عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«السيسى» لن يبتلع طُعم هزيمة «عبدالناصر»


ما فعله الإعلامى توفيق عكاشة مساء أمس الأول فى ميدان العباسية، لا يجب أن يمر مرور الكرام.. لا يمكننا تصور أن «عكاشة» جمع هذا الجمع غير القليل، وخرج فى مظاهرة انتهت بمؤتمر حاشد فى قلب الميدان ليعلن ما أعلنه، دون أن يكون هناك «داعم قوى» له.. وليس خفياً علينا أنه بالفعل يلقى استحساناً وإطراء من جهات «مهمة» فى البلد.. وأن هذه الجهات تستخدمه أحياناً فى «مهام توجيه» خاصة لخلق رأى عام مساند لتوجهات محددة.

الخطير فى الأمر هو الهدف الذى ظهر من أجله «عكاشة وفرقته» فى الميدان من جديد، داعياً إلى حل الأحزاب السياسية، ومهدداً بالاعتصام أمام «قصر الاتحادية» من أجل هذا الهدف، ومطالباً ـ وياللعجب ـ بتوحيد الأحزاب المصرية تحت مظلة حزب واحد يقوده المشير عبدالفتاح السيسى المرشح لرئاسة الجمهورية، لماذا؟! لأن القرار ـ من وجهة نظره ـ «يجب أن يكون قرار الشعب.. والإرادة إرادة المصريين»!!
هكذا يبدو أن رائحة يناير 1953 الكريهة تتسرب إلى أجوائنا من جديد.. مستشارو  السوء يطلون بوجوههم القبيحة مرة أخرى، ليكرروا مع «السيسى» جريمة أقرانهم التاريخية مع جمال عبدالناصر.. هؤلاء الذين أوهموه ورفاقه بفساد أحزاب ما قبل عام 1952 وتعارض استمرارها مع مبدأ «سلطة مجموع الشعب»، وزينوا له ضرورة اتخاذ إجراءات ضد هذه الأحزاب لتجنيب البلاد الحرب الأهلية وأضرارها، وبما يفسح المجال بعد ذلك لـ«تفاعل ديمقراطى» مزعوم بين ما أسموه «قوى الشعب العاملة».. وابتلع «عبدالناصر» الطُعم، وبادر بإصدار أوامره فى 31 يوليو1952 إلى الأحزاب بأن «تُطهِّر صفوفها»، ثم أصدر فى 8 سبتمبر قانون تنظيم الأحزاب، الذى وضع قيوداً وأغلالاً  على  حرية تكوين الأحزاب وعملها، لدرجة أنه اشترط موافقة الحكومة على برامج الأحزاب وعلى اختيار قياداتها.. ثم انتهى الأمر، بإصدار قرار «16 يناير 1953» المشئوم بحل جميع الأحزاب السياسية، ومصادرة أموالها.. ذلك القرار الذى كان بداية النهاية المبكرة لحكم عبدالناصر وزملائه الضباط.
بعد حل الأحزاب انفرد جمال وزمرته بالسلطة دون حسيب أو رقيب، وغرقت البلاد فى ديكتاتورية التنظيم الواحد المستبد، ابتداء بالاتحاد القومى، ومروراً بالاتحاد الاشتراكى، واللجنة التنفيذية العليا، والتنظيم الطليعى، وغيرها من التنظيمات التى أذلت الشعب واغتصبت كل سلطاته وجرعته العذاب أشكالاً وألواناً فى السجون والمعتقلات.. وقادت البلاد والعباد الى هزيمة شاملة ومريرة، ليس على المستوى العسكرى فى الحرب مع إسرائيل فقط، ولكنها كانت أيضاً هزيمة اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية لم تلحق بمصر هزيمة مثلها على مر العصور والأجيال.
كانت بطانة السوء ـ مثلما تحاول الآن ـ تلقن عبدالناصر ونظامه شعارات جوفاء للانقضاض على المكتسبات الديمقراطية، مثل «الديمقراطية الاشتراكية» التى تستند الى ثلاث وسائل لتحقيقها، وهى جماعية القيادة، وحرية الكلمة التى هى «المقدمة الأولى للديمقراطية» وفقاً لما جاء فى الميثاق، ثم ممارسة النقد والنقد الذاتى.. وكان عبدالناصر يصرخ بحماسه المعهود فى خطبه السياسية: «إن الشعب دائماًيجب أن يبقى سيد كل فرد وقائده».. وإن الشعب أبقى وأخلد من كل قائد  مهما بلغ إسهامه فى نضال أمته».
لكن كل هذه الشعارات والخطب الحماسية أضحت هراء فى هراء عندما  اقتاد نظام يوليو الشعب زمراً إلى السجون والمعتقلات، حيث  كان يتفنن «زبانية جهنم» فى اختراع وابتكار وسائل للقتل والانتهاك والتعذيب ما أنزل الله بها من سلطان.. وشاعت النكتة الساخرة الشهيرة  وقتها أن عبدالناصر كان يحكم الشعب بشعار: «ارفع رأسك يا أخى فقد حان قطافها».
اعترف جمال عبدالناصر نفسه بفشله الذريع وخطأه فى حل الأحزاب.. ولكن بعد الهزيمة، وفوات الأوان.. ثار الطلبة ضده فى

