رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الشرطة المصرية.. فخر الإنجازات الأمنية الخالدة

بوابة الوفد الإلكترونية

عبر تاريخ مصر، لعبت الشرطة دورًا كبيرًا فى التصدى لما يهدد البلاد داخليًا، من منطلق وطنى لحماية تراب الوطن ومقدراته والمحافظة على ممتلكات وأرواح أبنائه، ولم تكن بعيدة عن الشعب يومًا ما، حتى فى أحلك الأزمات، وما من حاكم إلا سعى لاستتباب الأمن والاستقرار فى ربوع مصر إلا عبر الشرطة لفرض حالة الأمن لتسيير أمور الرعية ودفع البلاد نحو الاستقرار من أجل تقدم حركة التنمية فى مصر، وعبر التاريخ امتدت حلقة من حلقات تاريخ الشرطة المجيد ليتطور النظام الإدارى فى عصر محمد على، وبالتالى امتدت يد التطوير إلى جهاز الشرطة مرورًا بالاحتلال البريطانى الذى لم تكن محاولات إصلاحه سوى إحدى صور فرض الهيمنة الانجليزية على جوانب الإدارة المختلفة ومن ضمنها حاول الأوروبيون التغلغل فى جهاز الأمن عبر التوسع فى تعيين أبنائهم، لكن الشرطة ظلت على مبادئها الراسخة من أجل الوطن حتى نراها اشتركت فى مظاهرة عابدين جنبًا إلى جنب مع قوات الجيش وتضافرت معه فى المطالبة بحقوق الشعب، وهذا دليل على الروح الوطنية العالية التى تحلت بها عبر مراحل الكفاح الوطنى للشعب المصرى، وفى ثورة 1919 اشترك رجال البوليس وموظفو الداخلية مع موظفى الوزارات الأخرى فى الاضراب مشاركين أبناء الشعب فى مطالبهم.

«الوفد» ترصد حلقة جديدة من كفاح الشرطة عبر التاريخ الوطنى للبلاد احتفاء بذكرى «25 يناير»

الشرطة فى عصر محمد على.

يرتبط تاريخ محمد على ووصوله إلى الحكم فى مصر، بمسألة استتباب الأمن والاستقرار فى مصر ارتباطًا وثيقًا، إذ وصل محمد على إلى مصر فى عام 1901 على رأس قوة ألبانية ضمن الجيش العثمانى، للمساعدة على إجلاء الفرنسيين عن مصر، وخرجت بالفعل قوات الحملة الفرنسية، ولكن الأوضاع الداخلية زادت تدهورًا، وانعدم الأمن تقريبًا فى أنحاء البلاد، حتى وصف البعض مصر، آنذاك، بأنها بلد بلا سيد، كناية عن حالة الفراغ السياسى والاضطراب وانعدام الأمن، التى أعقبت خروج الحملة الفرنسية.

اضطراب الأمن بعد خروج الحملة:

يرجع ذلك إلى العديد من العوامل، أهمها الدور السيىء للمماليك فى اضطراب الأمن فى البلاد، والمغالاة فى جمع الضرائب، فضلًا عن رغبتهم فى استعادة دورهم القيادى القديم قبل الحملة الفرنسية.

هكذا دفع سوء الحالة الأمنية الأهالى دفعًا إلى العصيان، والبحث عن مخلص، يعيد إلى البلاد حالة الأمن والأمان الضرورية لتسيير أمور الرعية.

وصول محمد على إلى الحكم:

دفعت الكوارث المتتالية التى تعرضت لها القاهرة فى الفترة من 1801 إلى 1805 إلى خروج الأهالى إلى الشارع، والتفافهم حول زعمائهم الطبيعيين، وهم علماء الأزهر والسادة الأشراف على رأسهم نقيب الأشراف السيد عمر مكرم، وانضم إليهم بعض الجنود الغاضبين، وطالب الجميع بوضع حد لحالة الاضطراب وعدم الاستقرار آنذاك.

وانتهى رأى الجميع بضرورة عزل الباشا، ولكن الأخير لم يقبل أن يأتى قرار عزله من العامة، فرفض مطالبة الأهالى له بالعزل، ودفع ذلك الجميع إلى محاصرة الباشا فى القلعة حيث اندلعت المعارك بين الطرفين الأهالى ومعهم بعض الجند والباشا وأتباعه من ناحية أخرى، وبناء على ذلك أصدر السيد عمر مكرم قراره باعتبار الباشا معزولًا، بإرادة قادة الرأى.

