رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأميم المدارس القومية.. إغتيال للتعليم التعاوني

فشلت وزارة التربية والتعليم في‮ ‬تنفيذ مخططها بتحويل المدارس التابعة للمعاهد القومية إلي‮ ‬مدارس تجريبية متميزة والمعروفة باسم المستقبل والتي‮ ‬أثير حولها العديد من علامات الاستفهام‮.

‬ترجع أسباب فشل الوزارة إلي‮ ‬صدور أحكام قضائية ضد الدكتور أحمد زكي‮ ‬بدر وزير التربية والتعليم بوقف تنفيذ القرارات الوزارية الصادرة بشأن حل مجالس إدارات هذه المدارس وتحويلها إلي‮ ‬مدارس تجريبية متميزة‮. ‬جاءت القرارات الوزارية مخالفة للدستور والقانون بسبب حرمان أولياء الأمور من اختيار نوعية التعليم لأبنائهم وقيام الوزارة بفرض نوعية معينة من التعليم علي‮ ‬أولياء أمور التلاميذ وأبنائهم بالمخالفة لرغبتهم الاجتماعية‮. ‬تجاهلت الوزارة الأحكام الصادرة لصالح أولياء الأمور بوقف تنفيذ القرارات الوزارية ولم تقدم الوزارة من جانبها أي‮ ‬مبادرة لتنفيذ هذه الأحكام أو إلغاء القرارات الوزارية الخاصة بتحويل بعض المدارس،‮ ‬ومنها مدرسة النصر والليسيه بالإسكندرية ومجمع المدارس بمحافظة‮ ‬6‮ ‬أكتوبر‮. ‬اكتفت الوزارة بالتزام الصمت تجاه هذه الأحكام وتركت الأمور في‮ ‬مهب الريح‮. ‬استطلعت‮ »‬الوفد‮« ‬آراء بعض خبراء التربية حول هذا الموضوع‮.‬

يري‮ ‬الدكتور شبل بدران عميد كلية التربية السابق بجامعة الإسكندرية والخبير التربوي‮ ‬أنه في‮ ‬خطاب السيد الرئيس محمد حسني‮ ‬مبارك والذي‮ ‬وجهه إلي‮ ‬الحزب الوطني‮ ‬وحكومته في‮ ‬مؤتمره الأخير‮ ‬2010‭/‬12‭/‬25،‮ ‬أكد سيادته علي‮ ‬ضرورة تفعيل المشاركة المجتمعية واللامركزية بوصفها مبدأين أساسيين في‮ ‬تطوير المجتمع المصري،‮ ‬إلا أن هناك بعض الوزراء لم‮ ‬يدركوا ذلك التوجيه،‮ ‬فاتخذوا من الإجراءات والقرارات ما‮ ‬يخالف ويناقض ذلك التوجه‮. ‬والقضية تتمثل في‮ ‬قيام السيد وزير التربية والتعليم بإصدار القرار الوزاري‮ ‬رقم‮ ‬475‮ ‬في‮ ‬2010‭/‬12‭/‬21‮ ‬بتحويل بعض مدارس المعاهد القومية‮ (‬كلية النصر للبنات‮ ‬E.G.C‮ ‬والتي‮ ‬أنشئت عام‮ ‬1936،‮ ‬ومدارس ليسيه الحرية والتي‮ ‬أنشئت في‮ ‬مطلع القرن العشرين بالإسكندرية‮) ‬ويستند القرار إلي‮ ‬أن تلك المدارس ملك لوزارة التربية والتعليم،‮ ‬والمعلوم للجميع أن تلك المدارس كانت ملك الجاليات الإنجليزية والفرنسية،‮ ‬وقد تم تأميمها لصالح الشعب المصري‮ ‬بعد العدوان الثلاثي‮ ‬الذي‮ ‬وقع علي‮ ‬مصر عام‮ ‬1956‭.‬

