم زائرون باختلاف هدف الزيارة:

قال وليد صابر، أحد ساكني روض الفرج ومالك لشركة عقاقير طبية و زائر دائم لأضرحة آل بيت بشارع الاشراف، إنه يأتي يوميًا إلى مقامات آل البيت قبل الذهاب إلى عمله أو تأدية مصالحه الخاصة طامعًا في أخذ البركة من آل بيت رسول الله.

 

وتابع صابر: "واجب علَي إعطاء التحية والسلام لهم مثل من يعطي التحية لمديره، وكنت أتعرض لخسائر بشركتي، وبعد تعلق قلبي لتلك الزيارات اعتدلت أموري في العمل".

 

وأردف صابر، ما أنا عليه الآن بسبب مجيئي إليهم وزيارة حضرتهم باستمرار، فهم يملكون شفاعةً عند الله لأنهم من عند رسول الله، خاتماً حديثه قائلاً: "إن أردت كرم الله علق قلبك بهم".

 

منى عبد الغفار، مواطنة تسكن بحي السيدة زينب تركت وظيفتها كسكرتير بمبنى الإذاعة والتليفزيون من 20 عاما؛ أدركت أنها كانت تفهم دينها بشكل خاطئ، وتفرغت لزيارة أضرحة آل البيت ومقامات الأولياء، ولكنها تكسب قوت يومها بشكل آخر.

 وقالت عبدالغفار، أنا أقوم بالتجول بـ "المبخرة" على محلات الأحياء المحيطة وأكسب قوت يومي من خلال ذلك، رغم أن أبنائي يعطونني راتباً شهرياَ، لكني انفقه على أضرحة الأولياء؛ لأنهم أولى بالمال مني، متابعه: "أنا قلبي مولع بحب الأولياء فهم أكرم خلق الله و منارة حياتي".

 

مصطفى سعد أحد سكان منطقة السيدة نفسية، أوضح أنه يأتي إلى مسجد السيدة نفسية يوميًا بعد بلوغه سن المعاش من الظهر إلى العشاء وبعدها يعود إلى بيته، قائلاً: "أحياناً أدخل مقام السيدة نفسية اقرأ الفاتحة ثم أخرج، وإذا رغبت بالدعاء يكون بدافع التبرك بالمكان فقط ليس إلا".

 

وأفاد سعد، بأنه يقول يا رب و ليس يا سيدة نفسية كحال بعض الزائرين الذين يقومون بهذا بدافع الاعتقاد أنها قادرة على قضاء حوائجهم  ونسوا الله، مضيفاً: أحياناً أجد البعض يصلون عند الضريح فالصلاة لله وحده و خادم المقام- إن وجد أحدهم- يمنعه.

 

راشد عبد الله دارس للمذاهب الفكرية والأديان المعاصرة بالسعودية أثناء زيارته لمسجد الحسين للاطلاع على مقامه هناك، عبر عن افكاره تجاه الأضرحة مصرحاً: "أنا لا أقوم بزيارة الأضرحة بوجهٍ عام، سواء إن كانت لآل البيت أو لأولياء الله الصالحين".

 

وأوضح عبدالله، أن صاحب المقام لن ينفعك بشيء ولن يضرك بشيء فهو لا حول ولا قوة له، قائلاً: "حرام شرعاً على من يشد الرحال لقبور الأولياء فالرحال لا يُشد إلا للمسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجد النبوي، وأن الرسول (ص) وصى بأهل بيته ولكن لم يوص بأن يطوف الناس حول قبره، فالرسول (صلى الله عليه وسلم) حذر المسملين ألا يتخذوا من قبره مسجداً".

 

وتابع، أن ابن تيمية في كتابه "تعارض العقل و النقل" ناقش قضية (سبب اقتناع البعض بقدرة الأولياء على قضاء حوائجهم)، حيث أوضح من خلاله أنه عند ذهاب رجل إلى قبر ولي و دعائه بأن يُفك كربه و تحل الأزمة ويظن الرجل أنه صاحب المقام هو السبب، و لكن حقيقية انفراج الأزمة أن ساعة الدعاء صادفت ساعة نزول رحمة الله او ساعة اجابة من الله.

 

عبد الكريم محمد، أحد سكان شبرا الخيمة، "أنا لا آتي إلى ضريح الحسين من أجل أو ما شابه ذلك لاقتناعي بقول الله تعالي (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)، فلا حاجة لوسيط بيني و بين الله".

