رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مسلم ومسيحي «إيد واحدة»

العلاقة الطيبة بين قطبي الأمة في مصر كانت محور عدد كبير من الدراسات ومحط أنظار العالم كله، فقد عاش المصريون طوال تاريخهم، مسلمين ومسيحيين

في وئام، لكن هذه العلاقة تتعكر صفوها في بعض الأوقات بسبب تدخل نظام الحكم، وظهور جماعات الإسلام السياسي، إبان ثورة 25 يناير عادت العلاقة بينهما إلي سابق عهدها، بل إن المصريين جميعاً نسبوا كل تلك الفوارق الدينية والطبقية وعاشوا ملحمة حقيقية للوحدة الوطنية، ظهرت في كل ميادين الثورة في مصر، مسيحيون يحمون المسلمين أثناء الصلاة، ومسلمون يشاركون المسيحيين قداسهم، وظن الجميع أن هذه الحالة من السلام والوئام ستظل سائدة، إلا أن جماعات تدمير الوطن تدخلت في هذه المساحة، لتعود أجواء الفتن الطائفية من جديد، بأحداث غريبة شهدها العام الماضي، ولكنها ما لبثت أن خمدت لتحل محلها روح المودة والمحبة من جديد تجلت في أبهي صورها ليلة رأس السنة في ميدان التحرير، وبما أن العيد دائماً هو فرصة المودة والمحبة، ففيه يتقدم المسلمون للمسيحيين بكل آيات التهنئة وأمنيات السعادة والخير، لذلك نلجأ للخبراء نسألهم كيف تستمر العلاقة بين قطبي الأمة علي هذا النحو الطيب؟!
تجيب عن هذا التساؤل الدكتورة مني مكرم عبيد القيادية القبطية البارزة وعضو المجلس الاستشاري قائلة: لابد من إصلاح كل الممارسات الخاطئة التي بدأت منذ الثورة المجيدة بحيث نصل إلي مصالحة وطنية بين كل أبناء مصر بمن فيهم القوات المسلحة الوطنية، فقد تزايدت الأحداث الطائفية بمعدل فلكي خلال الـ 30 عاماً الماضية، وكان أكبر خطأ ارتكبه النظام السابق أن ملف الأقباط كان مثل ملف الإخوان المسلمين من اختصاص جهاز أمن الدولة، رغم أن هذا الملف كان يستلزم حلولاً سياسية وليس حلولاً أمنية، وبالتالي لابد أولاً ان نضرب بحزم كل من يهدد سلامة الأمن الداخلي، وثانياً لابد أن نبني جهاز المناعة الداخل الذي انهار حتي نتحصن من الرياح الشريرة التي تهب علينا، وثالثاً نطالب بالديمقراطية لكل المصريين، والمواطنة الكاملة للأقباط، خاصة بعد أن نجح النظام السابق - ضمن خطته - لاستكمال سيناريو التوريث - في استخدام فزاعة الإخوان المسلمين ليخيف بها الأقباط والطبقة الوسطي المصرية في الداخل، والغرب في الخارج، حتي عزف كثير من الأقباط المشاركة السياسية، وانجرفوا إلي معاداة الديمقراطية لما تنطوي عليه من انتخابات حرة ونزيهة خوفاً من وصول الإخوان للسلطة من خلال صناديق الاقتراع، بالإضافة إلي دور التعليم الذي كان يكرس روح إقصاء الآخر، والإعلام الذي يؤجج الفتن الطائفية، وإبان الثورة خرج المسيحيون ليشاركوا المسلمين منذ اليوم الأول، وانضموا بحماس للحركة الوطنية، واستشهدوا وأصيبوا مع إخوانهم المسلمين، ثم شاركوا في الاستفتاء في الانتخابات، ورغم أن عددا قليلا منهم نجح في الانتخابات - لكن هذه تعتبر المرة الأولي التي يدخل فيها الأقباط البرلمان من خلال الصناديق وليس بالتعيين، كما ظهرت ائتلافات شبابية تكونت من شباب مسلمين ومسيحيين كمواطنين مصريين وهي دليل علي أن المصالحة ستأتي من شبابنا.
ومن هنا يجب الاستفادة من هذا الزخم رغم الهواجس التي تسيطر علي الأقباط والتي قد يكون لها ما يبررها بعد صعود الإسلاميين للحكم، الذين يجب عليهم طمأنتنا بإقرار احترامهم لمبدأ المواطنة الكاملة والمتساوية لكل المصريين بمن فيهم النساء والأقباط وأصحاب الديانات الأخري، وعليهم أن يقروا أيضاً بحق كل مواطن مهما

كان دينه أو نوعه في شغل أي منصب بما في ذلك منصب رئيس الجمهورية، وأضافت عبيد لو فعل الإسلاميون ذلك فسيمكنهم بناء أحد أهم أركان المصالحة الوطنية، وبذلك نصبح علي يقين بحياة كريمة للأقباط في ظل الحكم الإسلامي الرشيد، وأن حقوق الأقباط ستصان أكثر من أي وقت مضي.
ويلتقط الأب صفوت البياض رئيس الطائفة الإنجيلية أطراف الحديث مشيراً إلي ان نبذ التطرف من فكر المجتمع والدين هو الوسيلة الوحيدة لعودة روح التسامح للمجتمع المصري، فكلما زادت الوسطية والاعتدال وقبول الآخر سادت روح المحبة والسلام في المجتمع، فالكتاب المقدس يقول «ان كنت لا تحب أخاك الذي تراه، فكيف تحب الله الذي لا تراه» فالمسيحية والإسلام ديانات تدعو للحب، فمتي تقوم عبادة الله علي الحب وليس الخوف؟
وأضاف هذه العلاقة يتم تنميتها من خلال وسائل الإعلام والتعليم والمؤسسات الدينية ولابد أن يتم هذا من خلال منظومة متكاملة حتي نصل لهذه الحالة من التوافق المجتمعي التي نريدها.
أما الدكتور عبدالمعطي بيومي عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر سابقاً فيري أن الفهم الصحيح للإسلام وتطبيقه تطبيقاً أمنياً هو أفضل وسائل المحافظة علي العلاقة بين المسلمين والأقباط، حيث إن الإسلام يجعل العلاقة بين المسلمين وغيرهم قائمة علي احترام الإنسان أياً كان دينه أو مذهبه، واعطائه من الحقوق والواجبات مثلما للمسلم سواء بسواء حيث قال الرسول صلي الله عليه وسلم «لهم ما لنا وعليهم وما علينا» حينما دخل المدينة ووضع «وثيقة المدينة» للتعاون بين المسلمين واليهود، وجعلهم أمة واحدة، كما وضع القرآن الكريم قاعدة البر بأهل الكتاب والعدل في معاملتهم في قوله تعالي: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين» صدق الله العظيم.
والبر هو المعني الجامع لكل الخيرات، والقسط هو العدل، فطالما أن غير المسلم لا يؤذيه، ولا يخرجه من داره، ولا يحقر دينه، فمن واجب المسلم أن يبره، ويجب أن تتحمل كل وسائل الإعلام ومؤسسات التربية والمؤسسات الدينية هذه المسئولية في إقرار هذه المبادئ، وتعليم المسلمين مبادئ دينهم السمحة التي تحافظ علي العلاقة بينهم وبين غيرهم من المسلمين.