وفي‮ ‬عام‮ ‬1958‮ ‬تم تكوين الشركة العامة للتربية والتعليم‮ (‬ش.م.م‮) ‬لإدارة تلك المدارس،‮ ‬حيث إنها مدارس ذات مصروفات مرتفعة بالنسبة للغالبية من أبناء الشعب المصري،‮ ‬وفي‮ ‬عام‮ ‬1963‮ ‬قامت وزارة التربية والتعليم ممثلة في‮ ‬السيد‮/ ‬السيد محمد‮ ‬يوسف وزير التربية والتعليم حينذاك ممثلاً‮ ‬للجمهورية العربية المتحدة ببيع تلك المدارس إلي‮ ‬الشركة،‮ ‬وفي‮ ‬عام‮ ‬1979‮ ‬تم تكوين الجمعية العامة للمعاهد القومية لإدارة تلك المدارس،‮ ‬من خلال الجمعيات التعاونية التعليمية التي‮ ‬كانت تدير تلك المدارس وفي‮ ‬عام‮ ‬1990‮ ‬أصدر الأستاذ الدكتور أحمد فتحي‮ ‬سرور وزير التعليم حينذاك القانون رقم‮ (‬1‮) ‬لعام‮ ‬1990‮ ‬بشأن الجمعيات التعاونية التعليمية واللائحة التنفيذية لذلك القانون بالقرار رقم‮ (‬83‮) ‬لسنة‮ ‬1990،‮ ‬ونشر بالجريدة الرسمية،‮ ‬العدد‮ ‬2‮ ‬في‮ ‬1990‭/‬1‭/‬11‮ ‬ولقد تضمنت المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون الجمعيات التعاونية التعليمية ما‮ ‬يلي‮: ‬تضطلع الجمعيات التعاونية التعليمية برسالة عظيمة الشأن جليلة الأثر في‮ ‬النهوض بأمانة التربية والتعليم في‮ ‬قطاع كبير من أنشطة التعليم الخاص منذ وُكلت إليها إدارة المعاهد القومية وجعلت القاعدة في‮ ‬تأسيس المدارس الخاصة وإدارتها أن تركن في‮ ‬ذلك إلي‮ ‬الأشخاص الاعتبارية علي‮ ‬وجه‮ ‬يؤمن لتلك المدارس نوعاً‮ ‬من الدائمية والاستمرار‮.‬

وتواصل المذكرة الإيضاحية تبيان أهمية هذا النوع من التعليم الذي‮ ‬يكفله الدستور في‮ ‬مادته رقم‮ (‬31‮) ‬ويرعاه ويضمن له الإدارة الذاتية،‮ ‬لقد عني‮ ‬المشروع بتشكيل مجلس إدارة الجمعية وجعل اختيار أغلبيته بطريق الانتخاب تأكيداً‮ ‬للإدارة الذاتية للجمعية إضافة إلي‮ ‬ناظر المدرسة بحكم وظيفته وثلاثة من المهتمين بالتربية والتعليم‮ ‬يصدر باختيارهم قرار من الوزير مع ممثل عن النقابة الفرعية للمعلمين ليس له صوت معدود‮ (‬مادة‮ ‬18‮).‬

ومنذ عام‮ ‬1990‮ ‬والمدارس تدار من خلال الجمعيات التعاونية التعليمية ومجلس إدارتها،‮ ‬وهذه الإدارة ديمقراطية في‮ ‬جوهرها،‮ ‬حيث تقوم الجمعية بعقد اجتماع سنوي‮ ‬في‮ ‬شهر ديسمبر لتقدير الميزانية والحسابات الختامية وكذلك الإنجازات التي‮ ‬تمت والمتوقعة مستقبلاً،‮ ‬ويتم في‮ ‬هذا الاجتماع انتخاب مجلس الإدارة والمراقب المالي‮... ‬إلخ‮. ‬هذه الممارسات تتم منذ عام‮ ‬1990‮ ‬تحت رقابة وزارة التربية والتعليم والمديرية التعليمية والمعاهد القومية،‮ ‬رقابة مالية وإدارية علي‮ ‬الجمعية واجتماعاتها،‮ ‬أي‮ ‬أن الوزارة تعلم علم اليقين عن تلك الجمعيات وتراقب أعمالها ونشاطها بصورة دائمة،‮ ‬وذلك بحكم القانون رقم‮ (‬1‮) ‬لسنة‮ ‬1990‭.‬