وهكذا أصبح محمد على واليًا على البلاد بإرادة الشعب ولأسباب أمنية فى العام الأول، ولم يكن من السهل أن يدخل هذا الأمر حيز التنفيذ دون الحصول على موافقة السلطان العثمانى، وفى الوقت نفسه كان من الصعب على السلطان تجاهل الإرادة الشعبية والأمر الواقع فى مصر، وكان من مصلحة السلطان تهدئة الأمور فى مصر واستقرار الأحوال، ولذلك أرسل السلطان قراره فى 5 يوليو 1805 مضمونه أن محمد على باشا قد تم تنصيبه واليًا على مصر.

مذبحة المماليك واستقرار الأمن:

وأصبحت المسألة الأمنية واستقرار الأمور هاجسًا ملحًا لمحمد على، من الضرورى الاهتمام بها قبل البدء فى أى مشروع تحديثى، من هنا يمكن تفسير قيام محمد على بتصفية المماليك، أو ما سمى فى التاريخ بمذبحة المماليك فى عام 1811.

لقد مثل المماليك دومًا صداعًا شديدًا لأى حاكم لمصر منذ الفتح العثمانى لمصر فى عام 1517، وأدرك محمد على مبكرًا مدى قوة المماليك وتأثيرهم، واضطراب أوضاع الأمن لاسيما فى الصعيد، من هنا عقد محمد على العزم على توجيه ضربه قاسمة لهم.

وانتهز محمد على فرصة سفر ابنه طوسون باشا على رأس قوة عسكرية إلى الحجاز، لإقامة حفلة كبرى دعا إليها كل بكوات (قادة) المماليك وأتباعهم، وبدأ موكبهم الذى تقدره المصادر المعاصرة، بحوالى 500 راكب يصحبهم العديد من الأتباع، حيث عبروا بوابات القلعة الحصينة، ولم يتخلف عن الحضور سوى إبراهيم بك لحذره الشديد، متعللًا بظروف خاصة.

واستقبل محمد على المماليك بحفاوة شديدة، مصافحًا كل واحد منهم،وقدم الغداء لهم ،ثم فتح عليهم الجنود النيران أثناء عبورهم ممرًا ضيقًا فى القلعة أثناء الاستعراض، وفى أقل من خمس عشرة دقيقة تم القضاء على هذه القوة العسكرية، التى سيطرت على البلاد لفترات طويلة.

النظام الإدارى فى عصر محمد على:

كان القانون والنظام معًا هما حجر الزاوية فى سياسة محمد على الداخلية وكان ذلك هو السبب الحقيقى وراء وقوف جماهير الناس وراء إصلاحاته، إذ رأى فيه الناس شبيهًا بعلى بك الكبير، ومبشرًا بعصر جديد يتسم بالاستقرار والأمن يستطيعون هم فى ظله ممارسة أعمالهم، إذ كانت الاضطرابات التى اجتاحت البلاد فى الفترات الأخيرة قد أنهكت النظام المالى والإدارى للبلاد، وعانى الريف معاناة شديدة من جراء اجتياح العسكر للأراضى الزراعية، وعمليات السلب والنهب، هذا فضلا عن الدور السيىء للبدو فى الاعتداء على القرى القريبة من الصحراء، إضافة إلى قطعهم لطرق القوافل التجارية فى أنحاء البلاد.

كما تعرضت المراكب النهرية لعملية سلب ونهب، أدت إلى قطع الملاحة النهرية، بين العاصمة وبقية أنحاء البلاد.

من هنا كانت الحاجة ملحة لإعادة تشكيل النظام الإدارى للبلاد،لكن هذا التنظيم الإدارى لم يصل بالبلاد إلى حالة الاستقرار التى يطمع فيها محمد على، لذلك قرر هو أن يزور الأقاليم بنفسه.

ونتيجة لبعض المشاكل التى أصابت النظام السابق فضلا عن التغيرات السكانية والاجتماعية التى عرفتها مصر قام محمد على فى عام 1825بإجراء بعض التعديلات على النظام الادارى السابق .

كما عمد محمد على بعد ذلك إلى تعديل هذا التنظيم مرة أخرى، حيث أمر بإعادة تجميع كل هذه النواحى فى وحدات كبرى، أطلق عليها «الأقاليم»، ثم تم تعديل المسمى بعد ذلك إلى «مديريات» مفردها مديرية، على رأسها حاكم يدعى «مدير».

