رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الثورة لم تصل وزارة الزراعة

«لو كان الاستبداد رجلا، وأراد أن ينتسب، لقال: أنا الشر، وأبي الظلم، وأمي الإساءة، وأخي الغدر ، وأختي المسكنة، وعمي الضر، وخالي الذل، وابني الفقر، وابنتي البطالة، ووطني الخراب، وعشيرتي الجهالة».

هذه المقولة لرائد فكر التنوير العربي عبدالرحمن الكواكبي.. صالحة لكل زمان ومكان ولكنني وجدتها اكثر ما تنطبق حاليا علي موقع صغير في وزارة الزراعة المصرية. رغم محدودية عدد العاملين بهذا الموقع الذين لا يتجاوز عددهم 150 فردا الا انه من اهم المواقع التي تمس بشكل مباشر حياة الانسان المصري وربما من اجل ذلك تم نشر كافة اقارب الاستبداد به حتي تكتمل المؤامرة علي صحة الانسان المصري.. هذا المكان لا يعرفه الا عدد محدود من المصريين وهو المعمل المركزي لمتبقيات المبيدات التابع لمركز البحوث الزراعية.

وتفاصيل الحكاية المؤلمة التي تجري في هذا المعمل مستمرة منذ عدة سنوات وبالتحديد منذ عهد المهندس أحمد الليثي وزير الزراعة الأسبق.

بدأت الحكاية مع تولي الدكتورة سهير جاد الله رئاسة المعمل واستمرارها في منصبها حتي الآن رغم كل الشكاوي والاستغاثات ضدها والبلاغات في النيابة الادارية ضد ممارساتها. ورغم صدور تعليمات واضحة من الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء لكافة الوزراء بتطهير الوزارات من كافة اتباع الحزب الوطني المحلول الا ان الدكتورة سهير تتمتع علي ما يبدو بالقوة التي تجعلها محصنة من اي قرار ولا احد يمسها أو يمس موقعها من قريب او بعيد!

بداية المأساة

وحتي ندرك حجم المأساة التي حولت هذا المعمل المركزي الهام جدا من خدمة الشعب المصري - الذي يدفع تكاليف تشغيله والمرتب الهائل الذي تحصل عليه الدكتورة سهير شهريا من ضرائب وتعب وشقاء المصريين - الي عزبة خاصة لن نحكي عن المكافآت الضخمة التي يحصل عليها المحظوظون والمقربون فقط من مديرة المعمل ولن نتناول ما يتردد عن كشوف البركة التي توزع منها مئات الآلاف من الجنيهات شهريا علي الكبار في وزارة الزراعة ولن ننقل شكاوي اعضاء المعمل من كاميرات المراقبة المزروعة في كل مكان باستثناء دورات المياه ولن نسرد ما يقوله العاملون عن الفتي المعجزة الذي يتم اعداده لتولي رئاسة المعمل في حالة حدوث المعجزة الربانية والاطاحة بالمديرة الحالية ومجيء تلميذها مكانها حتي «يستف الاوراق» لجعل امكانية مساءلة أستاذته ومحاسبتها ضربا من ضروب المستحيل.. ايضا لن نتكلم عن انتشار الضغينة في المعمل بين الافراد فقد انقسموا الي فريقين.. الفريق الاكبر ضد المديرة وسياساتها وممارساتها والفريق الاصغر حولها ينافقونها ويدينون لها بالولاء والطاعة العمياء وتنفيذ الأوامر الشفهية قبل المكتوبة لأنه السبيل الوحيد لإظهار مدي الولاء لها وذلك ليس حبا فيها ولكن خوفا من ان يتأثر مصدر رزقهم وألا يتم نقلهم او الاستغناء عن خدماتهم فورا. وسنكتفي اليوم فقط بالكشف عن تفاصيل جزء من المؤامرة علي صحة الشعب المصري التي تورطت فيها الدكتورة سهير جاد الله مديرة المعمل ومنحتها عن جدارة موقعاً متقدماً في القائمة السوداء بوزارة الزراعة التي تضم كبار المسئولين والقيادات المتهمين بالفساد والافساد الذين يطالب الباحثون بمركز البحوث الزراعية بالتخلص منهم.