وكما أوضحت المذكرة الإيضاحية أن ذلك النوع من التعليم الذي‮ ‬يجسد فكرة المشاركة المجتمعية واللامركزية ودعم التعليم التعاوني‮ ‬ليساهم في‮ ‬إتاحة فرص التعليم لأبناء الطبقة الوسطي‮ ‬إلي‮ ‬جانب التعليم الحكومي‮ ‬الرسمي‮. ‬ولقد أكد الدستور المصري‮ ‬في‮ ‬مادته‮ (‬31‮) ‬أن الملكية التعاونية،‮ ‬ملكية الجمعية التعاونية‮ ‬يكفلها الدستور ويرعاها ويضمن لها الإدارة الذاتية،‮ ‬وهذا نص واضح وجليّ‮ ‬ولا‮ ‬يحتاج إلي‮ ‬تفسير أو تأويل،‮ ‬ولقد أكد القانون رقم‮ (‬1‮) ‬لسنة‮ ‬1990‮ ‬في‮ ‬مادته الأولي‮: ‬تعتبر جمعية تعاونية تعليمية كل جمعية تعاونية تنشأ بهدف تأسيس المدارس الخاصة وإدارتها طبقاً‮ ‬للقانون رقم‮ (‬139‮) ‬لسنة‮ ‬1981‮ ‬إذن هذه مدارس تعاونية خاصة وتدار من خلال مجالس إدارات للجمعيات التعاونية المنتخبين من أعضاء الجمعية التعاونية التعليمية‮.‬

والسؤال‮: ‬كيف‮ ‬يتم تحويل هذا النوع من التعليم إلي‮ ‬تعليم تجريبي‮ ‬مميز‮ (‬المستقبل‮) ‬ومن المعروف أن المدارس التجريبية حينما أنشئت في‮ ‬التسعينيات كان الهدف منها التجريب،‮ ‬تجريب تدريس العلوم والرياضيات باللغة الإنجليزية في‮ ‬بعض المدارس المختارة،‮ ‬وكانت في‮ ‬الغالب الأعم أفضل المدارس الحكومية بحكم أنها مدارس بمصروفات بدأت بحوالي‮ ‬200‮ ‬جنيه وتجاوزت الآن الألف جنيه في‮ ‬بعض المدارس،‮ ‬وهي‮ ‬تلبية حاجة بعض الفئات الاجتماعية في‮ ‬المجتمع‮. ‬فكيف نحول مدارس خاصة تعاونية مضي‮ ‬علي‮ ‬تاريخها أكثر من ثمانين عاماً‮ ‬وخرّجت المئات من الشخصيات العامة وذات الشهرة الأوسع في‮ ‬مجال الحياة السياسية والاجتماعية والفنية والتدريس باللغة الإنجليزية‮ ‬يتجاوز التجريبي‮ ‬لأنه به المستوي‮ ‬العادي‮ ‬والرفيع وتكليفات أخري‮ ‬ترتبط بنشأة وتطور تلك المدارس‮.‬

إن المدارس التجريبية هي‮ ‬مدارس تتبع وزير التربية والتعليم مباشرة وتخضع لسلطته وفق قانونها،‮ ‬وهي‮ ‬مازالت تحت التجريب ومحل الدراسة،‮ ‬وإلا كانت عممت في‮ ‬فترة،‮ ‬ولكن السؤال الأكثر دهشة،‮ ‬ما الحكمة في‮ ‬تغيير مسميات تلك المدارس إلي‮ ‬مدارس تجريبية لغات متميزة‮ (‬المستقبل)؟ ما علاقة مدارس المستقبل بالمدارس التجريبية والخاصة،‮ ‬وهل المدارس الحالية هي‮ ‬مدارس تعود للماضي‮ ‬أو الحاضر،‮ ‬وأن السيد الوزير‮ ‬يريد تحويلها إلي‮ ‬مدارس‮ »‬المستقبل‮« ‬ومن الذي‮ ‬اختار هذا المسمي؟‮! ‬ولماذا لم‮ ‬يكن هناك مسمي‮ ‬آخر؟ وما الحكمة من تحويل المدارس إلي‮ ‬تجريبية لغات مميزة؟‮!‬

