عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الشرطة المصرية تاريخ حافل بالوطنية (2)

بوابة الوفد الإلكترونية

> أحوال مصر قبيل الفتح العربى كانت بعيدة عن الاستقرار بسبب تفشى الاضطرابات واشتعال الثورات

> العسس والمعونة والشحنة والجلواز والأترور.. أبرز المسميات المختلفة للشرطة

> الشرطة حلت مكان الوالى فى الصلاة وأخذ البيعة للخليفة الجديد وإقامة الحدود والقبض على الخصوم السياسيين

> الفاطميون وجهوا عنايتهم لفرض الأمن فى البلاد منذ بدء ولاية جوهر الصقلى على مصر

> هناك نقاط التقاء بين الشرطة والقضاء والحسبة فى العصر العباسى

> ملابس الشرطة فى العصر الأيوبى شبيهة بما جرت عليه فى العالم الإسلامى

من المؤكد أن هاجس الأمن بدأ مع ظهور بواكير الحضارة المصرية القديمة، وأن الشرطة حظيت بمكانة خاصة ومشاعر احترام وهيبة ومن المسلم به أن أحوال مصر قبيل الفتح العربى كانت بعيدة عن الاستقرار، فقد تفشت الاضطرابات واشتعلت الثورات تحت سيف الاضطهاد البيزنطى، ومع أن الصراع بين المصريين والمحتل الأجنبى كان فى جوهره صراعًا وكفاحًا وطنيًا من أجل التحرير واستعادة الإرادة إلا أنه تجلى فى فصوله الأخيرة فى صور ذات طبيعة وكان جانبًا من الصدام يدور حول واحدة من القضايا الدينية، ومن هنا فإن مصر رحبت بالفتح العربى وعبر العصور من الفتح الإسلامى حتى عصر محمد على كان للشرطة دور مهم فى استتباب الأمن وإقامة الحدود والقبض على الخصوم السياسيين وتتبعهم. إضافة إلى أنه أسند لصاحب الشرطة بعض الأعمال الأخرى مثل أعمال الحسبة والمساهمة فى إطفاء الحرائق والإشراف على الأحباس والمساعدة فى تحصيل الجزية وإصدار الدنانير وغيرها من المهام التى تستعرضها ضمن تاريخ الشرطة المصرية الحافل بالوطنية احتفاء بذكرى عيد الشرطة الـ67 يوم 25 يناير خلال أيام قلائل:

قد عانى أهل مصر ـ أيضًا ـ من الضرائب الكبيرة، التى فرضت عليهم وأثقلت كاهلهم، وشملت هذه الضرائب الأراضى الزراعية، وأدى هذا إلى ترك الكثير من المزارعين لأراضيهم، واضطر عدد منهم إلى التنازل عن أراضيهم لأصحاب النفوذ من الملاك، والأثرياء، كى يعيشوا تحت حمايتهم، ما أدى إلى ظهور الأبعاديات الإقطاعية، التى تمتلكها كبار الأسر والحكام، من الأجانب الذين ينتسبون، أو ينتمون إلى البلاد، وقد تحولوا بدورهم إلى أدوات ضغط وسيطرة، على المصريين، ومارسوا ضغوطهم عليهم، وأمعنوا فى ظلمهم.

ونتيجة هذه الأحوال رحب المصريون بالفتح الإسلامى، حتى إن المؤرخين المصريين، فى العصور الوسطى، يقرون بأن انتصار المسلمين هو غضب من الله على الروم، كما يتجلى لنا من ثنايا كتاباتهم، مدى العداوة بينهم وبين الروم.

أن فتح العرب المسلمين لمصر حقق نتائج مهمة، تمثلت بصورة رئيسية فى رفع الظلم والمعاناة عن أهل مصر، ومنحهم حرية العقيدة، وأعاد إليهم الرغبة فى مواصلة تقدمهم الحضارى، فى ظل حكم نعموا فيه بالأمن والعدل، بل إن المصريين تهيأت لهم الفرصة، بمركبهم الحضارى التاريخى، إلى أن يضيفوا طاقة فريدة، هى التى مكنت الحضارة العربية الإسلامية من أن تأخذ قوة دفعها الحقيقية، فقد تعلم العرب الفاتحون فى مدرسة مصر، وكما عربوا مصر، فقد تمصروا على يديها.