1968، فأدرك أن «ديمقراطية التنظيم الواحد» هى التى قادته إلى الهزيمة،وأصدر بيان «30 مارس 1968» الذى اعتبره المؤرخون اعترافاً منه بأنه لا بديل عن التعددية الحزبية لإقامة حياة ديمقراطية سليمة.. واتجه بالفعل إلى إعادة الأحزاب السياسية فبدأ بإنشاء «التنظيم الطليعى» الذى اعتبر آنذاك نواة لتشكيل حزب سياسى، تمهيداً لإصدار قرار فى «1975 بعودة الأحزاب، لكنه مات قبل أن يصدر هذا القرار.
واليوم.. نقولها صراحة لـ«عكاشة» وأمثاله: «تبت يداكم».. فما تقولون إلا زور وكذب وبهتان.. وما  هو إلا قول باطل لا يراد به إلا بطلاناً..ولتعلموا أن فى مصر أحزاباً لن تسمح لكم بنصب شباككم من جديد للانقضاض على ثورة الشعب وديمقراطيته.. ولتكن لكم فى«مرسى» وإخوانه عبرة وعظة.. فقد دفعوا جميعاً الثمن غالياً جزاء كفرهم بحقوق الشعب ومحاولتهم الانقضاض على الديمقراطية والتعددية الحزبية وتداول  السلطة عندما آل إليهم أمر الحكم وتصوروا أنهم فيه خالدون، فاغتروا بسلطانهم، وأغشيت أبصارهم إلا عن أهلهم وعشيرتهم وأنصارهم، فجاءت صرخة الشعب عاتية، لتقتلعهم من جذورهم وتضعهم حيثما يستحقون فى غياهب السجون، جزاء ما اقترفوه من جرم فى حق الوطن.
اعلموا يا هؤلاء.. أن هذه الأحزاب التى تريدون بها الآن شراً هى «المدارس» الحقيقية التى صنعت جيلاً شجاعاً  جريئاً تعلم فى«فصولها» كيف يقول: «لا».. فى وجه الحاكم الفاسد بعد سنوات من القهر والظلم والعدوان علىأيدى ورثة «التنظيم الأوحد» الذى احتكر حكم مصر وقادها إلى الهزيمة والخراب. اعلموا أن شباب ثوة 25 يناير تخرجوا فى مدارس الأحزاب الوطنية.
واعلموا أن بين «السيسى» والشعب الذى أحبه ودفعه دفعاً الى اتخاذ قرار الترشح للمنصب الرئاسى، عقداً سياسياً قوامه الحفاظ على مبادئ ثورتى 25 يناير و30 يونية، وتفعيل نصوص الدستور من خلال برنامج وطنى يحقق الديمقراطية القائمة على أسس التعددية الحزبية والفكرية واحترام حقوق الإنسان والحريات العامة وسيادة القانون وتداول السلطات.
من أجل ذلك يؤيده الشعب ونؤيده.. وهو جدير بهذا التأييد.. وسنكون التزاماً بما سبق وأن أعلناه، عوناً وسنداً له إذا ما التزم ووعد به من تحمله للمسئولية الكبرى وللأمانة التى حملها من الشعب.. أما أنتم يا مستشارى السوء ورفقاءه، فلتتواروا خجلاً وتدخلوا جحوركم أنتم ومن يمول لكم قنواكم ومظاهراتكم ومؤتمراتكم ومؤامراتكم المشبوهة.. وتأكدوا أن «السيسى» لن يبلتع «الطُعم المسموم»، الذى أوقع من قبل جمال عبدالناصر فى مصيدة الهزيمة،