إن الحجة التي‮ ‬تطرحها وزارة التربية والتعليم هي‮ ‬أن تلك المدارس حدث بها مخالفات مالية وإدارية قام بها أعضاء مجلس الإدارة،‮ ‬وهذا شيء جميل،‮ ‬والمنطق‮ ‬يقول بما أن الوزارة هي‮ ‬التي‮ ‬تشرف علي‮ ‬تلك المدارس إشرافاً‮ ‬مالياً‮ ‬وإدارياً‮ ‬فجيب عليها تحويل المخالفات إلي‮ ‬التحقيق وفي‮ ‬حال ثبوتها‮ ‬يتم حل المجلس أو تغييره،‮ ‬هل هناك علاقة بين مخالفات إدارية وتحويل المدارس إلي‮ ‬نوع آخر مختلف بالمخالفة للقانون والدستور وتغيير مسمياتها؟ هب أن لديك مريضاً‮ ‬هل المطلوب قتله أم تقديم العلاج والرعاية له؟ الذي‮ ‬تم هو سياسة قتل المريض وليس علاجه؟ ما ذنب الطلاب وأولياء الأمور والمجتمع والنظام التعليمي‮ ‬برمته ووجود مخالفات؟ أعتقد لا توجد علاقة منطقية،‮ ‬ولكن النية ليست هكذا‮.‬

إن هناك نية وتوجه وقصد نحو تأميم ومصادرة والاستيلاء علي‮ ‬تلك المدارس والشواهد الدالة علي‮ ‬ذلك أن السيد الوزير حينما قام بحل مجالس الإدارات وهذا حقه في‮ ‬حالة ثبوت المخالفات المزعومة من جهة التحقيق المحايدة،‮ ‬لم‮ ‬يقم بتعيين مجلس إدارة مؤقت لإزالة المخالفات،‮ ‬ولكن كلف مدير مديرية التربية والتعليم بالمحافظة بالقيام بأعمال مجلس الإدارة ومدير مديرية التربية والتعليم بحكم نصوص القانون رقم‮ (‬1‮) ‬لسنة‮ ‬1990‮ ‬هو المشرف والمراقب علي‮ ‬تلك المجالس والمدرسة‮.‬

والسؤال‮: ‬كيف‮ ‬يقوم المراقب والمشرف بالإدارة،‮ ‬من الذي‮ ‬سيراقبه؟ هل سيراقب نفسه؟ تلك البداية الحقيقية للسيطرة وتأميم تلك المدارس،‮ ‬وهذا ما تم في‮ ‬حل مجلس إدارة الجمعية العامة

للمعاهد القومية بالقاهرة،‮ (‬والذي‮ ‬يتكون مجلس إدارتها من‮ ‬15‮ ‬عضواً‮ ‬منهم سبعة‮ ‬يعينهم وزير التربية والتعليم وهم‮ ‬2‮ ‬وكلاء وزارة ومساعد الوزير ومدير هيئة الأبنية التعليمية ونقيب المعلمين إلي‮ ‬جانب نائب رئيس جامعة حلوان والأستاذ مصطفي‮ ‬ثابت عضو مجلس الشوري‮ ‬إلي‮ ‬جانب رئيس المجلس‮)‬،‮ ‬ومدرسة السيد محمد كريم بالإسكندرية وكلية النصر للبنات‮ ‬E.G.C‮ ‬ومدارس الليسيه بالإسكندرية ومدرسة جمال عبدالناصر القومية ومدرسة‮ ‬6‮ ‬أكتوبر بالقاهرة‮.‬

إن القانون رقم‮ (‬1‮) ‬لسنة‮ ‬1990‮ ‬في‮ ‬المادة‮ (‬9‮) ‬ينص علي‮: ‬تخضع الجمعيات التعاونية التعليمية والجمعيات المشتركة والجمعية العامة والمدارس التابعة لها للإشراف المباشر لوزارة التربية والتعليم،‮ ‬ويكون وزير التعليم هو الوزير المختص بالنسبة لها،‮ ‬وتلك المادة توضح أن ولاية وزارة التربية والتعليم تنحصر في‮ ‬الإشراف علي‮ ‬الجمعيات والمدارس،‮ ‬وذلك أمر طبيعي،‮ ‬والسؤال‮: ‬أين كانت الوزارة وأجهزتها أثناء وقوع المخالفات في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬يقوم التوجيه المالي‮ ‬والإداري‮ ‬بالإدارة التعليمية بالمتابعة والمراقبة وتحديد المصروفات الدراسية وكل ما‮ ‬يتعلق بالعملية التعليمية،‮ ‬أين كانت الوزارة أثناء ارتكاب المخالفات إن وجدت أصلاً‮.‬