المسميات المختلفة للشرطة:

تعدد الأسماء التى أطلقت على الشرطة، وهى على النحو التالى:

الشرطة:

هناك من يرى أن لفظ الشرطة جاء من اشتراط جملة شروط فيمن رغب فى الالتحاق بهذا العمل، وهذه الشروط يتميز بها رجال الشرطة عن غيرهم وتطبق عند اختيار رجال الشرطة قديمًا وحديثًا؛ حيث إن المهام التى يقومون بها تفترض اختيار أفضل العناصر وأكفأها وأكثرها علمًا وثقافة، وأقواها بدنًا لتحمل تبعات هذا العمل.
ويقال ـ أيضًا ـ إن كلمة الشرطة جاءت من زى صاحبها، بل أن صاحب الشرطة كان ينصب الأعلام على مجالسه، أى أن الشرطة سموا بذلك لأن لهم زيًا يعرفون به.

العسس:

يذكر ابن منظور فى لسان العرب ما يلى:

«عس يعس عسسًا وعسًا، أى طاف ليلاً، ومنه حديث عمر ـ رضى الله عنه ـ: إنه كان يعس بالمدينة ـ أى يطوف بالليل يحرس الناس ويكشف أهل الريبة، والعسس: اسم منه كالطلب، وقد يكون جمعًا لعاس كحارس وحرس.

المعونة:

ويشار إلى أن كلمة المعونة كانت تطلق على الشرطة لما تحويه من معان، فرجالها يقومون بمعاونة الحكام يما يكلفونهم به من الأمور، بل يعاونون أفراد الشعب فيما ينشدون من إحقاق الحق أو دفع مضرة.

ويذكر أن المعونة هم رجال تابعون ومنذرون لسياسة الشرطة وقائمون بأعمالها ومهامها، وهناك نوعان من المعونة، الأول: تعمل فيه المعونة تحت إمرة صاحب الشرطة باعتبارها إحدى التشكيلات الأمنية المهمة، والثانى تكون فيه المعونة مستقلة وغير تابعة، وفى هذا النوع الثانى تكون للمعونة خصوصيتها الوظيفية فتصبح ديوانًا يعرف بديوان المعونة.

الشحنة:

الشحنة بكسر وتشديد الشين تعنى جماعة فيها الكفاية ليقيمها السلطان فى بلد ما لضبطه، وجمعها «شحانى» و«شحن» وكان رئيسها هو الموكل بالأمن.

ويرى البعض أنها ترد ـ أيضًا ـ يمعنى قائد الشرطة أو الحاكم العسكرى للمنطقة، الاقاليم، وتولى صلاح الدين الأيوبى وظيفة الشحنكية ـ الشحنة ـ لمدينة دمشق عام 549 هـ/1154م.

الجلواز:

ويشار إلى أنه من المعتقد أن هذا اللفظ يطلق على أحد المساعدين لصاحب الشرطة لما فى الجلوزة من معان القوة والضخامة.

ويرى البعض أن الجلاوزة كانوا يعملون ضمن التشكيل الوظيفى المصاحب للقاضى فى مجلسه، وذلك ليقوموا بحراسة القاضى وتنفيذ العقوبات التى يقضى بها.

ونقل أنه كان يمسك درة أو سوطًا فى يده ليستعمله ضد من يخالف النظام أو يخل بالجلسة، كما يطلق هذا اللفظ على الشرطى المتولى حراسة الأمير، وقد سمى كذلك لخفته بين يدى العامل فى ذهاب وإيابه، وقد قيل بأن الجلاوزة يحفظون الأمراء.

