رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الأزمة المالية العالمية ... المسببات لازالت كامنة


اصبح السؤال العالمي الان هل سيكون هناك ازمة مالية عالمية قريبا ؟ و هل نستطيع تفادي مسبباتها الكامنة ؟

في العادة حين تصيب صدمة قوية النظام المالي فانها تحبط الشهية على المخاطر لفترة طويلة بعض الشيء. فالاقتصادات بحاجة الى أن تتعافى من عثرتها، وأن يعاد بناء رؤوس أموال البنوك على نحو جوهري وأساسي وأن يصار الى حل مشاكل الديون وسدادها، وهو أمر ربما يحتاج الى 10 سنوات أو أكثر، وأن تصل الاقتصادات الى مرحلة متقدمة جدا قبل أن تنبعث المتاعب من جديد.
ومع ذلك، فاذا كانت المكونات الأساسية للأزمة المالية تتمثل في التفاؤل الذي لا حدود له والافراط في الاستدانة والأصول المتضخمة في أسعارها، فاننا بهذا نكون دخلنا بالفعل في منطقة خطرة في أقل من ثلاث سنوات على انهيار «ليمان براذرز».

فلننظر الى وضع أسواق الأصول. فالسلع لا تزال متضخمة الأسعار على الرغم من النكسة التي تعرضت لها الفضة أخيرا وانتشرت تباعا لتشمل الأسواق الأخرى. كما تبدو الأسعار في أسواق الدين لحكومات الدول المتقدمة مرتفعة بدرجة كبيرة وعلى نحو خطير في ضوء الاستجابة البطيئة لتصاعد العجز المالي في الولايات المتحدة وغيرها من الدول. ورغم انهيار أسعار المساكن في الولايات المتحدة، تبدو نظيرتها في بريطانيا مرتفعة للغاية مقارنة بالعائدات.
وعلى صعيد الأسهم، نشهد فقاعة انترنت جديدة في ما يتعلق بأسهم شركات، مثل فيسبوك ولينكد - إن ورينرن، التي يتم تداولها بمضاعفات غير منطقية من العائدات. وبالنسبة الى أسواق الائتمان، تشهد معايير الاقراض تراجعا بينما عادت عمليات الاقراض بالاتفاقيات التي لا تتضمن الشروط الحمائية المعتادة.
كل هذا من صنع يد البنوك المركزية للبلدان المتقدمة الى حد كبير، التي تهدد سياساتها النقدية في الاستجابة على الأزمة الأخيرة بزرع بذور أزمة جديدة - تماما - مثلما فعلت سياسة المجلس الاحتياطي الفدرالي في الولايات المتحدة في أعقاب انفجار فقاعة الدوت كوم. وفي غضون ذلك، تبقى البنوك في وضع هش. وفي حين تم تحقيق تقدم متواضع في خفض المديونيات، الا أن نظام رأس المال الذي يقترحه «بازل 3» يبدو غير كاف ولا مناسب بالنسبة الى أي جهة كانت غير ذلك الذي يعتريه تفاؤل لا محدود.
ولا تزال بلدان العالم المتقدم مشلولة بالديون التي تثقل كاهلها ولم يكن ردها على أزمة الديون السيادية الأوروبية سوى حالة من التخبط. فصانعو السياسة يقدمون حلا للسيولة لمشكلة تتعلق بالملاءة المالية والقدرة على الايفاء بسداد جميع الديون. واستمر صانعو السياسات في تقديم الحلول نفسها، وميّز انعدام الواقعية تعاطيهم مع المراحل المتعاقبة لهذه الكارثة المالية، الذي بلغ ذروته في الانكار المناف للعقل في الاجتماع الأخير لوزراء المالية في لوكسمبرغ.
الرد التنظيمي غير الكافي ولا المناسب على الأزمة الأخيرة لا يقل هو الآخر اثارة للدهشة عن سابقه. فأي محاولة لتقييم وضع جهود الاصلاح ينبغي أن تبدأ من النقطة التي يجري عندها تحميل حصة غير متناسبة من العبء من قبل زيادة في نسبة رأس المال. وفي حين أن الزيادة في رأس المال أمر مرغوب فيه، الا أن مساوئها تتمثل في منح البنوك حافزا اضافيا لازاحة الأنشطة والأعمال خارج الميزانية العمومية. وبينما تسعى بريطانيا الى أن تكون أكثر تشددا في محاولة تقييد عمليات التجزئة المصرفية، فإن الخشية ألا يتمكن السياسيون

من مقاومة اغراء انقاذ الأذرع المصرفية الاستثمارية للبنوك الشاملة التي تواجه المشاكل.
وفي الولايات المتحدة الأميركية، يبدو أن الجمهوريين عاقدو العزم على تفكيك وحل قانون دود - فرانك وضمان أن تجرد هيئة البورصات والأوراق المالية وهيئة تداول العقود الآجلة للسلع من الموارد لتنفيذ واجباتهما وفق التشريعات الجديدة. كما أن الضغط القوي والشديد من قبل البنوك الاستثمارية يعمل على تآكل الفحوى والقوة الدافعة لقانون فولكر، الذي يفترض به ان يضع حدا ويوقف المقامرة في حساباتها الخاصة.
ولعل الخشية الكبرى تتعلق بالتركيز المتنامي للأعمال المصرفية الاستثمارية والشاملة بين عدد قليل من المؤسسات المالية ذات الأهمية النظامية والشاملة على النظام المالي العالمي، بما فيها تلك التي تهيمن على أعمال المشتقات الغامضة وغير الشفافة، التي ينطوي جزء كبير من أعمالها على مشتقات سامة للغاية. وتعتبر التحركات الماضية بشأن تنفيذ مزيد من هذه الأعمال من خلال نظير مركزي أمر منطقي. بيد أنه وكما أشار بيتر نيومان في كتابه الجديد حول موضوع ضبط المخاطر، فان وضع نظير مركزي في دور في الواجهة لاستيعاب المخاطر النظامية يثير تساؤلات بشأن ما الذي سيحدث لو أن هذه الجهات النظيرة المركزية نفسها أخفقت.
ويقتبس نيومان عن باتريك بيرسون، رئيس وحدة البنية التحتية لأسواق المالية في مفوضية الاتحاد الأوروبي، قوله ان فشل سوق المقاصة يمكن أن يطلق العنان «لمعركة مالية فاصلة». وبالتالي، فان مشكلة أكبر من أن يسقط قد تتصاعد الى مستوى أكبر. وفي الوقت ذاته، فان محاولة تأسيس آلية تفكيك وحل تسمح باغلاق عمليات بنك على أساس عابر للحدود سوف تبقى على الأرجح مستعصية.
والمفارقة في كل ذلك هو أنه في حين أن الاصلاحات لا ترقى الى برنامج متماسك، الا أنه تم تغيير الكثير من هيكل تنظيم العمل المصرفي دفعة واحدة لدرجة أن المخاطر في التنفيذ تبقى كبيرة.
ومن المستحيل - بالطبع - التنبؤ بتوقيت وقوع أزمة مالية أو شرارتها. ومع ذلك، فانه من المقلق أن يكون هناك الكثير من نقاط الضعف الواضحة في النظام، بيد أنه لم يبق في جعبة خزانة السياسة النقدية والمالية سوى القليل جدا الذي يمكن بواسطته معالجة عاصفة مالية أخرى.