تأتي‮ ‬بعد ذلك حجة السيد الوزير من أن الوزارة قامت عام‮ ‬1973‮ ‬بشراء تلك المدارس،‮ ‬والسؤال‮: ‬أين كانت الوزارة منذ عام‮ ‬1973،‮ ‬ولمدة‮ ‬37‮ ‬عاماً؟‮! ‬هل لم تكن تعرف أن لديها‮ ‬39‮ ‬جمعية تعاونية ومدارسها؟ وهل الوزارة وكل وزراء التربية والتعليم الذين أداروها خلال‮ ‬37‮ ‬عاماً‮ ‬لم تكن الحقيقة معروفة لديهم؟‮! ‬وإذا كانت معروفة لديهم،‮ ‬فكيف صدر القانون رقم‮ (‬1‮) ‬لسنة‮ ‬1990‮ ‬والذي‮ ‬نظم عمل تلك الجمعيات ومدارسها‮ ‬39‮ ‬مدرسة،‮ ‬وحدد دور الوزارة في‮ ‬الإشراف الفني‮ ‬والمالي‮ ‬والإداري؟ إنه بصدور القانون رقم‮ (‬1‮) ‬لسنة‮ ‬1990‮ ‬والصادر من السلطة التشريعية‮ (‬مجلس الشعب ورئيس الجمهورية‮) ‬قد حسم الأمر في‮ ‬إدارة وملكية تلك الجمعيات ومدارسها بدليل أن تلك الجمعيات تمارس عملها ونشاطها وتتوسع في‮ ‬المدارس وتفتح برامج الدبلومة الأمريكية وIG‮ ‬الإنجليزية بموافقة الوزارة وتحت إشرافها إنها حجة الهدف من ورائها التذرع بتأميم ومصادرة تلك الجمعيات ومدارسها‮.‬

إن الذي‮ ‬أنقذ الطلاب وأولياء الأمور هو الحكم التاريخي لمحكمة القضاء الإداري‮ ‬بالإسكندرية والذي‮ ‬صدر‮ ‬يوم‮ ‬2010‭/‬12‭/‬30‮ ‬في‮ ‬القضية التي‮ ‬أقامها أكثر من‮ ‬312‮ ‬ولي‮ ‬أمر،‮ ‬ناهيك عن قضايا أخري‮ ‬مازالت مرفوعة،‮ ‬ولقد أكد الحكم‮: »‬بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما‮ ‬يترتب علي‮ ‬ذلك من آثار،‮ ‬وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان‮«.‬

هذا هو منطوق الحكم،‮ ‬ولو نظرنا إلي‮ ‬حيثياته نكتشف أن الحيثيات أكدت أيضاً‮: ‬أن البادي من مطالعة تلك المخالفات فإنها ليست علي‮ ‬قدر من الجسامة علي‮ ‬نحو‮ ‬يبرر للوزير سلطة حل وتصفية الجمعية التعاونية لمدرسة النصر للبنات‮ ‬E.G.C‮ ‬بالإسكندرية وتحويلها إلي‮ ‬مدرسة تجريبية متميزة أي‮ ‬إعدام الشخصية القانونية‮ - ‬لاسيما أن له سلطة إشرافية ورقابية سابقة علي‮ ‬تصرفات مجلس الإدارة بمقتضي‮ ‬القانون علي‮ ‬نحو ما سلف بيانه‮ - ‬تخوله حق إلغاء أي قرار‮ ‬يصدر عن الجمعية بالمخالفة لأحكام القانون‮.‬