صاحب الشرطة:

صفاته:

كان والى العراق الحجاج بن يوسف الثقفى «75 ـ 95 هـ/694 ـ 713م» قد اشترط فى صاحب الشرطة عدة شروط وهى: «أن يكون دائم العبوس، طويل الجلوس، سمين الأمانة، أعجف الخيانة، لا يحنق فى الحق على جرة، يهون عليه سبال الأشراف فى الشفاعة»، ويبرز هذا النص مجمل الصفات التى تؤمل فيمن يتولى هذا المنصب الهام خلال العصر الأموى، والتى تتفق فى ذات الوقت مع طبيعة الحجاج الذى عرف بالقسوة والشراسة والميل للعنف.

مهامه وواجباته:

يذكر ابن خلدون فى مقدمته ما يلى: «وكان ـ أيضًا ـ النظر فى الجرائم وإقامة الحدود فى الدولة العباسية والأموية بالأندلس والعبيديين بمصر والمغرب راجعًا إلى صاحب الشرطة، وهى وظيفة أخرى دينية كانت من الوظائف الشرعية فى تلك الدول، توسع النظر فيها عن أحكام القضاء قليلًا فيجعل التهمة فى الحكم مجالاً، ويفرد العقوبات الزاجرة قبل ثبوت الجرائم ويقيم الحدود الثابتة فى محالها، ويحكم فى القود والقصاص ويقيم التعزير والتأديب فى حق من لم ينته عن الجريمة، ثم تنوسى شأن هاتين الوظيفتين فى الدول التى تنوسى فيها أمر الخلافة فصار أمر المظالم راجعًا إلى السلطان، كان له من تفويض من الخليفة أو لم يكن، وقسمت وظيفة الشرطة قسمين منها:

وظيفة التهمة على الجرائم وإقامة حدودها ومباشرة القطع والقصاص، حيث يتعين، ونصب لذلك فى هذه الدول حاكم يحكم فيها بموجب السياسة دون مراجعة الأحكام الشرعية، ويسمى تارة باسم الوالى وتارة باسم الشرطة، وبقى قسم التعازير وإقامة الحدود فى الجرائم الثابتة شرعًا، فجمع ذلك القاضى مع ما تقدم وصار ذلك من توابع وظيفته وولايته.

ويشير العديد من الباحثين المحدثين إلى الدور الموكل إلى صاحب الشرطة القيام به؛ حيث يذكر أنه كان بمثابة نائب الوالى يؤم الناس فى الصلاة إذا مرض الوالى، ويحكم الولاية إذا خرج الوالى من مقر ولايته، ولذا نجد أن صاحب الشرطة كثيرًا ما يعينه الخليفة واليًا على البلاد.

ومن المهام التى قام بها أصحاب الشرطة فى مصر خلال العصور الإسلامية المبكرة وذلك على النحو التالى:

الإحلال محل الوالى فى الصلاة:

وتعد النيابة عن رأس الحكم فى الصلاة من الأمور المهمة فى ذلك العصر وكانت بداية ذلك عندما ناب أبوبكر الصديق ـ رضى الله عنه ـ عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى الصلاة ـ أثناء حياته.

الإحلال محل الوالى فى غيابه:

يشير المؤرخون إلى هذه المهمة فى العديد من المواضيع؛ حيث يروى أنه فى ولاية عمرو بن العاص الثانية على مصر: «فجعل عمرو على شرطته خارجة بن حذافة بن غانم العدوى، ثم خرج عمرو للحكومة واستخلف على مصر ابنه عبدالله بن عمرو، ويقال استخلف خارجة بن حذافة».

ومن الجدير بالذكر أن هذا الأمر لم يكن قاصرًا على مصر، وإنما كان موجودًا فى ولايات أخرى، فيذكر فى حوادث عام 140 هـ «فيها ثار جماعة من الجند على أبى داود نائب خراسان وحاصروا داره، فأشرف عليهم وجعل يستغيث بجنده ليحضروا إليه، واتكأ على أجرة فى الحائط فانكسرت به فسقط فانكسر ظهره فمات رحمة الله عليه، فخلفه على خراسان عصام صاحب الشرطة حتى قدم الأمير عليها من جهة الخليفة.

