رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صناعة القرار بمؤسسة الرئاسة

احتكار القرار من قبل فرد أو مجموعة ظاهرة متفشية في أغلب بلدان العالم الثالث، تمسك به الضعفاء ومارسه أصحاب النفوس المريضة والمستبدة اعتماداً على ما يحملون من أعذار وحجج واهية وعقيمة تدور حول مؤامرات داخلية وخارجية ومخططات لإسقاط الدولة.

هؤلاء سمحوا لأنفسهم بتخطي وخرق القوانين لتحقيق أهداف عامة من وجهة نظرهم بعيدة كل البعد عن المطالبات الشعبية، ولم يتركوا لغيرهم إلا الشكليات والهامشيات، رغبة في الاستحواذ علي السلطة والنتيجة أنهم اضروا بأنفسهم قبل غيرهم، فأجسامهم مريضة، وأعمارهم قصيرة، ودولهم ضعيفة وهكذا المرض يسري إلى كل هياكل الدولة ومؤسساتها المختلفة، ولا فرق بين أن يكون المحتكر فرداً أو حزباً أو دائرة معينة من دوائر الدولة.
ما زال الغموض ونقص المعلومات هو المسيطر على الكثير من القرارات الهامة والمصيرية التي اتخذها الرئيس محمد مرسي منذ توليه الحكم في 30 يونيه، والتي عصفت بالساحة المصرية خلال الخمسة شهور مدة حكمه حتي الآن.
مَن يحاول دراسة عملية صنع القرار داخل مؤسسة الرئاسة  سيخفي عليه بعض الحلقات المعقدة والمراحل المظلمة التي مر بها القرار وخلفياته وابعاده الحقيقة وكواليس بذوغه وظهوره علي الساحة وإعلانه.
لا شك أن دائرة صنع القرارداخل مؤسسة الرئاسة برزت محورية دور رئيس الدولة أيا كانت طبيعة النظام السياسي السائد ‏غير أن محورية دور الرئيس لم يعد المنبع الرئيسي لأي قرار يتخذ دون الإشارة إلى تأثيرات بعض الأطراف الأخري‏ القريبة والمحيطة به والاطراف التي لها تأثير عليه كالمنتمين إلى فكره ومنهجه وحزبه.
داخل مؤسسة الرئاسة تتكون دائرة اتخاذ القرار شكليًا من 26 شخصًا يأتي في مقدمة الهرم الرئيس محمد مرسي وفي أطرافه و4 مساعدين و 17 مستشارًا إضافة إلى مستشارين عسكريين ومستشار اقتصادي والمتحدث الرسمي باسم الرئاسة، إضافة إلي عدد من المستشارين المتمركزين وراء الستار والذين يعملون في الخفاء والذي اعتمد عليهم الرئيس في اتخاذ قراراته قبل اختيار فريقه الرئاسي.
منذ تولي الرئيس الحكم وهو يخشي رد الفعل الشعبي لأي قرار يتخذه مع التأكيد على الأهمية الخاصة للرئيس مرسي في القرار خلال لقائه بمستشاريه قد يقتصر دور المستشارين علي إبداء الرأي وقد يتخذ الرئيس قراراً مخالفاً لما أبدي به المستشارون فإن عملية صنع القرار تتعدد أطرافه وتتنوع طبقا لطبيعة القرار ومجاله.
ولكن طبيعة القرارات التي اتخذها الرئيس مؤخرًا بداية من الاعلان الدستوري الصادر في 22 نوفمبر والذي حصن فيه الرئيس قراراته والجمعية التأسيسية ومجلس الشوري وأقال النائب العام وقراره برفع الضرائب علي عدد من السلع أظهر طبيعة الآلية التي يعتمد عليها الرئيس محمد مرسي في اتخاذ قراراته

بعيدًا كل البعد عن هيئته الاستشارية ومساعديه ونائبه، والذي خرج نائبه عقب إصدار الإعلان ليعلن أنه فوجئ بالإعلان الدستوري مثل أي مواطن عادي كما تنصل عن علمه بالإعلان وجميع هيئته الاستشارية والذين بادروا بتقديم استقالتهم رفضًا للإعلان، وكذلك إبداء وزير العدل أحمد مكي عدم علمه بالإعلان.
كل هذا وذلك يدفع للبحث حول متخذي القرار داخل مؤسسة الرئاسة، والذي أصبح الجندي المجهول، وتثير تساؤلات حول انفراد الرئيس مرسي بالقرارات وتثير تخوفات حول تأكيد أن   الرئيس يحكم وكأنه تولى حكم مصر قبل ثورة 25يناير أو أن الثورة قامت لاستبدال شخص الرئيس بآخر يمارس نفس السياسات في انفراده بالقرار في وجود هيئة استشارية شكلية وهو ما لا يمكن أن يتقبله الشعب المصري؛ لأن الثورة قامت لتتغير طريقة التعامل بين مؤسسة الرئاسة والشعب.

الوقت هو العمود الفقري الذي يقوم عليه اتخاذ القرار وإصداره داخل مؤسسة الرئاسة مع ملاحظة أن الوقت يحل كثيراً من المشاكل فالصبر والتأني مطلوبان في كثير من الأحيان والاندفاع والسرعة لازمان في أوقات اخرى.
الرئيس مرسي أظهر للجميع افتقاده لآلية اختيار الوقت المناسب في اتخاذ قراراته، ولعل ما أظهر ذلك قراره الأخير برفع الضرائب بتعديل القانون رقم 11 لسنة 91، بشأن تعديل بعض أحكام قانون الضريبية العامة على المبيعات في ظل ارتفاع نسبة الفقر ومعاناة الشعب من الوضع الاقتصادي المتردي وحالة الركود العامة والغضب الشعبي العام، والذي يعم الشارع المصري عقب إصدار الإعلان الدستوري وأحداث الاتحادية، والتي راح ضحيتها 9 قتلي أصدر الرئيس قراره ضاربًا عرض الحائط ومتجاهلا الوضع العام للمصريين وحالة الغضب الشعبي والسخط، مما يحذر من صدور قرارات في أوقات غير مناسبة قد تدفع البلاد ثمنها كثيرًا.