رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أوقفوا نزيف دعم الخبز.. فوراً

العشوائية آفة لو أصابت دولة، جرت عليها الخراب، ومن علامات قوة الدولة.. أي دولة.. أن يكون لديها نظام إداري محكم يجنبها شرور ومخاطر العمل العشوائي الذي يهدر الطاقات والموارد، ويبدد كل جهود التنمية والإصلاح،

نظام يعتمد علي العمل المؤسسي والكوادر المتخصصة المتدربة والكفاءات القادرة علي التفكير العلمي المنهجي القائم علي الحسابات الدقيقة للمعطيات والنتائج، وللمدخلات والمخرجات، قبل الإقدام علي اتخاذ أي قرار.
تاريخياً.. دفع نظام الرئيس الراحل أنور السادات.. ودفعت مصر كلها معه ثمناً باهظاً لقرار كان يبدو ضرورياً وقتها، برفع الدعم عن عدد من السلع الأساسية وزيادة أسعارها.. لكن عشوائية اتخاذ هذا القرار دون هيئة كافية للرأي العام، كادت تشعل البلد.. بل انها كادت تفجر ثورة حقيقية، أدخلها الرئيس الراحل زوراً وبهتاناً في سجلات التاريخ باسم «انتفاضة الحرامية»، رغم انها كانت «ثورة خبز» بكل معاني الكلمة.
وبالأمس.. أثار قرار رفع الدعم عن البنزين والسولار الذي أعلنته الحكومة الحالية بصورة عشوائية أيضاً، غضباً جماهيرياً عارماً كاد يؤدي إلي ما لا يحمد عقباه، لولا ستر الله وحب الناس لرئيسهم المنتخب وثقتهم فيه، ووفاؤهم لعهدهم معه بتحمل المسئولية والصبر علي صعاب مرحلة الانتقال من الحالة الثورية إلي حالة تأسيس الدولة القوية المستقرة.
اختار الشعب صاغراً أن يتحمل مرارة دواء رفع الأسعار، ومرت العاصفة بسلام، بعد أن اقتنع بالأسباب التي ساقتها قيادة الدولة لإقدامها علي مثل هذا القرار الذي يوفر 240 مليون جنيه تتحملها الخزانة العامة يومياً «من لحم الحي» لدعم البنزين والسولار.
فرحنا بعودة الوعي إلي الشعب الذي أثبت انه بحق شعب بطل شجاع علي مستوي المسئولية.. لكن للأسف لم تكتمل الفرحة.. وإذا بنا في «الوفد» نكتشف مستنقعاً جديداً من مستنقعات العشوائية.. والفوضوية.. يمكن أن يهدر كل ما تحقق من انجاز.. قدمنا بالصورة وبالتسجيل المصور الحي دليلاً دامغاً علي الفشل الذريع لما يسمي منظومة توزيع الخبز المدعم ببطاقات التموين، وكيف تحولت هذه المنظومة ـ بسبب العشوائية أيضاً ـ إلي دجاجة تبيض ذهباً لمافيا الاتجار بالخبز المدعم، بسبب خلل فني ساذج يسمح باستخدام البطاقة بشكل عشوائي يجني من ورائه أباطرة المخابز 29 قرشاً عن كل رغيف خبز يبيعونه بطريقة وهمية، بما يؤدي إلي تحويل ملايين الدعم إلي خزائنهم دون رقيب أو حسيب.. وقدم الزميل سامي الطراوي محرر التحقيق «القنبلة» نموذجاً خطيراً لمخبز واحد في إحدي مدن القناة يستطيع عن طريق هذا الخلل تحقيق.. أو سرقة مكسب يومي حرام يقدر

بنحو نصف مليون جنيه.. ليس من الهواء، بل من خزائن الدولة!!
ولك أن تتصور.. كم مخبز علي مستوي الجمهورية حتي الآن تطبق عليه منظومة الخبز؟ القاهرة وحدها يوجد بها أكثر من 1800 مخبز، ومدن القناة 400 مخبز تقريباً، والإسكندرية نحو 230 مخبزاً كمرحلة أولي.. بإجمالي أكثر من 2500 مخبز فلو تصورنا أن نصف هذه المخابز لا تتلاعب بماكينات صرف الدعم، فإن ذلك يعني أن هناك أكثر من ألف مخبز يسرق كل منها نصف مليون جنيه يومياً، أي بإجمالي 500 مليون جنيه يومياً تقريباً.. أي ضعف المبلغ الذي تم توفيره من دعم البنزين والسولار.. أليست هذه مصيبة؟!
حاولنا بالأمس الحصول علي أي رد.. أو حتي تكذيب.. من أي جهة رسمية علي هذه المعلومات التي كشفناها.. لكن كالعادة ـ وللأسف ـ الوزارة دخلت المغارة.. ولم نتلق إلا عبارات مطاطية.. مثل سوف ندرس.. سوف نري.. سوف نجمع معلومات.. إلخ!!
صورة أخري لعشوائية التنفيذ.. وعشوائية رد الفعل.. فهؤلاء الذين تكاسلوا أو غفلوا بالأمس عن دراسة احتمالات وجود ثغرات أو عيوب في منظومة دعم الخبز الجديدة قبل أن تدخل حيز التنفيذ.. لم يكلفوا أنفسهم اليوم عناء اتخاذ قرار عاجل بوقف تفعيل هذه المنظومة وإجراء مراجعة عاجلة لها وللتعاملات التي تمت وللمبالغ التي صرفت وفقاً لها، حتي يتوقف هذا النزيف والسرقة المقننة من خزائن الدولة!!
وهذا هو تحديداً ما نطالب به المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء.. ولا نعتقد أنه سيتأخر ساعة واحدة عن التدخل الحاسم والسريع لتدارك هذا الأمر الخطير.
يا سيادة رئيس الوزراء.. أوقفوا منظومة دعم الخبز الجديدة فوراً، حفاظاً علي أموالنا وأموال الوطن.