رحلة العذاب .. برعاية سكك حديد مصر
إذا قررت السفر لصعيد مصر لقضاء إجازة العيد مع الأهل مستقلاً قطار فعليك التزود بعدة اشياء ضرورية لتعينك على الوصول بسلام إلى حيث تبغي ..جهز أرقام المسئولين بالسكة الحديد أو بوزارة النقل بحيث تجدهم في مقدمة الأرقام بهاتفك حال الحاجة إليهم ..
يستحن أن تكون مزود بأي وسيلة للدفاع عن النفس حال تعرض القطار لعملية سطو او بلطجة ... اجعل امتعتك قريبة منك قدر المستطاع حتي لا تتعرض للسرقة...تزود بكل ما تحاجته من طعام وشراب حتي لا تضطر للنزول بالمحطات لشراء احتياجاتك فمن الممكن أن تعود لتجد امتعتك سرقت أو حدث سطو على الكرسي الخاص بك.. وتفاجئ بأن من قام بالسطو يمتلك شرعية الجلوس على الكرسي"تذكرة بنفس رقم القطار ورقم الكرسي ".. في تك اللحظة لا تندهش لأن هذه حقيقة .. قد تضحك وتتوقع أن هذه مزحة أو برنامج مقالب برعاية سكك حديد مصر في إطار الترفية على المصريين في أيام العيد وتسأل فين رامز ولا فؤش تلاقي الكمساري في وشك!!! .
هذا ما حدث لي عندما قررت السفر إلى سوهاج لقضاء إجازة العيد مع العائلة ..وكالعادة أقوم بحجز التذاكر من قبل ميعاد السفر بـ10 أيام علي الأقل وعادة تكون بواسطة كبيرة الهيئة ...
وجاء عيد الأضحي هذا العام بمذاق خاص ..فقد قررت خوض تجربة حجز تذكرة السفر من أحد شبابيك المحطة كأي مواطن عادي لاكتشف ان الحصول على تذكرة الهرويين اسهل فى الحصول عليها أكثر من تذكرة الوجه القبلي خلال أيام العيد.
توجهت الى المحطة كأي مواطن عادي، وكان الحوار التالي..."باشا لو سمحت تذكرة سوهاج يوم الوقفة ...مسئول الحجز: جاي تهزر يا بيه تذكرة ايه دي مفيش خلصنا من زمان ...يا بيه تذكرة واحدة وعندي ظروف ..بقلك مفيش يا استاذ اجبلك منين اخترع ....قلت مفيش فايدة .. نطلع السلاح قالي بتقول ايه سلاح؟ وضعت يدي في جيبي ونظراته تترقبني خشية من المفاجأة واذا بـ"كارنية نقابة الصحفيين" يا بيه انا بقلك عاوز تذاكر ... وفجأة يتغير لون وجه مسئول الحجز .. مش كنت تقول يا استاذ لف وتعالي المكتب وانا هتصرف.. وبخطوات ثابتة نحو مدير مكتب الحجز اسير وعلي المدخل بمجرد رفعى للكارنيه شرطة او جيش او صحافة يعدي واللي معاه توصية أو معاه كارت حد مسئول برضو يعدي.. مواطن عادي يا بيه من الشباك مش فاهم من الشباك وكمان مفيش تذاكر خلصت خلصت...تمتمت بعبارات تحمل توبيخ في نفسي لهذا الشخص ونظر الي وكأنه سمعني ولكن الكارنيه لا يزال في جيبي تذكرت في تلك اللحظة جزء من فليم عسل أسود لاحمد حلمي عندما وقف أمام احد رجال الشرطة رافعاً الباسبور الأمريكي مرددا أنا امريكاني محدش يقدر يكلمني ولا يلمسني .. انا بقي صحفي ومحتاج تذاكر يا استاذ .. يرد مسئول مكتب الحجر رايح فين يا باشا .. سوهاج قطار كذا.. يا ..... تذكرة نص صحافة للبيه سوهاج القطار المطلوب .. ارد مسرعا بلاش نص خليها كاملة اقتصاد البلد واقع ومش مستحمل وكله علشان مصر مش هتفرق معايا .. ولحظات وأخدت التذكرة وانطلقت مسرعا.. اهرب من نظرات المواطن البسيط الذي فشل في الحصول على تذكرة لقضاء العيد مع أهله ...
وفي يوم السفر توجهت لمحطة القطار قبل الميعاد بساعة أو أكثر .. فقد يأتي القطار قبل ميعاده ويرحل ..لا مشكلة في ذلك .. وبالفعل وصل القطار1902 مكيف للمحطة قبل ميعاده بـ40 دقيقة ركبت القطار بصحبة بعض الزملاء وجلست علي الكرسي لم تمر دقائق الا ويأتي 4 أشخاص محملين بالأمتعة وتسمع صوت يوجه إليك.."بعد اذنك الكراسي دي بتاعتنا إحنا حاجزين يا باشا"..
اتذكر جيداً رحلة سفري بالقطار العام الماضي عندما توقف القطار في منطقة مجهولة عقب مغادرته محطة الجيزة بشكل مفاجئ بعد شد فرامل الطوارئ من قبل شابين في العشرينات.. توقف القطار بشكل مفاجئ في منطقة مظلمة ليس بها أي مظاهر للحياة لا نور ولا منازل لا سيارات لا يوجد سوي زراعات ومجري مائي..تمر دقائق ونسمع أن هناك عملية سطو مسلح علي اخر عربة بالقطار ..والجميع يردد بصوت واحد"يا رجالة اللي معاه سلاح يطلعه علشان نحمي العربية لو البلطجية دول وصول للعربية ..من حسن الحظ أن هناك عدة أشخاص بالعربة كانوا مسلحين، وأكدوا تصديهم لأي محاولة من البلطجية لاقتحام العربة.. وسط غياب أمني لشرطة النقل المرافقة للقطار ..مرت ساعة ووصلت معلومات أن البلطجية قاموا بطعن شاب والاستيلاء على مبلغ مالي كبير منه عقب رفضه تسلميه لهم ..وفروا هاربين تحت حماية السلاح الأبيض والخرطوش...في تلك اللحظات تم إبلاغ مسئول القطار والذي قام بإيقاف القطار بأقرب محطة لنقل الشاب للمستشفي ولتوفير قوة أمنية مرافقة للقطار بعد مشادات بين الركاب والكمسارية لعدم وجود تأمينات..
هذه الوقائع مجرد صفحة من صفحات رحلات العذاب للسفر الى الصعيد فى الاعياد برعاية سكك حديد مصر.