 

آراء بعض أئمة مساجد الأولياء

صرح محمد طه، إمام مسجد السيدة نفسية، أن آل البيت لهم منزلة كبيرة عند الله لأنهم من نسل رسول الله وأنهم أناس كانوا يعبدون الله حقًا، لذا بني الناس لهم أضرحة لقدرهم العالي عند الله، مؤكدًا على أن الزائرين للأضرحة هم محبون لأهل البيت يأتون من كافة الأماكن للتبرك بهم.

 

وأشار إلى أن حالات الحب الزائدة لصاحب

المقام كتقيبل المقام أو الصلاة بداخله أو الدعاء باسمه فهي تصرفات نابعة بالفطرة وراجعة لافتقارهم للعلم الصحيح.

 

واختتم: "ليس هناك سبيل لوجود محتالين باسم التبرعات لصالح المسجد فإنها تتلخص في التبرعات العينية والمادية عن طريق إمام المسجد أو صناديق النزور داخل المقام وصندوق التبرعات الذي وضعته وزارة الأوقاف حديثًا أمام باب المسجد".

 

وأضاف عبدالله عزب، إمام مسجد السيدة زينب، أن أفضل الخلق وأكرمهم بعد الرسول - صلي الله عليه و سلم - هم أهل بيته والرسول وصي بهم، مشيرًا إلي أن محبين آل البيت يزداد كرم الله لهم وأن العطاء من الله وحده وهم سبب ليس إلا.

 

وتابع: "الاعتماد علي الأسباب شرك وترك الأسباب فسق،  أوشار إمام مسجد السيدة سكينة محمود سليمان إلى أنه لاغُبار على منزلة أهل بيت رسول الله ".

وأشار عزب، إلى أن نقطة الجدل تقبع هنا في عدم وجود جسمان داخل بعض المقامات، و في هذه الحالة يقال "أن المقام قد بني لوجود شاهد صاحبه"، بمعنى أن صاحب المقام قد مر من هذا المكان أو رآه أحدا فيه فيُبنى له ضريح في هذا المكان.

 

وعن إمام مسجد السيدة سكينة محمود سليمان، فقد أكد أنه لا غبار على منزلة أهل بيت رسول الله العالية، فقد وصى بهم رسول الله، وأن بعض الزائرين يقبلون الضريح و يمرروا أيديهم عليه لأنهم يمتلكون بصيرةً روحانية يشعرون من خلالها أنهم يقبلون صحاب المقام نفسه، مؤكداً أن هذا ليس خطئ فهي روحانيات وحبه خالص لا يشعر بها إلا صاحبها.

 

وأفاد سليمان، أن هذا ليس له أي صلة بالشرك فهم يدعون الله و يحبون أهل بيت رسوله، متابعاً: على إمام المسجد توجيه من لا يمتلكون العلم، وتعليمهم الفرق بين حب آل البيت وبين الوقع في الشرك.

 

علم الاجتماع له رأيه الخاص

أكد طه أبو الحسن، أستاذ علم الاجتماع، أن حب آل البيت لا خلاف فيه والعاطفة هي الدافع لذهاب الناس إلي هناك لحبهم الشديد للمكان، مؤكداً أن الوازع الديني هو الأقوى لدى الأفراد، لكن حب آل البيت بدون علم يؤدي إلى تعظيمهم بنوع من المغالاة، لدرجة قد تصل إلى ظنهم بقدرته على تلبية حاجات الناس والشرك بالله.

 

الأزهر يختتم القضية

صرح محمد عبد العاطي رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية جامعة الأزهر، أن مقامات أهل البيت لا تندرج تحت حديث الرسول صلى الله عليه و سلم "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة".

 

وتابع عبد العاطي، أن زيارة آل البيت ليس بها شئ من الحرمانية والفطرة وحدها لا تكفي فالعلم يمنع الخرافات ويرشد إلي الدين والشريعة الصحيحة، مضيفاً أنه لا يمكن إنكار أهل البيت ولا كرماتهم.

 

وأوضح عبد العاطي، أن "الكرمات" هي عبارة عن كل أمر خارق للعادة، وبناءً على ذلك يجب أن ينالوا نوعاً من التكريم و لكن بنوع من العقل والفهم، قائلاً: في النهاية هم بشر، وواجب زيارتهم بآداب الشرعية، أي لا يُذبح لهم ولا يطاف حولهم ولا نشركهم بالدعاء مع الله.