مصر الاسلامية

< الشرطة="" فى="" العصر="">

مقدمة عن العصر:

مثلما كان اختلال الأمن وانتشار الفوضى وأعمال السلب والنهب فى الأيام الأخيرة من عمر دولة الإخشيديين بمصر من العوامل التى مهدت للفاطميين سبيل الاستيلاء على حكم مصر، فقد وجه الفاطميون عنايتهم لفرض الأمن فى البلاد منذ اليوم الأول لولاية جوهر الصقلى على مصر فى عام 358هـ-969م، وأفضت هذه العناية إلى إحداث تغيرات واسعة فى طبيعة عمل الشرطة وصلاحياتها، إن أول ما يستحقه الالتفات هنا- أيضاً- ذلك الحضور الكبير لقضايا حفظ الأمن والنظام فى خطاب الأمان الذى أعطاه جوهر الصقلى نيابة عن سيده الخليفة الفاطمى المعز لدين الله.

ما جرت به عادته من صلاح الطرقات... ويتحفون بالأطعمة عبث العابثين فيها لتطرق الناس آمنين، ويسيرون مطمئنين ويتحفون بالأطعمة والأقوات إذ كان قد انتهى إليه صلوات الله عليه انقطاع طرقاتها لخوف مارتها إذ لا زاجر للمعتدين ولا دافع للظالمين.

والحقيقة أن هذا «التداخل» بين وظيفتى القضاء والشرطة قد مر بأطوار عدة، إذ كانت الشرطة تابعة للقضاء فى أدائها لواجباتها فللقاضى أن يأمر صاحب الشرطة وأعوانه بتنفيذ أوامر الضبط والإحضار أو توضيح أى مسألة تتصل بأعمالهم بل له الحق فى تفقد أحوال المسجونين للتأكد من انتهاء العقوبة من عدمه وإخلاء سبيل من أنهى عقوبته وحسن سلوكه وصلح أمره.

وقد فصلت الشرطة عن القضاء لتختص بالنظر فى الجرائم، ومع هذا فقد بقى صاحبها فى أيام الدولة الفاطمية يساعد القضاء على إثبات التهم ونفيها وينفذ الأحكام القضائية

الصادرة عن القاضى والمحتسب مع واجباته الرئيسية فى إشاعة الأمن والطمأنينة فى البلاد واقامة الحدود والتعازير على الجناة والمذنبين.

وفضلًا عن ذلك فقد استمرت فى عصر الخلافة الفاطمية ظاهرة التداخل بين اختصاص المحتسب وصاحب الشرطة التى تكررت فى عصر الولاة، كما لاحظنا آنفًا فكان صاحب الشرطة يجمع مع وظيفته تلك الحسبة أيضاً، وثمة من يرى أن إضافة الحسبة إلى صاحب الشرطة نوع من حسم الأنزاع التى قد تنشب بين القاضى وصاحب الشرطة، إذ يوفر له ذلك استقلالًا عن اختصاص القاضى.

كما تؤكد الوقائع التاريخية أن اختصاصات صاحب الشرطة خلال العصر الفاطمى قد توسعت لتشمل مهام إضافية خارجة عن الاختصاصات التقليدية لأصحاب الشرطة.

فقد كان لصاحب الشرطة دوره الأساسى فى أن يشمل الرعية باهتمامه ويعمهم بالأمن وينشر العدل ويساوى فى الحق ويقيم الحدود ويمنع الفساد ويطوف ليلاً.

وتقوم الشرطة- أيضاً- إلى جانب حفظ النظام والأمن بتولى مراقبة المقاهى وأماكن الشرب واللعب وتنفيذ أوامر السلطان (الخليفة) وأوامر القضاة إذا احتاجوا إلى ذلك ومساعدة عمال الخراج ومساعدة المحتسب إذا طلب ذلك.

