رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

دولة تحارب.. ومجتمع ينهار

نحن نعيش حالة انفلات اجتماعي وانحلال أخلاقي عارمة.. بينما تنشغل الدولة بحرب علي كل الجبهات ضد قوي الشر التي تحالفت ضدها، هذا هو اختصار المشهد المصري الحالى..

وهذا هو العنوان الرئيسي لما حدث أمس الأول أمام ستاد الدفاع الجوى.. لم يكن أزمة.. أو كارثة.. أو مذبحة. فكل هذه التصنيفات قد تبدو طارئة أو مؤقتة أو عارضة.. تزول مع الزمن.. ما حدث هو تجسيد فج وقبيح لمرض عضال أصاب جسد المجتمع المصرى كاملاً.. سرطان يحتاج علاجًا خاصًا علي جميع المستويات.. السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية والدينية.. والعائلية أيضا.. وهذا أمر بالغ الأهمية.. نحن باختصار دولة في حالة حرب فرضت عليها فرضًا.. ومجتمع مهدد بالانهيار إذا لم ينتبه الجميع لحقيقة ما يراد بهم.
إذا أردت أن تعرف السبب.. فتش عن العائلة.. الأسرة المفككة.. التعليم المنحط.. التجريف الثقافى.. انهيار القيم الأخلاقية والدينية.. سموم الإعلام الأصفر.. الغزو الفكري الخارجى.. فشل أجهزة الإدارة.. غباء المنظومة الأمنية.. فوضي استغلال تقنيات الاتصال المتطورة.. سوء توزيع الثروات وإهدار مبدأ العدالة الاجتماعية.. انتشار «الجهل المقنَّع» بين الفئات المتعلمة.. والأكثر تعليمًا.. توحش الأنظمة السياسية واستغلالها الشعب لتحقيق أطماعها الشخصية.. واحتكارها لمقاليد الحكم والسلطة.. وأضف إلي ذلك كله المخدرات.
لكل هذه الأسباب مجتمعة تنتشر البلطجة.. والتطرف الديني والفكري.. والهوس الجنسي والكروي والفني.. والشذوذ.. والاغتصاب.. والنهب.. والقتل.. والترويع.. والفحش.. والإلحاد..
لماذا يصر شباب علي البقاء في الشوارع منذ يناير 2011 حتي الآن.. في حالة ثورية وهمية غير واعية.. بينما يسيطر عليهم إيمان غير مبرر وغير منطقي بأنهم - وحدهم - أصحاب الحق في تولي زمام القيادة ومقاليد السلطة باعتبارهم «أصحاب الثورة» الحقيقيين؟ لماذا يرفضون العودة إلي العمل والهدوء ويرفضون كل ما هو «آخر»، بينما يجهلون أنهم غير قادرين علي تقديم النموذج البديل.. ولا يمتلكون امكانيات وآليات ما يريدون فرضه غصباً وعنوة علي المجتمع؟!
لماذا فشل «الإخوان المسلمون» وجماعات الإسلام السياسي المزعوم في تثبيت دعائم حكمهم عندما تولوا السلطة.. وأخفقوا في تقديم النموذج العملي لمفهوم «الدولة الاسلامية الرشيدة» الذين مازالوا -ورغم فشلهم - يتشدقون به.. ويرفعون من أجله رايات الجهاد.. ويزهقون تحت هذه الرايات الأرواح ويريقون الدماء ويستبيحون الأموال وينتهكون الأعراض.. وهم في حالة «تغييب تام» عن الواقع.. وإدمان مذهل لتعاطي الأفكار المضللة الكاذبة المغلوطة؟!
لماذا يترك شاب بيته وأسرته.. وينزل إلي شارع مستهدفاً مطعماً يحمل اسماً أجنبياً أو بنكاً أو أتوبيس نقل عام أو سيارة شرطة أو مدرعة جيش أو قطار سكة حديد أو مبني حكومياً ليفجره بقنبلة..

أو يفجر نفسه فيه ليموت متوهماً أنه يلقي الشهادة في سبيل الله والدين.. وأنه ذاهب بعمله هذا إلي الجنة.. حتي لو كان قد قتل أبرياء.. ودون أن يسأل نفسه: هل يجوز أو يعقل أن يكون هذا فعلاً هو الطريق إلي الله؟!
لماذا يهجر شاب أسرته وأهله وبيته.. ويخرج إلي سيناء حاملاً السلاح ليشهره.. ليس في وجه عدو يريد احتلال الأرض.. ولكن في وجه جيش بلده الذي قد يكون بين صفوفه أخوه أو أبوه أو أي فرد من أفراد أسرته.. يقتله بيده غير مبال بحرمة دم أو عرض أو مال؟!
لماذا يخرج شاب بسلاح ناري أو أبيض قاطعاً الطريق.. ومروعاً للآمنين.. ومغتصباً لحقوق الغير.. وناشراً الفساد والخراب.. دون أدني رادع أو وازع من دين أو أخلاق أو ضمير.. وقد يفقد حياته أو حريته ويقضي عمره كله في غياهب السجون.. ولا يشعر للحظة واحدة بخوف أو حسرة أو ندم علي ما اقترفت يداه من خطيئة وإجرام؟!
وأخيراً.. لماذا يخرج شاب من بيته.. بعلم أو بغير علم أسرته.. حاملاً علماً أو مرتدياً لباساً لناد رياضي أو فريق كرة.. ومخفياً بين طيات ملابسه مطواة أو جنزيراً أو خرطوشاً أو شمروخاً .. ويتوجه إلي ملعب رياضي عازماً علي أن يخوض حرباً دموية قد يفقد فيها حياته أو يتسبب في موت الآخرين.. متجاهلاً أو جاهلاً بفداحة الثمن الذي سيتكبده ويكبده غيره من وراء هذا العمل الطائش الغبي المجنون؟!
كل ذلك - كما سبق أن قلت - لأننا نعيش في مجتمع مريض بالانفلات والانحلال.. ولا يمكن أن يستمر الحال هكذا دون علاج.. وإلا فمصيرنا المحتوم هو الانهيار والفناء.. لا قدر الله.