رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الشعب يريد "ميكافيللي" جديد

استفاضت الادبيات السياسية العربية في التعرض لميكافيللي بالنقد والهجوم ووصفه بصفات الانتهازية والفساد والافساد السياسي والاخلاقي ..واتهامه بالتأسيس لدولة الظلم والديكتاتورية .

والغريب ان الكتاب الذي كتبه الايطالي ميكافيللي في منتصف القرن السادس عشر الميلادي لم يكن ليضيف كثيرا الي تراثنا السياسي العربي من مباديئ الديكتاتورية التي ارساها الحكام والخلفاء العرب قبل ان يدون بنودها ميكافيللي في كتابه بأكثر من سبعة قرون تقريبا .
فتحن العرب اول من استغل الدين لنمكر به في السياسه في واقعة رفع المصاحف بادعاء الاحتكام اليها ابان احداث الفتنة الكبري والتي ما زلنا نعاني اثارها حتي اليوم وانتجت دماء وانقسامات واحدثت شروخا في عصب الاسلام ربما لم تكن لتحدث لولا اقحامنا للدين في معترك السياسه .
استخدم الخلفاء العرب الدين دائما لاهدافهم السياسية حتي ولو أدي حفاظهم علي كراسي الحكم التعرض لبيت الله الحرام بالضرب والهدم وترويع الامنين فيه وحوله وقتلهم وقتل الصحابة المحتمين به .
هو ما فعله عبدالملك ابن مروان عندما استخدم قائد جنده الحجاج في هدم بيت الله وقتل الزبير بن العوام وغيره من صحابة الرسول المحتمين في مكة بالبيت العتيق.
ربما لم يخطر ببال ميكافيللي ما فعله الحكام العرب بالدين واستخدامه أشر استخدام ولو فعلها لاعترفنا له بالسبق والنبوغ في مغالبة الحكام العرب الذين تفوقوا علي الشيطان وفازوا عليه .
ربما كان التراث الاوروبي بحاجة الي كاتب يرصد للحكام المستبدبن طرق ووسائل السيطرة والتحكم علي رعيتهم في حين كان لدينا نحن العرب كتابا يحتالون بالكتابة لارشاد حكامهم ووعظهم بالتي هي احسن وألطف ادبا ولو علي لسان الطيور والحيوانات كما حدث مع ابن المقفع في حكايات كليله ودمنه ..كي يكفوا انفسهم بطش حكام لم يعرفوا سوي المعاملة الباطشة للحفاظ علي كراسي حكمهم التي لم تكن لتستمع غالبا الا لرجع صدي بغيهم وظلمهم او رأي مستشاري السوء الذين يجملون لحكامهم كل السوء .
اغرب ما استوقفني رأي لميكافيللي وهو ينصح الحاكم المستبد بأن يحاول ان يختلق بين كل فترة وأخري احدي القضايا الخاصة بالفساد علي ان يكون الحاكم قادرا في نفس الوقت علي

القضاء عليها .. والغريب ان هذه النظرية الميكافيللية ما زالت تتم بنفس الطريقه في ظل انظمتنا العربية وبشكل واسع جدا .
الا ان سيناريوا الاخراج  غالبا ما يسبب لها بعض عثرات النجاح اثناء "احتفالات العرض" علي الجمهور وهو ما يؤدي الي استهجان طريقة الكتابة والتمثيل والاخراج  وتصبح القضية التي كان المقصود منها اشغال الراي العام ولفت نظره الي قضية معينة للالتفاف عليه وتمرير قضايا اخري تصبح عبئا جديدا تحتاج لسيناريو جديد للتخلص منها .
ربما لم يعد الساسة اللاعبون بنفس الكفاءة الاولي وربما لم يعد المحكومين المتفرجين بنفس البساطة العقلية التي كانت تجمل لهم حياتهم وهم  يرونها بعيون حاكميهم .
وربما تراكمات التجارب لدي الشعوب حفزت اجهزة مناعتها ضد فيروسات الرأي السيئة التي اعتادتها اجهزتهم و تشبعت بها علي مدي تجارب تاريخية طويلة فالعشرات منها تم كتابتها بنفس الاسلوب واخراجها بنفس الطريقه واختلفت فقط وجوه اللاعبين وظلت نفس القصة يتم اعادة صياغتها بنفس حبكتها القديمة حتي فقدت بريقها .
لم يعد "اللاعبون" بنفس ابداع سابقيهم ولم يعد "الملعوب عليهم " بنفس غباء سابقيهم فكلاهما بحاجة الي ميكافيللي عربي جديد كي يتمكن من تمرير ما يريده الساسه  الجدد خاصة ان التاريخ الجيني لدي الشعوب بدأ يستفيد من خبراته العسيره والمريره التي خاضها علي مدي الاف السنين ولم يعد مقبولا ان تستمر نفس اللعبة بنفس القوانين القديمة .
[email protected]