شيخ البلد أو العمدة:

تعددت مهام هذه الوظيفة، باختلاف النظم المالية والإدارية ففى ظل نظام الالتزام، كان للعمدة دور مهم فى جمع الضرائب من الفلاحين، وطالما شارك العمدة «الملتزم»، هذه المهمة على مستوى القرية التابع لها.

وبعد سقوط نظام الالتزام، لجأت الحكومة إلى «تقنين» مسألة جمع الضرائب وتحديد مهام العمدة على قريته، إذ أوكل إليه مهمة توزيع الضرائب على فلاحى القرية، كما عهد للعمدة تحديد نوعية الأراضى المزروعة الخاضعة للضرائب، والأراضى البور التى تعفى من الضرائب فى كل قرية.

من ناحية أخرى، أسند إلى العمدة مهمة فى غاية الأهمية والخطورة وهى إمداد الجيش بالمجندين من القرية، وقد ترتب على هذه المهمة الخطيرة سطوة بالغة للعمدة على أبناء قريته، وقد ترتب على هذه المهمة الخطيرة سطوة بالغة للعمدة على أبناء قريته، إذ أصبح هو الحكم فى مسألة بلوغ سن التجنيد لأبناء القرية، وتحديد من يخضع لها أو لم يخضع بعد.

الإدارة والقضاء فى المدن:

يلاحظ، بشكل عام التداخل الكبير بين النظم الإدارية والقضائية محمد على، فالنظام القضائى هو فى الوقت نفسه النظام الإدارى.

الأمن فى العاصمة:

كانت مدينة القاهرة هى أهم مدن مصر على الاطلاق، وهى أيضًا عاصمة ولاية مصر التابعة للدولة العثمانية، وتوسعت المدينة على عهد محمد على توسعًا عظيمًا،

ومر بنا أن أهم الأحداث السياسية والتمردات العسكرية كانت تحدث فى القاهرة، ولذلك وجه محمد على إلى أمن العاصمة اهتمامًا كبيرًا.

ونتيجة توسع القاهرة وترامى أطرافها، لجأ محمد على إلى تقسيم المدينة إلى ثمانية أقسام، عرفت أيضًا بثمانية أثمان، يسمعى كل واحد منها «ثمن» أو «تمن» ولذلك استمر العامة يسمون قسم الشرطة إلى وقت قريب بـ«التمن»، نظرًا لارتباط النشأة الحديثة لنظام الشرط، بإصلاحات محمد على. وانقسمت القاهرة انذاك الة الاثمان التالية :ثمن الموسكى، وثمن الأزبكية، وثمن باب الشعرية، وثمن الجمالية، وثمن الدرب الأحمر، وثمن الخليفة، وثمن السيدة زينب، وثمن عابدين.

ويلاحظ أن هذه المسميات سوف تستمر بعد ذلك تطلق على أقسام الشرطة فى مدينة القاهرة حتى الآن.

ويمكننا أن نضيف إلى التقسيم السابق ثمن بولاق، وثمن مصر أى مصر القديمة، إذ درج العرف على اعتبار كل من بولاق ومصر القديمة خارج مدينة القاهرة، وهو العرف المعمول به منذ ما قبل عصر محمد على ويلاحظ أيضًا الاستمرارية التاريخية فى وجود قسم شرطة بولاق فى مقابل «ثمن بولاق»، وأيضًا قسم شرطة مصر القديمة فى مقابل «ثمن مصر العتيقة» حتى الآن، ويوضح هذا مدى أهمية التنظيمات الحديثة التى وضعها محمد على لأمن العاصمة، والاستمرار فى العمل بها حتى الآن.

وتنقسم الأثمان إلى «قلقات» مفردها «قلق»، على أية حال، انقسمت أثمان القاهرة إلى قلقات، وصل عددها إلى حوالى 48 قلقًا، يوجد فى كل قلق منها عدد من الجنود، ويأتى على رأس كل قلق منها «ناظر» يسمى «ناظر القلق»، وهو أقرب ما يكون إلى رئيس النقطة فى النظام المعمول به الآن.

وهناك آلية للعمل على حفظ النظام والأمن فى العاصمة بين الثمن والقلق التابع له، إذ يتولى أمن القلق مهمة حفظ الأمن وإلقاء القبض على المتهمين فى المنطقة التابعة له، ثم يتم إرسال هؤلاء المتهمين بعد ذلك إلى الثمن،لإجراء اللازم حيالهم.