لقد تهاوت الحجة أمام حكم المحكمة الإدارية،‮ ‬وستتهاوي‮ ‬أيضاً‮ ‬أمام القضايا الأخري‮ ‬المرفوعة،‮ ‬إن وجود مخالفات أيا كان نوعها لا‮ ‬يجيز للوزير حل المجلس أو الجمعية،‮ ‬إن النية في‮ ‬التأميم بدأت حينما حل الوزير مجالس الإدارات وأطلق‮ ‬يد مدير المديرية التعليمية بالمدارس بالاستيلاء علي‮ ‬مواردها المالية وذلك بعد إبعاد مجلس الإدارة،‮ ‬يقوم السيد الوزير بحل الجمعية التعاونية التعليمية دون سند من القانون،‮ ‬وذلك لأن مبررات وأسباب الحل واردة بالتفصيل الدقيق والمحكم في‮ ‬القانون رقم‮ (‬1‮) ‬لسنة‮ ‬1990‮ ‬في‮ ‬المادة‮ (‬33‮) ‬من الفقرة‮ (‬أ‮) ‬إلي‮ ‬الفقرة‮ (‬ز‮)‬،‮ ‬ولا‮ ‬يوجد من تلك الأسباب ما‮ ‬يستدعي‮ ‬حل المجلس أو الجمعية،‮ ‬لكن الحل كان الطريق الأيسر للتأميم والمصادرة،‮ ‬وكان القرار متخذاً‮ ‬مسبقاً‮ ‬ولم‮ ‬يبق إلا التبرير،‮ ‬وهذا ما حدث‮.‬

والمدهش في‮ ‬الأمر أن الحكومة المصرية قامت بتأميم تلك المدارس من الجاليات الأجنبية‮ - ‬الإنجليزية والفرنسية تحديداً‮ - ‬لصالح أبناء الشعب المصري،‮ ‬والآن الحكومة تقوم بمصادرة وتأميم تلك المدارس التعاونية من الشعب إلي‮ ‬الحكومة‮!! ‬وتلك هي‮ ‬المفارقة الكبري‮. ‬ولو انسقنا وراء منطق السيد الوزير بأن المدارس ملك الوزارة منذ‮ ‬37‮ ‬عاماً،‮ ‬فالأولي أن تلك المدارس ملك الجاليات الأجنبية التي‮ ‬اشترت الأرض وأقامت المباني‮ ‬وشيدت تلك المدارس لتعليم أبنائها،‮ ‬والسؤال هل‮ ‬يحق لتلك الجاليات الآن وبعد مرور نصف قرن أن تطالب بمدارسها لأنها لم تقم ببيعها إلي‮ ‬الدولة المصرية؟‮!‬

إن الأمر واضح وجلي‮ ‬وهو تأميم ومصادرة ذلك النوع من التعليم التعاوني‮ ‬الخاص لصالح التعليم التجريبي‮ ‬المميز‮ (‬المستقبل‮) ‬والسؤال الآن إن مصاريف التعليم التجريبي‮ ‬حوالي‮ ‬ألف جنيه ومصاريف تلك المدارس حوالي‮ ‬أربعة آلاف جنيه،‮ ‬وهنا هل سيتم خفض مصاريفها إلي‮ ‬الألف،‮ ‬أم رفع الألف إلي‮ ‬أربعة آلاف ويصبح ذلك مدخلاً‮ ‬ومبرراً‮ ‬لرفع مصروفات التعليم التجريبي‮ ‬حتي‮ ‬يكون في‮ ‬مستوي‮ ‬واحد تحقيقاً‮ ‬للعدالة والمساواة؟‮! ‬وسيظل سؤال‮ (‬مدارس المستقبل‮) ‬وارداً‮ ‬ومشروعاً،‮ ‬ما الحكمة في‮ ‬هذا الاسم،‮ ‬ومن الذي‮ ‬اختاره وما معايير ذلك الاختيار؟‮! ‬ألم‮ ‬يكن من الأجدر سؤال الأطراف المعنية،‮ ‬المستفيدين عن الاسم،‮ ‬وعن تغير المسمي‮ ‬للنظام التعليمي،‮ ‬أليس الطلاب وأولياء الأمور أصحاب المصلحة الحقيقية؟ أين الاعتبارات التي‮ ‬وضعت لكي‮ ‬نحقق مبدأ حرية اختيار التعليم الذي‮ ‬نريده،‮ ‬إن المواطن هو صاحب الحق في‮ ‬أن‮ ‬يختار ولا‮ ‬يفرض عليه اختيارات الآخرين‮.‬