رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حوادث الفتنة «سياسية أمنية» ترتدى عباءة «الدين»

بوابة الوفد الإلكترونية

«مسلم مسيحى إيد واحدة» شعار رفعه الجميع وهتفوا معاً، «الشعب يريد إسقاط النظام» فى 25 يناير الماضى، وفى «رأس السنة» احتفل

المصريون بعيد الميلاد المجيد وسط ميدان التحرير رافعين الشعار نفسه ليكتشفوا جميعاً قبل غيرهم أنهم ليسوا طائفيين وأن الطائفية كانت ولاتزال من صنع النظام السابق، ذاك الذى كان يقتات على الكوارث والأزمات والفتن المفتعلة ويستمد بقاءه من المشاحنات المستمرة بين قطبى الأمة، ففى عام كامل مضى شهدت مصر أكثر من حادثة طائفية وتفجيرات وإشعال حرائق فى الكنائس بدءاً من كنيسة القديسين بالإسكندرية مروراً بأحداث نجع حمادى وقنا الدامية وإمبابة وقرية صول التابعة لمدينة أطفيح والعمرانية، فهل هناك وحده بالفعل بين مسيحيى ومسلمى مصر تقوم على أسس متينة وراسخة.. أم أنها «هشة» وتحتاج لصراحة وإجراءات حاسمة لنزع فتيل الفتنة الطائفية التى تنفجر بين الحين والآخر أم أنها مجرد ذرائع وحرب سياسية شرسة سياسية قذرة تستخدم وقت الحاجة؟!، تساؤلات نحاول الإجابة عنها خلال السطور المقبلة!!
بعد الثورة وفى أول اختبار حقيقى للوحدة بين قطبى الأمة، اندلعت المشاحنات الطائفية فى قرية «صول» بسبب علاقة عاطفية بين رجل مسيحى وامرأة مسلمة تطور الأمر لمقتل اثنين من أسرة الفتاة وهدم الكنيسة الموجودة بالقرية واتهام البعض لفلول النظام السابق بالوقوف وراء تلك الأحداث وبعد مرور شهرين على إعادة القوات المسلحة لبناء الكنيسة وافتتاحها للصلاة بحضور شيخ الأزهر ووزير الأوقاف، اندلعت من جديد أحداث إمبابة الطائفية بسبب اعتناق امرأة مسيحية للإسلام وإطلاق شائعات احتجازها فى كنيسة مارى مينا ونجم عنها سقوط 13 قتيلاً و242 مصاباً وإحراق كنيسة العذراء فى المنطقة نفسها، ثم جاءت تلك الأحداث متزامنة مع ظهور «كاميليا شحاتة» التى طالب المسلمون بفك أسرها اعتقاداً منهم بأنها أسلمت ثم أجبرتها الكنيسة على العودة إلى المسيحية واحتجازها فى أحد الأديرة.
توليفة تتكرر بطلها امرأة تعتنق الإسلام أو المسيحية ثم تختفى، فمظاهرات تتحول لمعارك واعتداءات على الكنائس وقتلى وجرحى واتهام لفلول النظام أو أجهزة الأمن ويقابلها أشكال مختلفة ومتنوعة لتلك الأحداث الناجمة عن إشعال فتيل الفتن الطائفية خلال عام 2011 بالذات، وأيضاً عام 2010 فمن منا ينسى حادث نجع حمادى عشية احتفال الأقباط بعيد الميلاد المجيد وراح ضحيته 6 مسيحيين ورجل شرطة مسلم جراء هجوم بالرصاص خارج كنيسة نجع حمادى بسبب اعتداء شاب قبطى على فتاة مسلحة وليتجلى بعدها أسوأ مظاهر العنف الطائفى من إحراق لمتاجر وممتلكات أقباط ومهاجمة مركز الشرطة ظناً من الناس أن المتهم القبطى محتجز فيه، كذلك حادث العمرانية الذى انتهى بمقتل مسيحى وإصابة العشرات واعتقال نحو 91 مسيحياً وإحالتهم للنيابة العامة بتهمة التجمهر وتحطيم ممتلكات عامة وارتكاب أعمال شغب، ومع ذلك تم العفو عنهم جميعاً من قبل الرئيس السابق حسنى مبارك، ومع ذلك تكررت الحوادث وقام الأقباط بقطع الطرق رغم تدخل الجيش واعتصموا لأسابيع أمام ماسبيرو لتصل لأحداث ماسبيرو الدامية، والتى راح ضحيتها 207 شهداء وعشرات المصابين، ما يشير بالفعل إلى أننا نعيش فى أزمة طاحنة وحقيقية أياً كان المتسبب فى خلقها ودوافعها، وكذلك إلى وجود خطأ مزمن فى معالجتها بالذات، حيث لم تعد تجدى معها، فى حلول عرضية أو جلسات المصافحة بين المشايخ والقساوسة والتى يكون من أهم نتائجها إفلات الجانى من العقاب رغم بشاعة ما ارتكبه من جريمة وشجع الآخرين على تكرارها ما يستلزم تنفيذ القانون وحل المشكلة من جذورها، حتى لا تتكرر مأساة تصبح معها احتفالات الأعياد باهتة وانصرف أصحابها إلى المطالبة بحقوق الدم بدلاً من العيش فى أجواء الفرحة والابتهاج بالعيد.
فتنة سياسية
الدكتور محمد الجوادى، المفكر السياسى، يصف ما يحدث بين قطبى الأمة بأنه