ولم يقتصر الهيكل الإدارى للأمن على ذلك فحسب، وإنما وجدت وظيفة «المشايخ» وفى الحقيقة كانت هناك عدة فئات من المشايخ فتحدثنا المصادر التاريخية عن «مشايخ الأرباع»، ويرأس كل منهم ثمنين من أثمان العاصمة، ثم يأتى بعد ذلك «مشايخ الاثمان» ويرأس كل منهم ثمنًا من الأثمان، ثم أخيرًا «مشايخ الحوارى» ومفردها «شيخ الحارة»، وهو النظام المعمول به حتى وقت قريب.

هكذا تشكل جهاز الأمن فى العاصمة على النحو التالى: «قسم الضبط» ويتمثل فى الضابطخانة وأثمان القاهرة، و«قسم الربط» وتمثله القوة المصاحبة له والتى مر ذكرها من قواصة ونوبتجية وآلاى محافظين وغيرها، القسم الأول منه يتبع ديوان الخديوى أو نظارة الداخلية بعد ذلك، والقسم الثانى منه يتبع الجهادية، أى الجيش.

مكافحة الشيوعية:

كانت المهمة الثانية للبوليس المصرى مواجهة الفكر الشيوعى الذى بدأ يعرف طريقه بين المصريين فى آواخر القرن التاسع عشر لاكثر من سبب، ذلك أن الفكر الشيوعى يعادى الاستعمار وبريطانيا قد احتلت مصر ويعادى الرأسمالية والاستغلال ومصر تحكمها طبقة من كبار ملاك الاراضى الزراعية وطبقة من أصحاب الاستثمارات الاجانب الذين وفدوا على البلاد مع افتتاح قناة السويس وجاءت معهم وفى ركابهم مجموعة من العمال نقلوا معهم آليات نشاط الحركات العمالية ضد أصحاب الشركات والمصانع ونقلوا إلى العمال المصريين شيئًا من تلك الافكار فتأثروا بها.

تنظيم المرور:

عندما زادت العربات التى تجرها الدواب لنقل الناس والبضائع فى شوارع المدن فى آواخر القرن التاسع عشر وأصبحت تشكل خطرًا على سير الناس فى الشوارع تدخلت نظارة الداخلية لتنظيم المرور فى الشوارع.

 

مكافحة المخدرات:

عرفت مصر المخدرات منذ فترة مبكرة وكانت السلطات تسعى لحماية المجتمع من آثارها ولهذا وابتداء من عام 1879 صدرت الاوامر مشددة لرجال الجمارك وخفر السواحل بمنع إدخال الحشيش إلى البلاد ومنع زراعة القنب وبعد الاحتلال البريطانى تم تكليف رجال البوليس «1895» بمنع أصحاب المحلات العامة من تقديم الحشيش أو السماح بتعاطيه ثم بدأ البوليس بمتابعة تجار المخدرات داخل البلاد اعتبارًا من 1910 وتم منحهم صفة «الضبط القضائي» وكانوا يتابعون عملهم وهم فى الملابس المدنية ويعتمدون فى ضبط التجار والمتعاطين على ما يتمتعون به من قوة الملاحظة والفراسة وقوة الذاكرة.

مواجهة الحرائق:

امتد نشاط البوليس لمواجهة الحرائق التى تشتعل فى البيوت وفى الاماكن العامة فأنشأت نظارة الداخلية فرقة لاطفاء الحرائق تحت اسم «إدارة أشغال الطلمبة» فى 1899 وأنشئت لها فروع ثلاثة فى كل من الوايلى والخليفة وحلوان وأنشئت فى الاسكندرية فرقة اطفاء فى 1900 وتطورت أسماء هذه الفرقة إلى «فرقة طلمبات اطفاء الحريق» ثم «بلوك اطفاء الحريق».

وابتداء من عام 1920 بدأ تطوير مرفق الاطفاء بمدينة القاهرة، حيث تم تزويده بثلاث سيارات وعدد من الاجهزة والادوات الحديثة وأثناء الحرب العالمية الثانية استحدثت وزارة جديدة باسم «وزارة الوقاية» ضم اليها مرفق الاطفاء مع تزويده بالسيارات والاجهزة الحديثة وبعد انتهاء الحرب فى 1945 ألغيت تلك الوزارة وأعيدت تبعية المرفق إلى وزارة الداخلية.

أما فى الريف فقد بقيت معظم المدن والقرى بدون وسائل جدية لاطفاء الحرائق حتى 1938 حين أنشئت فرق للاطفاء فى الاقاليم أصبحت تابعة لادارة الحرائق فى 1945 من ناحية الاشراف والتنظيم.