أولاً: تراجع الوضع السياسى لصاحب الشرطة:

ثانيًا ـ تعدد الاختصاصات المكانية لأصحاب الشرطة:

ثالثًا ـ تغيير مسمى وظيفة صاحب الشرطة إلى الوالى:

رابعًا ـ اتساع نطاق مهام أصحاب الشرطة:

آنفاً.

مهام الشرطة فى الدولة الفاطمية

- تنفيذ أحكام القضاة والأوامر التى يصدرها الخليفة أو الوزراء

- حفظ الأمن وحراسة المنشآت والطرق

- تتبع المشتبه فيهم ومعاقبتهم لا سيما إذا كانوا من أهل الريب «أرباب السوابق»

- الامر بالمعروف والنهى عن المنكر وتنفيذ الحدود

- الإشراف على السجون أو الأحباس

- حماية التجمعات العامة كالاحتفالات والمواكب وتفريق الاضطرابات والمظاهرات

- حماية الآداب العامة

- نظافة الطرق والمساجد ودور العبادة

- مراقبة الأسواق

- إطفاء الحرائق

اختصاصات صاحب الشرطة حسب الفترات الزمنية

وقد اختلفت اختصاصات صاحب الشرطة ووضعيته حسب الفترات الزمنية فمع الفتح الإسلامى كان صاحب الشرطة يلى الأمير فى المكانة وكان أول والٍ للشرطة هو خارجة بن حذافة وإن كان الكندى ذكر أن زكريا بن جهم بن قيس هو أول والٍ للشرطة فى مصر ثم عزله عمرو وكان ينوب عن الوالى فى الحكم أثناء مرضه وخروجه من الولاية لأمر ما، وكان يقوم بإمامة المسلمين فى الصلاة أثناء غياب الوالى، ويذكر الكندى أن يزيد بن ملحم قتل خارجة الذى أم الناس فى الصلاة بدلًا من عمرو لمرضه، وكان المعتاد أن يعين الوالى صاحب الشرطة وإن قام الخليفة بذلك فى بعض الاحيان، وكان من المألوف فى حالة عزل الوالى أن يتولى صاحب الشرطة واليًا ورغم أن الشرطة بدأت كوظيفة دينية إلا أنها جمعت بين الجانبين الدينى والسياسى فعليهم عمل التحريات اللازمة وتنفيذ العقوبات التى حكم بها القضاة واقامة الحدود، ولقد ولى البعض من الولاة أولاده عمل الشرطة، كما جمع بعض الولاة بين الولاية وتولى الشرطة مثل عبدالله بن معاوية حديج سنة 145هـ، وبعضهم جمع بين القضاء والشرطة.

ويبدو أن الادارتين قد ضمتا معًا فى العصر العباسى إذ صار لهما ديوان يعرف بديوان الاحداث والشرطة ولقد تولى بعض الولاة أكثر من مرة.

وهناك نقاط التقاء بين الشرطة والقضاء والحسبة ونقاط اختلاف، فخطة الشرطة تجمع بين نظر شرعى دينى وزجر سياسى سلطانى وصاحب الشرطة يعمل على تنفيذ الحدود والاحكام التى يصدرها القاضى أو المحتسب على من يحسب عليه، ولكن حدث بعد ذلك خلاف بين القاضى وصاحب الشرطة الذى طلب منعه من التكلم بالأحكام الشرعية والحسبة ولكن على صاحب الشرطة تنفيذ الاحكام أما المحتسب فيجب ألا ينظر إلى مبتغى الحكام ولصاحب الشرطة أن يجرى التحريات عن الجرائم التى تبلغ له أو عن المشتبه فى أمرهم سواء كانت تحريات علنية أو سرية وللمحتسب أن يتحدث عن المنكرات العلنية ويأمر بإزالتها، ولصاحب الشرطة أن يستخدم القوة أو الضغط كما ذكر الماوردى لانتزاع الاعتراف وليس هذا للمحتسب، وفى إمكانه سجن الشخص المشتبه به على ذمة التحقيق وليس للمحتسب وللقاضى ذلك، ولصاحب الشرطة النظر فى قضايا الاعتداءات وليس للمحتسب.