تتعلق هذه المؤامرة ببرنامج تطبيق سياسة حماية سلامة المستهلك المصري علي كل المنتجات الزراعية الطازجة والمخزنة التي كان يتولي جانباً من مسئوليتها المعمل المركزي لتحليل متبقيات المبيدات والعناصر الثقيلة في الاغذية وذلك للتأكد ومطابقتها للحدود الاوروبية «الاكواد» العالمية مع الأخذ في الاعتبار الحدود القصوي لمتبقيات المبيدات. وعلي هذا الأساس يتم مراقبة الخضر والفاكهة الطازجة المستوردة او المنتجة محليا. ففي الدول الاوروبية يتم توزيع المبيدات بكميات محددة علي المزارعين وتتولي لجان تفتيش خاصة التأكد من الاستخدام الصحيح بالكميات الصحيحة للمبيدات علي المزروعات. وبعد انتهاء مواسم الحصاد تتوجه اللجان مرة اخري للمزارعين للسؤال عن الكميات المتبقة من المبيدات للتأكد من استخدام الكميات الصحيحة بالاضافة لعمليات فحص وتحليل متبقيات المبيدات في الاغذية وهو الامر الذي كان يجري في مصر قبل ظهور المؤامرة البشعة علي صحة المصريين لصالح اباطرة المبيدات السامة والمسرطنة حتي يحققوا مكاسب بالمليارات علي حساب المصريين الغلابة وصحتهم وهو ما يفسر اسباب الانتشار المريع لامراض السرطان والفشل الكبدي والكلوي وغيرها من الامراض القاتلة.

كانت اهم وظيفة يقوم بها معمل متبقيات المبيدات هي مراقبة الغذاء للتأكد من تطبيق سياسة حماية سلامة المستهلك وتحليل النتائج المتحصل عليها من  عملية التحليل والمراقبة وإجراء دراسات مخاطر التعرض في حالة وجود متكرر لمتبقي مبيد بذاته في الخضر والفاكهة وذلك للإجابة عن السؤال «هل مستوي هذا المبيد تعدي نسبة المتناول اليومي المسموح به في الخضر والفاكهة المتداولة في الأسواق؟ أم أنه مطابق للحدود المصرية او الدولية المعمول بها في الخضر والفاكهة المتداولة محليا مثلا؟».

كان هذا يتم بمعرفة ادارة المعمل المركزي لتحليل متبقيات المبيدات والعناصر الثقيلة في الاغذية اعتبارا من عام 1996 حيث تم وضع برنامج يغطي معظم المحافظات المصرية والاسواق الرئيسية. وبدأ البرنامج بست محافظات بعدد عينات يفوق الألف وخمسمائة عينة في السنة وتم نشر هذه النتائج دوريا في المجلات العالمية وبقدرة قادر منذ تولي السيدة الدكتورة سهير جاد الله رئاسة المعمل تم ايقاف هذا البرنامج بدعوي ارتفاع التكلفة وانه غير ذي جدوي اقتصادية!

وتحول المعمل الي فحص الاغذية المصدرة فقط التي يطلبها المصدرون تلبية لقواعد وشروط الاتحاد الاوروبي لمراقبة الغذاء المصدر من خضار وفاكهة وخلافه!!.