«فتن سياسية وأمنية» ترتدى ثوب الدين ولا تظهر إلا عندما يتظاهر الحاكم أو السلطة الحاكمة أو حزب الأغلبية «أيا ما كان» بالضعف أو العجز هروباً من حل مشكلة تنموية أو سياسية أو تمويلية، وبدأ الفتنة فى مصر بالصورة الراهنة السياسية الأمنية المتردية فى عام 1972 مع بداية حكم السادات، وساعد على ذلك أن بعض رجال الكنيسة وجدوا ضالتهم فى التورط والتوغل فى السياسة وهو ما كان بمثابة مكسب واستفاد منه رجال الأمن السياسى، واستطاعوا توظيفه فى إيجاد أصولية مضادة عند بعض الطوائف الإسلامية.
ويرى «الجوادى» أن كمية المعارك وثورة المعلومات التى حدثت فى السنوات الثلاثين الماضية كانت كفيلة بالقضاء على هذه الفتنة حتى فى البلاد المختلفة، لكن التوظيف السياسى المصرى لهذه الفتن فى خدمة أهداف سياسية عاد بها إلى مقدمة المشهد السياسى، وواجب المجتمع ألا ينتظر الحل الإلهى لمشكلات هو الذى يصنعها بنفسه.
كمال زاخر، المفكر القبطى، يرجع أسباب تلك الفتن والأحداث الدامية بين الحين والآخر إلى عدة أسباب أولهما القبضة الرخوة للسلطة الحاكمة فى مصر وغياب الأمن ووجود رواسب فتنة فى القلوب تركها النظام السابق وزرعها فى النفوس وسعى العديد من الدول العربية والأجنبية إلى بث روح الفتنة بين المصريين، بهدف عدم تكرار نموذج الثورة المصرية فى تلك الدول.
وفاء المصرى، محامية نائب رئيس حزب الكرامة، ترى أن سياسة المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته الحاكم الفعلى للبلاد اختلفت عما قبل ثورة 25 يناير فلم يعد يتجاوب بالشكل المطلوب مع مطالب الثورة وأعطى الفرصة للثورة المضادة، ومن ثم كانت المخرجات متعددة بدءاً من سيناريو الطائفية للانفلات الأمنى المتعمد وفقع أعين الثوار والغلاء المستمر للأسعار، وتأزم الأوضاع الاقتصادية، ليصل بالمواطن لكره الثورة والثوار، ولكن الأيام ستثبت للشعب أنها مجرد غمامة وسيدعم الشعب الثورة من جديد وأهدافها.
تؤكد وفاء المصرى أنه لانزال مكاننا والجهات الأمنية تسير على نهج مبارك باستخدام الملف الطائفى فى مواجهة مطالب الشارع وسوء الأحوال المعيشية والاقتصادية للمواطنين بدلاً من البحث والحل عن جذور ومشكلات الأقباط وعلاقتهم بالمسلمين وبالأنظمة الحاكمة.
الدكتور نبيل حلمى، عميد حقوق الزقازيق السابق، يطالب بضرورة التعامل على أن جريمة الفتنة الطائفية ليست كباقى الجرائم الجنائية، بل هى جريمة ذات طبيعة مدمرة لأنها تؤثر على أمن وسلامة المجتمع وتؤثر بالسلب على الاقتصاد مما ينبغى التعامل معها بكل حزم وتقديم المتورطين فيها إلى المحاكمة الفورية ومن أجل استعادة هيبة الدولة.