أما التشابه فإن للحسبة كالشرطة مكانة رفيعة بحيث يتقلدها كبار القواد والخاصة من العظماء وأحكام التنفيذ الخاصة بهم لا تنفذ على الخاصة كالأمراء وكبار القادة وإنما حكمهم على الدهماء وأهل الريب والرعاع وتوفير الامان ولكننا نجد اختلافًا عن هذه القاعدة فقد تم تنفيذ أحكام على أمراء وقادة فى العهدين الأيوبى والمملوكى خاصة فلقد قام الوالى- وهو نفسه رئيس الشرطة- بالقبض على أمراء من المماليك وتنفيذ أحكام السلطان فيهم وقد كان الوالى عادة من أمراء المماليك.

> الشرطة فى العصر الأيوبى

كان العصر–عامة–عصرًا انشغلت فيه الدولة فى الصراع مع الصلبيين ومع ذلك فقد توافر الأمن فى أغلب الفترات، حيث حرص السلاطين على متابعة الحالة الأمنية.

أما عن ملابس الشرطة آنذاك فهى شبيهة بما جرت عليه فى العالم الإسلامى حيث كان أصحاب الشرطة يحملون آلة من السلاح تسمى الطرزين، وهى عبارة عن سنكى طويل، يحملونها معلقة فى أوساطهم وكل من هرب أمامهم كان لا بد أن يؤدبوه أمام الناس، وكانوا يقومون بالطواف أو العسس طوال الليل إلى صلاة الفجرة، كما كانت هناك عدة سجون.

> الشرطة فى العصر المملوكى

ولقد حرص السلاطين المماليك على التفرد بأمور الحكم، فكانت أحكامهم نهائية ومن يغضبون عليه يوكلون أمره إلى الوالى، «والذى كان صاحب الشرطة أيضًا فى الوقت نفسه» فى القبض عليه وسجنه وتعذيبه وقتله، نفس الأمر بالنسبة للعربان الذين أوكلوا لهم فقط النواحى ومناطق الحدود والأمن فى مناطق قبائلهم، فإذا تجاوزوا ذلك كان يتولى أمرهم الوالى وأعوانه، وكذلك فى العديد من الأمور بل فى قضايا جنائية، يذكر المقريزى «كان الملك الناصر محمد يستبد بأمور مملكته ويتفرد بالأحكام حتى إنه أبطل بناية السلطنة ليستقل بأعباء الدولة وحده».

وإذا نظرنا لأعمال الشرطة فنجد أنها عديدة يتولاها الوالى الذى كان–فى الغالب–من أمراء المماليك إلا فى حالات قليلة، وفى العصر المملوكى الثانى تولاها البعض من أصول بسيطة من غير طبقة المماليك.

> الشرطة فى العصر العثمانى

التقسيم الإدارى ونظام الأمن فى الريف المصرى:

على مر التاريخ المصرى كانت القرية تمثل القاعدة الأساسية التقسيم الإدارى المالى فى الريف المصرى، كما أنها بمثابة وحدة تنظيم المجتمع الريفى الذى يعتمد أساسا على الزراعة.

وفى العصر العثمانى كانت كل قرية أو حتى مجموعة من القرى تمثل وحدة إدارية مالية، وأطلقت دفاتر الالتزام عليها اسم «مقاطعة»، بينما تذكرها مصادر أخرى كسجلات المحكمة الشرعية، وسجلات اسقاط القرى باسم «ناحية».

ولا نجد فى العصر العثمانى إحصاءات دقيقة حول عدد القرى آنذاك ولكن يقدم كتاب «وصف مصر»–الذى وضعه علماء الحلمة الفرنسية–اجتهادًا محمودًا فى هذا الشأن، إذ قدر بعض رجال الإدارة الفرنسية عدد القرى بحوالى 3347 قرية، لكن خريطة وصف مصر، التى رسمها–أيضًا–علماء الحملة الفرنسية تقدم لنا أسماء 3554 قرية.