ظهور الامراض الفتاكة

ومنذ ذلك الوقت في عام 2004 بدأ الانحدار في حالة مراقبة الاغذية المصرية المحلية المتداولة في السوق المصري، فالأغذية التي يتم رفض تصديرها لوجود متبقيات مبيدات بها يتم طرحها في السوق المصري بغض النظر عن سلامتها او صلاحيتها للاستهلاك الادمي وبغض النظر عن خطورتها علي صحة المصريين الغلابة. وظهرت الامراض الفتاكة وظهرت مشاكل سوء الاستخدام للمبيدات « وطبعا الشعب المصري الغلبان مش عارف حاجة ولا عارف السبب وبياكل زبالة الغذاء الذي يتم رفضه من التصدير» علي حد قول احد مصادرنا من العاملين في هذا المجال الحيوي! واصبح المعمل المركزي لمتبقيات المبيدات يعمل لخدمة المصالح الشخصية لرجال الاعمال فقط وليس لخدمة الشعب المصري. وأدت هذه السياسة بعد الغاء برنامج حماية المستهلك المصري الي ظهور حالات التسمم الجماعية بسبب تناول البطيخ والخوخ والكنتالوب وهي الحوادث التي ظهرت بكثافة خلال الاعوام الماضية وكانت لغزا غير مفهوم للمصريين.. ولعلنا نتذكر جميعا انه منذ عدة سنوات وقعت العديد من حالات الوفاة بسبب البطاطس التي اتضح انها ملوثة بالمبيدات السامة. ولكي تكتمل المأساة نضيف الي ما سبق ان هناك أنواعاً كثيرة من المبيدات يتم طرحها في الاسواق بدون اختبارات او تحاليل ويستخدمها المزارعون بدون إرشاد أو توعية، وبالتالي تنتقل سمومها الي اجساد المصريين تنهشها وتصيبهم بكافة انواع الامراض القاتلة.. انها نتاج واضح لاسلوب العزبة أو الوسية في ادارة موقع هام مثل المعمل المركزي لمتبقيات المبيدات الذي نسيت مديرته انها تقبض مرتبها ومكافآتها من عرق وشقاء المصريين الغلابة الذي يتناولون الاغذية المسممة التي سمحت هي بتداولها بعد الغاء برنامج الرقابة. ولأن المنتفعين من هذه الاوضاع حريصون علي ابقاء الاوضاع علي ما هي عليه بادروا بشن حملة للدفاع عنها والمطالبة ببقائها في موقعها وليذهب ملايين المصريين وصحتهم الي الجحيم.

اما بعد فلا يوجد امامنا لتفسير هذه الوقائع سوي مجموعة احتمالات ومنها - اذا افترضنا حسن النوايا - ان الدكتور صلاح يوسف وزير الزراعة الحالي لا يعلم بما يحدث داخل المعمل المركزي لمتبقيات المبيدات - وتلك في حد ذاتها مصيبة - ولذلك يترك الامور تجري علي ما هي عليه حتي الآن رغم تعهداته بعلاج الخلل الواضح في اي مكان بالوزارة.. وهذا العذر رغم ضعفه الا اننا من باب حسن النوايا ايضا نطالبه بسرعة علاج الخلل وتشكيل لجنة تقصي حقائق  لفحص ما يحدث في المعمل.

الاحتمال الثاني ان تكليفات الدكتور عصام شرف رئيس الحكومة للوزراء ومنهم وزير الزراعة بسرعة تطهير الوزارات من بقايا واتباع الحزب الوطني لم تصل حتي الآن الي الدكتور صلاح يوسف ولذلك - ايضا من بابا حسن النوايا - نقول له ان تكليفات رئيس الوزراء واضحة لا لبس فيها فلماذا الانتظار علي اصدار قرارات التطهير في وزارته رغم ادائه اليمين القانونية منذ اسبوعين؟.

والاحتمال الثالث ان مديرة المعمل تتمتع بحصانة أقوي من حصانة نواب سد قراره او وجود من يحميها لاسباب تتعلق بترتيب وتستيف اوراق لضمان تبرئة المتهمين المحبوسين حاليا في قضية المبيدات المسرطنة؟ وهناك العديد من الاحتمالات الاخري يتحدث عنها العديد من الباحثين في مركز البحوث الزراعية ولكننا نكتفي في الوقت الحالي بهذا العدد المحدود من التفسيرات لسر قوة ونفوذ الدكتورة سهير.